صفاء فيصل - بي بي سي
كان علي غزة أن تنتظر خمس سنوات كي تنفض غبار الأسى والحصار وتقطف من رياحين الثقافة والفن والأدب من منابعها ولو لأيام، لقد كان لقاءا عاطفيا بالدرجة الأولى مشحونا بالكثير من الشوق والتعطش للموسيقي والإبداع والفكر والعتاب علي أن اللقاء تأخر كثيرا.
في غزة، وجدت احتفالية فلسطين للأدب في عامها الخامس بيتا جديدا عطفا على رام الله وبيرزيت أما الامسية الختامية فتشهدها القاهرة علي مسرح "روابط".
بدأت احتفالية فلسطين للأدب عام الفين وثمانية وأخذت طابع المهرجان الادبي المتنقل بهدف دعم الصلات الثقافية بين الاراضي الفلسطينية والعالم.
وبقيت غزة علي مدى السنوات الخمس الماضية بعيدة المنال منسية في طيات الحصار تاركة في قلب منظميه جرحا. ومع نسمات ربيع الثورات العربية تجدد الأمل في أن يتحقق الحلم وتذهب الاحتفالية لقطاع غزة.
لم يكن الطريق سهلا وحتى اللحظات الاخيرة كان بصيص الامل يراوغ بعد أن ظهرت عقبات اللحظة الاخيرة.فقد تقدمت إدارة المهرجان إلي وزارة الخارجية المصرية بطلب تصريحات سفر للمشاركين في المهرجان حسب الاجراءات الرسمية وتم ابلاغ المنظمين أن الإجراءات لن تستغرق الا عشرة أيام غير أن الانتظار كان ملحا حتى أنهم نظموا وقفة احتجاجية للمطالبة بالإسراع بتحقيق مطالبهم.
وفي الخامس من شهر مايو /آيار الجاري تمكنت القافلة الثقافية من الدخول إلي غزة المحاصرة عن طريق معبر رفح وهي تضم في جنباتها أكثر من ثلاثين من الأدباء والموسيقيين والفنانين من بينهم الشاعر أمين حداد وعمرو عزت وأهداف سويف ونجوان درويش وغادة عبد العال وهيام يارد وخالد الخميسى وفرقة اسكندريلا للغناء الشعبي والمدون المصري علاء عبد الفتاح وغيرهم.
وتقول الروائية والكاتبة المصرية أهداف سويف التي لعبت دور القاطرة في الدفع بهذه القافلة إلي غزة وإحدي المنظمين لها :"إن الرحلة كانت تستأهل كل العناء الذي بذل من أجلها وإن اللقاء كان حافلا وحميما وأن التفاعل مع الجمهور فاق كل التوقعات. حيث اقيمت ندوات وأمسيات وورش عمل مع طلاب من الجامعات والمدارس والمراكز الثقافية في اثنين من مخيمات اللاجئين كما عقد المشاركون في الاحتفالية لقاءات مع الكتاب والمثقفين وقادة المجتمع المدني في غزة.
وبينما شهدت غزة الانشطة الرئيسية هذا العام أبقي المهرجان علي ايقاعه ووجوده في بقية المدن الفلسطينية حيث عقدت الكاتبتان البريطانيتان ريتشيل هولمز وبي رولات ورش عمل للكتابة في بيرزيت بالاشتراك مع "ورشة فلسطين للكتابة" بعدها انضمت الكاتبتان إلي مايا أبو الحيات وعبد الرحيم الشيخ وعماء الصيرفي في مركز خليل السكاكيني في رام الله.
وتقول أهداف سويف إن القافلة الثقافية عادت بالكثير من الافكار من غزة وأشارت إلي أنها لمست عتابا رقيقا من أهل غزة علي المنظمات الاهلية ورموز المجتمع المدني العربي لأنها لم تمد يديها إليها من قبل وتركتها فريسة لحصار ظالم سنوات طويلة، لكنها قالت لبي بي سي إنهم علي استعداد لتصويب الخطأ الان مدفوعين بالثقة في غد عربي أفضل.
وفي هذا الاطار أطلق المهرجان هذا موقعه الالكتروني الجديد باللغتين العربية والانجليزية وتم تطويره بدعم من لجنة الفنون في بريطانيا.
ويعني الموقع بعرض الأصوات الأدبية الجديدة في الأراضي الفلسطينية إضافة إلي توفير مساحات علي شبكة الانترنت للتحليل والنقد وتبادل الآراء والخبرات بين الكتاب الشباب والمؤلفين الاكثر خبرة ورسوخا علي الساحة الادبية.
لأشك أن هذا المهرجان الادبي حقق الكثير مما عجز الساسة علي تحقيقه من كسر الحصار علي غزة والتواصل معها وبث روح جديدة في عروقها لكي تصدق بحق مقولة المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد في ضرورة مواجهة ثقافة القوة بقوة الثقافة.