العرب أونلاين- سعيد فرحات
ليبيا كانت بلدا بلا نجومية غير نجومية القذافي. لكن بعد رحيله تحولت إلى مرحلة جديدة من الإبداع ويرى العديد من المبدعين الليبيين أن ليبيا سوف تستعيد مكانتها الإبداعية والثقافية خلال فترة وجيزة. "العرب " التقت عددا من الكتاب والأدباء الليبيين لتحاورهم حول رؤيتهم لليبيا الجديدة والمشهد الثقافي بعد رحيل القذافي.
محمد أحمد وريث: القذافي كان المثقف الأوحد
الأديب محمد أحمد وريث، رئيس مجمع اللغة العربية، يقول:" لقد عانى المشهد الثقافي الليبي من القهر والظلم والاستعباد طوال سنوات حكم القذافي، لكن اليوم على المبدعين والمثقفين تحمل مسؤولياتهم من أجل استعادة مكانة ليبيا الإبداعية التي كانت تعرف خلال فترة الستينات. القذافي حرم الجميع من حرية التعبيروالكتابة. من لم يمجده كان مصيره المعتقل، لقد اختزل ليبيا في شخصه من كافة النواحي، وجعل نفسه الكاتب والأديب والمبدع والفنان والروائي الأوحد ليس في ليبيا فقط بل في أفريقيا.
ويضيف وريث: أن المشهد الثقافي اليوم يختلف كثيرا جدا عن الأمس حيث الحرية الفكرية لكافة المثقفين والمبدعين وهذا ما كان مفقودا من قبل. ليبيا سوف تكون مركزا للإشعاع الفكرى والثقافي والشعري في فترة وجيزة وسيثبت المثقفون الليبيون أنهم ليسوا بقلة أو أقل من إخوانهم المبدعين العرب في المشرق أوالمغرب، وسيساهم المفكرون الليبيون في كافة الأنشطة الأدبية والثقافية، وستشهد الساحة الأدبية في ليبيا ازدهارا غير مسبوق.
أحمد إبراهيم الفقيه: مازلنا في مرحلة انتقالية
الكاتب والأديب الليبيي أحمد إبراهيم الفقية يرى أن المشهد الثقافى مازال في مرحلة انتقالية، مرحلة التحول .مرحلة تأسيس كيانات جديدة بديلة. يقول الفقيه:" لاشك أن القذافي كان جدارا عازلا أمام الإبداع والحرية والثقافة، وكان يشن حربا علنية ضد الفكروالثقافة وضد كل مجالات الإبداع من مسرح وشعر ورواية وقصة وغيرها من شتى أنواع الفنون. كان القذافي يقول دائما لا للنجومية في ليبيا، لا نجومية في الجماهيرية. ماذا يعني ذلك؟ هذا يعنى أنه لا يوجد إبداع ولا فكر ولا مفكرين. القذافى كان يريد مجتمعا متخلفا ليس فيه تميّز أو تفوّق. لم يكن هناك مجال للإبداع في جماهيرية القذافي".
ويستطرد الفقيه قائلا:"ليبيا اليوم بعد رحيل القذافى تعيش حالة من الصحوة الإبداعية في شتى المجالات وخاصة النواحي الفكرية والإبداعية. ليبيا حضارة آلاف السنين، بها تاريخ ومفكرون ونوابغ تؤهل لأن تكون ليبيا الحديثة مركز إشعاع فني وفكري وأدبي في منطقة شمال أفريقيا والمغرب العربي .
لا ننكر أن في أيام القذافي تحققت إنجازات على المستوى الفكري والثقافي، لكن كانت الأعمال نوعا من التحدى لمعطيات البيئة، نوعا من التحدي للاستبداد وللطغيان وللنظرة القاصرة، للإجرامية التى كان يعامل بها القذافي المبدعين والمفكرين.
انتصرت ليبيا الإبداع، انتصرت ليبيا والليبيون، لأن الإبداع باق والأسماء زائلة. لكنّ هناك مبدعين ورغم أنهم عاشوا تحت تعنّت القذافي استطاعوا أن يبدعوا أمثال عبد الله القويري وخليفة التليسي وعلي صدقي عبد القادر وبشير الهاشمي وغيرهم من المبدعين في شتى أنواع الفنون. هؤلاء أثبتوا أن ليبيا قادرة على الإبداع رغم الظلام والقهر والكثير من الذين دخلوا السجون وعاشوا الألم والمعاناة أبدعوا وكتبوا وعبّروا عن آرائهم.
عبد الرحمان هابيل: ليبيا تسعى إلى استعادة دورها
يشير عبد الرحمن هابيل، وزير الثقافة والمجتمع المدني في ليبيا، إلى أن ليبيا تقف الآن على مرحلة جدية في شتى المجالات، وخاصة الإبداعية منها بعد حرمان سنوات من الحرية ، ويؤكد أن ليبيا سوف تتبوأ مكانتها السياسية والاقتصادية والثقافية خلال المرحلة الحالية، وهي مرحلة نفض الغبار عن سنوات الظلام. الجميع يستعيد دوره في المجتمع، المثقفون والمبدعون والكتاب والشعراء .
ليبيا الجديدة الآن تسعى إلى استعادة مركزها في الساحة الثقافية، وسيكون لها وللمثقف والمبدعين أدوار كبيرة في المرحلة المقبلة، وستشهد ليبيا العديد من النشاطات الثقافية والأدبية العربية والعالمية.
فليبيا بعد الحرب والثورة بدأت بخطوات جادة وحثيثة نحو الإعمار، ونحن الآن في مرحلة تشييد جديدة، والمثقف لابد أن يكون له دوره الكبير في ذلك.
وأكد وزير الثقافة الليبي على أنهم بصدد تنفيذ خطة طويلة المدى لعودة ليبيا لدورها الثقافي عربيا ودوليا، مضيفا:"نحن نحرص على تعويض ما فاتنا بعد 40 عاما من التهميش ألقت بظلالها على المثقف الليبي، وعانى المثقفون الليبيون خلالها التهميش والاضطهاد، لكن شيئا فشيئا بدأت الأمورتتغي".
مريم سلامة: ليبيا جميلة رغم الجراح
الشاعرة مريم سلامة تقول عن المشهد الثقافي فى ليبيا بعد رحيل القذافي:"أجمل ما في ليبيا اليوم، بعد رحيل القذافي هو هذا البراح الذى نراه من الحرية والبراح من الطمأنينة، رغم كل شيء، رغم الجراح ورغم الشهداء والتضحيات التى قدمت من أجل التحرّر من الظلم والقهر والاستعباد طوال سنوات لكافة أطياف المجتمع الليبي، وعلى رأسهم المبدعون والكتاب الذين هم رسل الحضارة .
في ليبيا اليوم تشعر أنك إنسان لك كيان، لك مساحة تنطلق فيها دون خوف دون قيود، دون إشارات حمراء أو عراقيل، نقول أن نشعل شمعة في هذا العهد الجديد خير من أن نلعن ظلمة العهد البائد. لماذا؟ لأننا بحاجة إلى الجهد والقدرة على العمل والعطاء والتألق وليبيا الآن بحاجة إلى البناء فى كل لحظة، ضاع من ليبيا الكثير والكثير وكفانا مضيعة للوقت.عقود مرت من الجفاف الإبداعي والفراغ واليأس، والسبب تعنت وعنجهية القذافي الذي كان لا يريد أي إبداع ولا أي تطور ثقافي. أراد طمس هوية ليبيا الإبداعية والثقافية.
ليبيا العهد الجديد، أكيد ستكون أفضل لأنها تحتوي على مساحة من الحرية والإبداع في شتى أنواع المعرفة. نطمح إلى مستقبل مشرق، والمشهد الثقافي في ليبيا يسير إلى الأمام لأن المبدع لا يحتاح إلا للحرية، وهو ما كان مفقودا أيام القذافي، واليوم هو موجود من خلال مساحة واسعة.
فريال بشير الدالي: المشهد الثقافي بدأ ينسلخ عن عبوديته
تقول الشاعرة فريال بشير الدالي:"المشهد الثقافي بعد رحيل القذافي فى ليبيا بدأ ينسلخ عن ثوب العبودية وثوب تلون النهج الايديولجى الذي كان عليه أيام القذافي. الآن فى ليبيا الجديدة صارالمثقفون والكتاب والشعراء والفنانون التشكليون يظهرون على حقيقتهم، صاروا يعبرون عن حاجاتهم بطريقة صريحة جدا دون أيّ مواربة".
وتضيف الدالي قائلة: "بدأ كافة المهتمين بالأدب والثقافة يلتفون حول فكرتهم بشكل مباشر، والمشهد الثقافي الليبي في هذا الوقت القصير والقياسي يعتبر ممتازا وينمو بشكل جيد، كما بدأت عديد الأنشطة الثقافية على الساحة الليبية بالظهور، أيضا صار المثقفون يحتفون بالعديد من المحافل الثقافية، كنا نجهلها أحيانا ونهملها أحيانا أخرى من أجل القذافي. أما الآن فالمثقفون الليبيون باتوا يحتفلون كلا على طبيعته، فبالأمس القريب أقيم مهرجان عالمي للشعر في ليبيا شارك فيه العديد من الأدباء والمثقفين من شتى بقاع الدنيا، وخلال الفترة القصيرة بعد رحيل القذافى قمنا بالعديد من الأنشطة المهمة الثقافية، وشارك الأدباء والمثقفون الليبيون فى العديد من النشاطات الخارجية، منها معرض الكتاب في القاهرة وليبيا كانت ضيفة الشرف. المشهد الثقافي الليبي يتعافى تدريجيا في الوقت الراهن مما أصابه خلال سنوات القهر للكتاب والمثقفي.