الحديث عن هوية المسرح المغربي اليوم، هو حديث الضرورة والأولوية، لأنه حديث سيفرز الكثير من الآراء التي قد تكون سلبية أو إيجابية.
كتب ـ عزيز العرباوي
أين تتجلى هوية المسرح المغربي اليوم؟ وكيف السبيل في الوصول إلى الإجابة عن هذا السؤال المؤرق، والذي أصبح بمثابة ذلك المرض المزمن في جسد الثقافة والفن المغربيين، وذلك عبر مسارات ثقافية تجهل المسرح بكل تجلياته وتداخلاته المتعددة في الساحة الثقافية المغربية؟
إن الحديث عن هوية المسرح المغربي اليوم، هو حديث الضرورة والأولوية، لأنه حديث سيفرز الكثير من الآراء التي قد تكون سلبية أو إيجابية، وقد تأتي بالجديد في مجال تحديد الهوية المسرحية أو لا تفعل، وبالتالي خلق حالة ثقافية تجتهد فيها آراء النقاد والفنانين والمبدعين لإيجاد حل لوضعية المسرح المغربي الذي أصبح يتخبط في مستنقع البذاءة والرداءة والتقليد والتخلف المسرحية.
ولعل اشتغال العديد من المبدعين المسرحيين اليوم في المغرب على نصوص مسرحية جديدة نسبيا في الأسلوب والحبكة والإخراج لكنها بعيدة كل البعد عن التجديد في المواضيع المطروقة، يبقى اشتغالا قاصرا وناقصا بحكم العدد الضعيف من الإنتاجات المسرحية، وبحكم العرض المحدود لها في ربوع الوطن وتقديمها للمتتبع والجمهور التواق إلى مشاهدة مسرحيات جديدة تستفز ملكته النقدية وقناعاته السياسية والفكرية للمشاركة في بناء مسرح مغربي يحمي هويته الوطنية والقيمية والثقافية والاجتماعية.
إن الاقتصار على التراث في المسرح المغربي والرفع من وتيرة الإنتاج المسرحي ضمن هذه المقاربة لا يخدم قضية المسرح عموما. قد يكون التراث واستلهامه فنيا ومسرحيا مفيدا للمجتمع، ولكنه غير كاف للدفع بالمسرح المغربي إلى التميز عربيا وعالميا. إن المجتمع المغربي غني بثقافاته وتراثه وتقاليده المتوارثة وإنه مجتمع متحرك سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، وهذا كله يدعو إلى إبداع مسرحيات جديدة قادرة على تغيير كل الأنماط الحياتية وتصحيح الاعوجاج فيها. لأن المسرح حياة ومدرسة فيها يتعلم المرء الصواب.
هوية المسرح المغربي تنطلق من هذه الأمور وتبني ثقافة جديدة مسرحيا يكون فيها الموضوع الوطني والمحلي والجهوي هو المهيمن، لا مواضيع غريبة عنه باسم شعارات الكونية والتواصل العالمي والتطور المعرفي وغيرها من الشعارات التي لا يمكن التطرق لها ومقاربتها إلا بعد الإشباع المحلي والوطني والقومي.