مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -3-

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -3- Empty
مُساهمةموضوع: برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -3-   برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -3- I_icon_minitimeالجمعة مارس 30, 2012 12:11 am



عبد الرحمن بن زيدان - باحث وناقد مسرحي من المغرب

المسرح في مواجهة العتمات العنصرية

لقد سار هذا المسرح مع اختلاف لغاته، وبتعدد علاماته، وبعمق معاناته، انتماء إلى الموقف الإنساني الذي يمج مظاهر العنصرية، ويشجب الميز العنصري، ويحرض على الخروج من عتمات الإيديولوجيات الديكتاتورية ليكون بعده الإنساني راسخا بمكونات مختلفة هي جامع كل الفنون التي تصوغ جوهره الإنساني بمتعة الأدبي في النص الدرامي، وببهاء العرض وجمالياته في زمن اللقاء الحي بين الركح والمتلقي.
لقد أصبح المسرح ذا بعد إنساني ينوب عن غياب ما هو إنساني في الواقع ليكتبه في زمانه الإبداعي بجوهر إنساني يخترق به الحدود، ويكسر الموانع، ويكسر عسر تشكيل واقعه التراجيدي بمهارات متجددة يسهل بها قراءة العالم، وفهم جوانية الإنسان، وذاكرته، وتاريخه، وتعبده، وإيمانه، وشكّه، وأسئلته الوجودية.

هكذا يكتب المسرح حياته بالتحدي وهو يصوغ عوالمه بتجديد علاماته، أثناء تطويع خطابه لخصوصيات المسرح ليكون جنسا أدبيا وفنيا منفتحا على كل الفنون التي تسعفه ، وتساعده على التغيير، وتيسر له إبلاغ خطابه، وتواصله مع العالم، وهو كلما شكل تجربة مسرحية في مسرحه بهذه الكتابة، أو شكل تيارا تجريبيا فيه، أو كتب سؤالا حول نظرية من نظريات مسيراته إلا ويبدأ معه المسرحيون في إثبات معاني العلامات، والدلالات، ويشرعون في الكشف عن درامية المكتوب لتيسير مسرحة المتحول وفق مسرحة الكتابة بالمرجعيات والمصادر التي تذوب في التخييل، أو أن هذا التخييل يدخل في لعبة النفي والإثبات، القبول والرفض، إمعانا في تأسيس الرؤية التراجيدية للعالم بالثقافات المتحاورة، والأفكار المتفاعلة، مما أعطى ويعطي ـ دوما ـ نظريات عديدة حول المسرح كلها تسعى إلى التعامل بشاعرية شفيفة مع الأحياز التي تكون فراغا محايدا، بدون معنى، لكنه يصير ذا معنى يبعث الحيوية والحياة في وحشة الفضاء الذي يصير رحما تولد منه شعريات ودرامية الدراما.

جغرافيا توجد في العالم قارات تحكمها خصوصياتها الجغرافية، وتصبغ على إنسانها صفات الانتماء إلى المكان، وتصبغ عليه كل ألوان المكان، وتحدد له ما يفكر به، وما يتطلع إلى تحقيقه، وتمده بالقوة التي يصنع بها قدره في مجتمعه، وتكسبه المهارات التي يخلق بها كل المظاهر الحياتية التي لا تقبل التغيير، ولا ترضى بتغيير الثوابت، لكن حين يحكم الخلل هذه القارات، اقتصاديا، واجتماعيا، ونفسيا، وثقافيا، ويدخل على خط الفهم فعل الكتابة، فإن الإبداع يصير بحثا عن الثوابت المشتركة بين الثقافات، والشعوب ويصبح موضوع المسرح هو سؤاله المتجدد بسؤال: كم من الحضارات في هذه الجغرافات دمرت بآسم الديمقراطية، وكم من المدن انحرقت بشهوة تلذذية أنانية أشبعت سادية من أحرقها، وكم من الشعوب تشردت بآسم الأفكار الكاذبة، والبهتان الإيديولوجي الذي كانت مصلحته فوق مصلحة الجميع، به تستغل الجميع، وبه تستنزف الجميع، وكم من الدكتاتوريات تحالفت مع دمارها الداخلي لتدمير ما تبقى في العالم من ألفة و بهاء، وكم من الحضارات بادت، ودرست بقوة الظلم والطغيان، والبطش، والقتل على الهوية، أو القتل بسبب الاختلاف في الرأي، أوالاختلاف في المعتقد، أو الاختلاف حتى في حالات الصمت، وكم من جحافل هذه الدكتاتوريات عدلت من وسائل الدمار، وطورتها بآسم التقدم العلمي والتكنولوجي لتسخره لإبادة أكبر عدد من الأبرياء بقوة جديدة تسهّل الاستيلاء على القارات الخمس التي بدأت في عرف المتجبرين تنتمي إلى قرية واحدة صغيرة يجب أن تكون تحت سيطرتها بعد أن لم تعد تعرف الحدود بين أمصارها، وثقافاتها، هذه السيطرة التي صارت لا تعترف إلا بالعولمة الجديدة الرامية إلى بناء العالم الحر، التي هندست خرائطه الربيعية أو الخريفية أو الصيفية لشعوب هذه القارات بالعنف الذي قلب موازين العلاقات بين الشعوب، والأنظمة، والثقافات، فضاعت الكثير من هذه الشعوب في فوضى التغيير المزعوم الذي سمي ـ إيديولوجيا وسياسيا وعسكريا وحتى اقتصاديا من أجل إعادة إعمار ما تم تخريبه ـ بالفوضى المنظمة.

لكن هذه القارات كثيرا ما تتخذ جغرافيات لا حصر لها ولا حدود، خصوصا عندما يكون الأدب، والفنون، وأشكال التغيير، والتعبير كتابة عن خلل العالم تبدأ حياتها من المحدد وتتوخى الوصول إلى المطلق، وتبدأ من جواب الكائن، وتبحث عن كل سؤال تكسر به ثبات الحالات، والأوضاع، والقلق، لمعرفة خلفيات هذه الفوضى ، ومعرفة أسرار هذا المنظم.

الجغرافيات هنا تصير أحيازا تحتوي على ما يفكر فيه إنسان هذه القارات بما يكتب، وبما يقدم من فنون استعراضية، وتراث محكي، واحتفالات في الساحات والميادين، تؤكد على وجوده بما هو موجود، وبما هو غير موجود، ولعل أقوى اللحظات التي تعطي للأدب وللفنون أدبيتهما هو أن العديد من التجارب التي سكنها هذا الجوهر الإنساني قد انتقلت من محليتها المغلقة لتصير ملكا إنسانيا للبشرية، لأنها لامست هذا الجوهر بأسئلتها الوجودية ، واختفت معها جنسية الانتماء إلى هذه القارات، أو الانتماء إلى هذه الجغرافيات المكانية لتنتسب ـ بقوة الإبداع ـ إلى العالم المشترك الذي ينضوي تحت لوائه كل من كتب جوهر الإنسان، وجوهر العالم في هذا المسرح، وفي فضاءاته.


,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -3-
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -2-
» برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -4-
» برؤيته التراجيدية يعيش المسرح دوما بجوهره الإنساني -1-
» في بكاء المسرح التونسي
» المسرح المغربي وسؤال الهوية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ثقافــــة وفنـــــون-
انتقل الى: