عبد الكبير الميناوي / مراكش
يرى عدد من المهتمين والعارفين بتاريخ مراكش أن الفضل الكبير في خيار التوجه السياحي للمدينة الحمراء ساهم فيه، بشكل خاص، تاريخها الذي يشهد عليه عدد لا يكاد يحصى من البنايات الأثرية التي توفر للسائح فرصة التعرف على حضارة تختصر جانبا كبيرا من تاريخ البلد، وذلك ضمن جغرافية وفرت للمدينة ونواحيها طقسا فريدا من نوعه، ومسارات سياحية ظلت تربطها بالصحراء وجبال الأطلس والمحيط الأطلسي.
وإلى جانب عشاق شمس مراكش، الذين يقتلون ساعات النهار في السباحة في المسابح أو التجول بين الأزقة والساحات، يختار عدد من السياح زيارة متاحف المدينة وبناياتها الأثرية.. بعضهم يأتي وفي مفكرته مجموعة من العناوين، تقوده إلى «القبة المرابطية» و«متحف مراكش» و«المتحف الأمازيغي» و«متحف النخيل» و«مدرسة بن يوسف» و«دار بلارج» و«متحف دار السي سعيد» و«قصر البديع»، وغيرها. كما تستهوي نسبة مهمة من السياح خضرة المدينة الحمراء، فيزورون حدائق «المنارة» و«ماجوريل» و«أكدال»، و«عرصة مولاي عبد السلام»، وغيرها، وفي ختام زيارتهم تجدهم مقتنعين بأنهم لم يزوروا مدينة لقبت بالحمراء، بل مدينة يتعين تسميتها بـ«الخضراء».
ويضرب أبناء وزوار المدينة الحمراء موعدا يوميا بساحة جامع الفنا، حيث الفرجة تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل، تبدو غالبية زوار المتاحف والبنايات الأثرية من السياح الأجانب، ولا تنقطع زياراتهم طوال السنة. وقال محمد الحسناوي، وهو أحد المسؤولين عن «متحف مراكش»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «نسبة المغاربة الذين يزورون المتحف لا تتجاوز 1 في المائة، أما العرب فإن نسبتهم لا تتجاوز 1 في الألف». والمفارقة، يضيف الحسناوي، أن «المغاربة المقيمين في الخارج، الذين يزورون المتحف، يقومون بذلك باقتراح من الأجانب، أبناء بلاد المهجر، ممن سبق لهم أن زاروا مراكش!».
وإذا كانت بعض الأسواق والبنايات الأثرية، في مراكش، متاحف في حد ذاتها، نظرا لقيمتها التاريخية والحضارية، من قبيل «مدرسة بن يوسف» و«القبة المرابطية» و«قصر البديع» و«دار بلارج» وسوق «السمارين»، فإن المتاحف الكثيرة والمتنوعة في توجهاتها، التي توجد بالمدينة، تقترح معروضات وتحفا من ماضي وحاضر المدينة والبلد.
«متحف مراكش».. قصر وزير الدفاع: الوصول إلى «متحف مراكش» غالبا ما يتم عبر الأزقة الملتوية التي قد تنطلق بك من ساحة جامع الفنا. ويوجد بجوار المتحف عدد من البنايات الأثرية، مثل «القبة المرابطية» و«مدرسة بن يوسف» و«دار بلارج».
ويعود تاريخ البناية إلى القرن التاسع عشر، وكان شيدها المهدي المنبهي، وزير الدفاع في عهد السلطان مولاي عبد العزيز (1894 – 1908). وكان المنبهي قد عمل، بداية من عام 1901 سفيرا للمغرب لدى كل من ألمانيا وإنجلترا، قبل أن يقود في عام 1903 حملات المخزن (الحكم) ضد الثائر «بوحمارة»، لكن فشله في مهمته أفقده مكانته وحظوته لدى السلطان، وحين غادر مراكش في اتجاه طنجة، التي مات بها عام 1941، تحول القصر إلى ملكية صهره التهامي الكلاوي، باشا مراكش الشهير. وبعد استقلال المغرب، عام 1956، تحول القصر إلى ملكية الدولة المغربية، حيث احتضن أول مدرسة للبنات بالمدينة. لكن القصر، نظرا لعدم الاعتناء به، فقد توهجه، لتغلق أبوابه سنوات طويلة، حتى جاءت لحظة تحويله إلى متحف.
,