عبد الكبير الميناوي / مراكش
وشيد قصر المنبهي على نمط البنايات الحضرية المغربية على مساحة 2000 متر مربع، وكانت تنتظم غرفه الأربع حول صحن مكشوف، فضلا عن أنه كان يضم حماما تقليديا ودويرية وإسطبلا. وكان الفناء الرئيسي للقصر، في الأصل، فضاء مفتوحا يضم أشجارا مثمرة تنتظم حولها غرفه الأربع، بينها غرفتان متقابلتان، بينما كانت الأشكال المتنوعة من زليج وجبس وخشب تعكس أصالة وفتنة الفن المعماري المغربي الخالص. ومع تحويل القصر إلى متحف، تمت تغطية الصحن المكشوف وزين بثريا كبيرة يبلغ وزنها 1200 كيلوغرام.
وإذا كان الحمام التقليدي يؤرخ لجزء من أسرار البيوت والقصور والمساكن المغربية في ما سبق من تاريخ البلد، فإن الدويرية تتميز بأنها كانت تضم مطابخ القصر. ويقوم المتحف في شكله وهندسته على بهو ومقهى ومكتبة تنفتح على باب تتصدره لوحة رخامية تؤرخ لتاريخ افتتاح المتحف، مع صورة تفصح عما بالداخل من روعة وجمال ونقوش وألوان. ومع أولى خطواته، عند مدخل المتحف مباشرة، تواجه الزائر عبارة باللغة الفرنسية تقول: «الثقافة، الموسيقى.. كلها أشياء تمدنا بشيء من السعادة، تماما كما قال فولتير: قررت أن أكون سعيدا لأن ذلك شيء جيد بالنسبة لصحتنا الجسدية والنفسية». وبعد أن يجد الزائر نفسه مأخوذا بما يؤرخ للفروسية العربية، من خلال بندقية تقليدية وسرج تقليدي بخيوط ذهبية وفضية يعود تاريخهما إلى نهاية القرن التاسع عشر، سيكون عليه أن يتهيأ لساعات من التيه بين تفاصيل معروضات المتحف وروعة المكان.
وحتى يأخذ الزائر فرصته كاملة في الجمع بين بهاء المشاهدة ومضمون ما يعرض تقترح عليه جدادات تعريفية خاصة، يتعرف من خلالها على تاريخ وشكل كل لون فني معروض. والواقع أن «متحف مراكش»، قبل أن يكون فضاء لعرض التحف، هو، في الأصل وواقع الحال، معرض مستقل في حد ذاته، حيث نجول مع زخرفة وألوان تنقلنا لثقافة تعرف بالصانع التقليدي والفن المغربي، ويمكن القول إنه لوحة رسمت حيطانا وجبسا وخشبا خلال القرن التاسع عشر.
متحف «دار السي سعيد».. نموذج للمنازل التقليدية الفاخرة بمراكش: هو من المنازل التقليدية الفاخرة بالمدينة. يعود تاريخ بنائه إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتحيل تسميته على سعيد بن موسى، الذي كان وزيرا للدفاع في عهد السلطان المولى عبد العزيز (1894 – 1908).
ومنذ عام 1900، سنة وفاة صاحبها، وظفت الدار لعدة أغراض، بينها تحويلها، سنة 1914، إلى مقر لسكنى حاكم منطقة مراكش، قبل أن تفوت في عام 1930 للإدارة العامة للتهذيب العمومي والفنون الجميلة والآثار. وفي عام 1957، قسمت الدار إلى قسمين، قسم يضم الصناعة التقليدية وقسم يضم أروقة المتحف، وهو المتكون من الرياض الكبير بقاعاته الأربع الكبرى والرياض الصغير والطابق العلوي. ويمثل هذا القسم بمكوناته المعمارية شاهدا على فن العمارة الخاص بالدور السكنية لفترة ما قبل وبداية القرن العشرين. وعرفت بناية المتحف بين 1978 و1980، ترميمات وإصلاحات كبرى، كما تمت إعادة النظر في المجموعات المتحفية المعروضة.
وتنتمي المجموعات المتحفية، التي يضمها المتحف إلى مدينة مراكش ومناطق الجنوب، خاصة مناطق تانسيفت وسوس والأطلسين الكبير والصغير وتافيلالت. وهي تضم مجموعات خشبية ومصنوعات من الحلي والفخار والخزف والأسلحة التقليدية والمنسوجات وبعض اللقى الأثرية، كما هو الحال بالنسبة لحوض المرمر الذي يرجع تاريخه للقرن الحادي عشر الميلادي.
«متحف فن العيش».. أزياء وعطور وحدائق: فتح «متحف فن العيش» أبوابه قبل أقل من سنتين. واختار، في بداية عروضه، أن يبرمج معرضا تحت عنوان «زمن القفطان»، للتعريف بتاريخ هذا اللباس وتنوعه، وكذا الاحتفاء بالصناع الذين تناقلوا وحافظوا على أشكاله ومضامينه، وتقريب تاريخ هذا اللباس وتنوعه إلى زوار المدينة الحمراء. ويقترح المتحف، الذي يوجد في عمق المدينة القديمة، معارض متخصصة تشمل «فن الحدائق» و«العطور»، أو غيرهما من المواضيع ذات الصلة بفن العيش المغربي.
وتكتمل وتتكامل أهمية المتحف ومعارضه مع الفضاء الذي يحتضنها، حيث يكون بإمكان الزائر أن يدخل البناية التاريخية التي تحتضنه (الرياض)، فيتعرف على خصائصها وهندسة بنائها في نفس لحظة استمتاعه بما يقترح عليه من معروضات.
«المتحف الأمازيغي».. تحفة فنية في قلب حديقة «ماجوريل» شكل افتتاح «المتحف الأمازيغي»، في قلب «حديقة ماجوريل»، حدثا غير مسبوق، في مراكش. وقد صمم لكي يكون مكانا للاحتفاء بالثقافة وفن العيش والتقاليد الأمازيغية في عدد من جهات المغرب. وهو يضم نحو 600 تحفة حول الثقافة الأمازيغية توجد في ملكية بيير بيرجيه، رئيس مؤسسة «بيير بيرجيه إيف سان لوران». وصمم «المتحف الأمازيغي» لكي يحتضن التحف وفق المعايير المتحفية الدولية وشروط التقديم والحفاظ الملائمة، ضمن مساحة 200 متر مربع، وبشكل يعطي نظرة شمولية تظهر جمالية وروعة الثقافة الأمازيغية في المغرب، حيث توجد بطاقات ونصوص للشرح بالعربية والفرنسية والإنجليزية، مع لوحات وصور وأفلام من الأرشيف وبرامج ووثائق سمعية بصرية خاصة بالمتحف، ترافق الزائر في قاعات المتحف الأربع.. وتقدم الأولى لـ«العالم الأمازيغي»، والثانية لمهارات الصناعة التقليدية والأدوات اليومية أو تلك الخاصة بالأعياد والحفلات، بينما تختص الثالثة بالملابس والحلي، والرابعة بالحياكة والنسج والزرابي (السجاد) واللباس والأسلحة والأبواب الخشبية والآلات الموسيقية الأمازيغية. وفوق هذا كله، يقترح المتحف على زواره دخول مكتبة المتحف التي تقدم مجموعة من الكتب المرتبطة بالثقافة الأمازيغية.
متحف «دار تيسكوين».. سفر متخيل على خطى الطرق القديمة للقوافل: من جنوب أوروبا إلى شمالها، لا تعدم القارة العجوز حسها الإنساني الرفيع، عبر قلوب ومشاعر تنقل، في تفاصيلها، عشقا للحياة، ولكل ما يؤثث لها على صعيد العمل الثقافي والإنساني. الهولندي بيرت فلينت هو أحد هؤلاء الذين هاموا بمراكش عشقا ودفئا إنسانيا. وكان التقليد الأندلسي، كما يعاش في المغرب، قد بدا منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي، بالنسبة لفلينت، كما لو أنه نموذج حياة، لذلك قرر الاستقرار في مراكش، في عام 1957. في سنة 1976، اقتنى دارا، اختارها مبنية على الطراز الإسباني الموريسكي، ليجعل منها سكنا خاصا. وفي سنة 1989، تم فتح هذه الدار، في وجه العموم.
تقع دار «تيسكيوين» في عمق المدينة القديمة، ما بين قصر الباهية ومتحف «دار السي سعيد»، وهي تقترح على زوارها، على شكل معروضات موضوعاتية، مجموعة من التحف الفنية، بعد أن كان تم تصميم المعرض لكي يكون على شكل سفر متخيل على خطى الطرق القديمة للقوافل، التي كانت تربط المغرب بدول الساحل. ومن خلال تتبع الخطوات، التي يرسمها المعرض، «يلتقي» الزائر بالناس عبر مختلف مظاهر حياتهم الاجتماعية (أنشطة، أسواق أسبوعية..)، حيث ينشغل كل فرد، على الخصوص، بالصورة التي يرغب في أن ينقلها عن نفسه. وهي الصورة التي يتم تقديمها عبر العناية بالمظهر الجسدي والزينة.
«متحف الاتصالات».. تاريخ الاتصالات في المغرب: يوفر «متحف الاتصالات»، الموجود عند مدخل «عرصة مولاي عبد السلام»، فرصة للزائر للتعرف على تاريخ الاتصالات في المغرب، حيث يخال الزائر نفسه يشاهد تحفا عمرها آلاف السنين، خاصة أن الهاتف الجوال، مثلا، الذي تحول، اليوم، إلى جهاز بحجم أصغر ووزن أقل، يبدو مختلفا، بشكل جذري، عن الهاتف الجوال، كما سوق أول مرة.
وحين يتجول الزائر بين مختلف أشكال الهواتف الثابتة أو الجوالة، المعروضة بالمتحف، لا بد أن يشفق على الطريقة التي كان على الناس أن يهاتفوا بها بعضهم البعض، وعلى من كان يحمل هاتفا جوالا، ويتباهى به كما لو أنه سيد العالم. وربما تساءل الزائر عن شعور من استعمل الهاتف الجوال في بداية الربع الأخير من القرن الماضي، مثلا، لو عاش سنوات قليلة ليشاهد آخر صيحات الهاتف الجوال، التي يمكن للواحد أن يلتقط بها صورا وأفلاما، مع إمكانية الإبحار الإلكتروني، من دون الحديث عن أحجامها الصغيرة وأشكالها المتنوعة، خاصة بعد أن تحول الهاتف، في رأي المفكرين وعلماء الاجتماع، إلى قنبلة تواصلية، انفجرت في مجتمعنا، في السنين الأخيرة، على حين غرة، باستثماراتها المالية الضخمة وشركاتها العملاقة، وحوانيتها المنتشرة كالدود في الدروب والأزقة، وبمظاهرها الاستعراضية المتمثلة في غزو الهاتف الجوال لكل ردهات الفضاء العام.
,