عبد الصمد ارزيقيعلاقة الإنسان بالنخلة قديمة قِدم الحضارة, متينة لا تنفصم عُراها, قائمة على الحب و الاحترام و الإعجاب لأن النخلة تحنو على الإنسان بظلها و تعطيه من ثمرها و حطبها خصوصا الإنسان الصحراوي الذي يعتمد في جل شؤونه على الطبيعة قبل أن توفر له المدنيَّة بعض حاجياته في الوقت الحاضر, لكن من قال إن الإنسان المتحضر لا يحتاج للنخلة؟؟؟
إذا لم نكن نحتاجها اليوم للقوت و الدفء و السكن لوجود بدائل أخرى, فنحن نحتاجها لسكينة نفوسنا المضطربة و لطمأنينة قلوبنا المتعبة و تلبية جزء من حاجتنا الروحية و لهفة أبصارنا للنظر لكل ما هو جميل, وجمال النخلة لا يخطئه القلب و لا البصر و لا الإحساس حتى صارت النخلة مصدر إلهام الشعراء و الفنانين فضلا عن ذكرها في آيات قرآنية و أحاديث نبوية عديدة فهي سيدة المناظر الطبيعية بامتياز.
لكن يبدو أن الجشع قد أعمى أبصار و بصيرة البعض فلم يحترم النخلة و لم يحفظ كرامتها و هي التي واجهت قسوة المناخ و فتك الأمراض فظلت شامخة تناطح السحاب و تهزأ بالزمن, غير أن الإنسان الذي وهبته عطاءها و يفترض فيه دعم صمودها, يبادلها الوفاء غدرا و الكرم جفاءً. فبعض واحات عرب الصباح زيز تشهد حملة مسعورة في حق شجرة النخيل التي يتطلب نموها و استواؤها زمنا طويلا و جهدا جهيدا و صبرا جميلا لا يملكه إلا فلاح أصيل. (لكن الطمع طاعون) –كما يقول المثل المحلي- فقد عمد البعض إلى اجتثاث أشجار النخيل بهدف تسويقها كأشجار زينة في الفنادق الراقية و الإقامات الفخمة بمدن مراكش و أكادير و غيرهما في عميلة اغتيال مُمنهجة لهذه الواحات العريقة التي ارتبط تاريخها بتاريخ منطقة تافيلالت ككل فصارت إحداهما مرادفا للأخرى.
إنها صرخة موجهة لكل المتدخلين في هذا الموضوع من أجل الإسراع لإنقاذ ما يمن إنقاذه, و أعني هنا الوكالة الوطنية لتنمية الواحات, السلطات المحلية لجماعة عرب الصباح زيز, الجهات الأمنية ذات الاختصاص, المندوبيات الجهوية ,الإقليمية و المحلية لوزارة الفلاحة. فهل من مستجيب؟؟؟