البــحرين : التدخل الأجنبي المباشر، هل هي بداية النهاية ؟
15/03/2011
عبد الرحمن القاسمي
ان حصيلة رصد وتتبع مختلف الهبات الشعبية والثورات التي اجتاحت شمال افريقيا والخليج العربي لحد الساعة،أكدت أنها تدور في فلك ثنائي أو ازدواجي.مطالب محددة ومشروعة من قبل الجماهير الشعبية،توازيها طرق متباينة للمعالجة من قبل الأنظمة القائمة.فثمة من رجح القوة والعنف في منطق تعامله مع الجماهير الواسعة،معتقدا أن العنف صالح ومصلح؛فكانت النتيجة السقوط المدوي لممثلي هذا الاتجاه.وعلى العكس من ذلك ثمة من بادر الى قطع الطريق عن احتمالات ممكنة ومن الصعوبة التكهن بنتائجها،فقرر الاصلاح من فوق أو ما يمكن أن نسميه ثورة من أعلى.
واذا كان العقيد معمر القذافي قد فاجأ المتتبعين للأزمة الليبية باعتماده على عناصر أجنبية ( مرتزقة ) درجة ولائها رهينة بما تتقاضاه للتنكيل بالشعب الليبي،فان مملكة البحرين استنجدت بقوات خارجية لاستتباب الأمن وفرض احترام النظام.فغني عن البيان أن مجلس التعاون الخليجي قرر ارسال قوات مقاتلة وأخرى تقدم الدعم الوجيستيكي؛وبالفعل فطلائع قوات درع الجزيرة المشتركة وصلت الى البحرين مما خلف ردود فعل محلية و اقليمية وأخرى دولية فما طبيعتها؟
ان رهن مصير البلاد بالاعتماد على الدعم الخارجي يعبر عن مدى تطور الأزمة البحرينية من جهة وعدم قدرة الجهات الرسمية في ايجاد حل يرضي الأصوات المعارضة من جهة أخرى.فواجب الدولة أن تعترف رأسا بهذا الفشل،وتستقصي اسبابه استقصاء صارما حتى تمهد لاصلاح يلبي طموحات البحرينين.طرحت منذ قليل سؤال عن طبيعة ردود الفعل المتباينة للتدخل الخليجي في مملكة البحرين،هذا التباين تتحكم فيه عوامل دينية وأخرى مرتبطة بالجانب الأمني والسياسي.
بالنسبة للردود المحلية فنميز بين المرحب بهذه القوات ( مناصري النظام القائم ) والمعارض لها ( أغلبية شيعية واقليات ).أما بالنسبة للمواقف الاقليمية فتتمثل في موقف دول الخليج العربي ( خاصة المملكة العربية السعودية والامارات ) والتي دافعت عن التواجد العسكري لها بالمملكة للمساعدة على استتباب الأمن على حد تعبيرها.على أن الموقف الثاني المناقض للأول عبرت عنه وبوضوح دولة ايران التي حدرت من غضب الشعب البحريني وللتصريح المعلن أكثر من رسالة.ان دولة ايران التى امتد تأثير نفوذها الى مجالات لطالما كانت بعيدة عن مجال اشعاعها،لايمكن أن تسمح لهذا التواجد الخليجي أن يحقق أهدافه المسطرة في مملكة اعتبرها البعض من الايرانيين تابعة لهم ( أغلبية شيعية ).ادن فالعداء التاريخي بين المملكة العربية السعودية وايران متجدر ويخشى أن تتحول الساحة البحرينية الى مجال لتصفية الحسابات،خاصة اذا ما وضعنا في الحسبان الأخبار الأولية التي تؤكد سقوط جرحى وقتلى في صفوف الجيش السعودي بعيد هذا التدخل.ان القول بأن الشعب البحريني سيغضب نتيجة التدخل الخليجي هي رسالة قوية كذلك لمن ترى فيهم ايران أتباع أيات الله الخميني وهم كثر بالمناسبة للتحرك الفعلي. فقد اعتبر لاريجاني في كلمة له أمام الجلسة العلنية لمجلس الشورى الإسلامي اليوم الثلاثاء أن زيارة وزير الدفاع الأميركي إلى البحرين و"المواقف الضبابية للدول الأوروبية تكشف السلوك الحقيقي لأميركا والغرب"، وحذرحكام المنطقة من أن "تدخلهم العسكري بتوجيه من أميركا لن يمر دون أن يدفعوا الثمن" وهو تصريح شديد اللهجة يعكس خطورة الموقف.
وعلى صعيد المواقف الدولية، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان عن قلقه من دخول قوات خليجية إلى البحرين، وقال إنه "انزعج من العنف الذي خلف عددا من الجرحى في الأيام القليلة الماضية". وشدد البيان على أن الأمين العام الأممي "يؤمن بشدة بضرورة اعتماد السبل السلمية لضمان الوحدة الوطنية والاستقرار"، داعيا كل المعنيين في البحرين إلى إظهار أقصى درجة من ضبط النفس والقيام بكل ما أمكن للحؤول دون استخدام القوة والمزيد من العنف.
وبالجملة فان مؤشرات الوضع الحالي في مملكة البحرين تبين بجلاء خطورة الوضع الداخلي الذي قد ينفجر وبقوة لايمكن السيطرة عليه نتيجة احتدام التنافس الاقليمي والمواقف المغدية له.ان مصلحة البحرينيين تقتضي الانصات لخطاب العقل الذي يروم الى الاستجابة للمطالب المشروعة بعيدا عن تدويل" المسألة البحرينية" الذي سيدخلها في مسلسل تقهقري رتيب في اتجاه تطور معكوس.