حسن الأشرف ـ الرباط / hespress
كشف عبد الفتاح الفاتحي، الخبير في قضايا الصحراء والشأن المغاربي، عن كون الكثير من المؤشرات تدل على أنه من المتوقع قيام البوليساريو بتدبير مؤامرة عبر انفصالي الداخل للمس بالأمن في الأقاليم الصحراوية، تكون الغاية منها الترويج لأطروحة توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي في الصحراء، وذلك غداة شروع الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون في إعداد تقريره حول الصحراء، المزمع تقديمه في أبريل المقبل، وعلى ضوئه يتحدد وضع بعثة مراقبة وقف إطلاق النار في الصحراء.
ولفت الفاتحي، في حديث مع هسبريس، إلى أن هناك مؤشرات على هذه المؤامرة، منها أن استراتيجية البوليساريو المعلنة في توصيات مؤتمرها 13 تقوم على دعم ما تسميه بـ"انتفاضة" الداخل، وقد شرعت فعليا في تنفيذ هذا المخطط الممنهج، عشية تسريب وثيقة توصي بتقديم أموال إلى عدد من انفصالي الداخل للعمل على تنفيذ خططها القاضية بتحريك وتأجيج الشارع الصحراوي لإثارة الرأي العام الدولي، وبالتالي الإقرار بتوصية صلاحية بعثة المينورسو.
وأوضح الخبير المغربي بأن جبهة البوليساريو لا تعلق أي أمل على الاجتماع التاسع من المفاوضات غير الرسمية في مارس المقبل، ولكنها قد ترى في ذلك استغلالا لحسن نية الدبلوماسية المغربية بعد انعقاد اجتماع وزراء خارجية المغرب العربي، وبعد التقارب الجزائري المغربي لتسجل على الدبلوماسية المغربية ضربات قاسية ومؤذية، ومنها أن تعمل الجبهة على تنفيذ مخطط لقيادة عصيان مدني شعبي في الأقاليم الجنوبية عبر الركوب على المطالب الاجتماعية والاقتصادية لساكنة الصحراء، والترويج لها على أنها مطالب سياسية تطالب بالانفصال عن المغرب.
واسترسل الفاتحي قائلا "الحق أن الرؤية السياسية والدبلوماسية لجبهة البوليساريو وبمساعدة الدبلوماسية الجزائرية تروم مواصلة التحرك في اتجاه المس بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وذلك من خلال التحرك لعدم تجدد اتفاقية الصيد البحري واتفاقية الفلاحة بين المغرب والاتحاد الأوربي بدعوى أنها تشمل التراب الصحراوي، إلا أن هذه المحاولات فشلت".
وأفاد الفاتحي بأن جبهة البوليساريو تحاول إعادة سيناريو مخيم "اكديم ازيك" في محاولة منها لإفشال الجولة التاسعة من المفاوضات غير الرسمية تحت إشراف الأمم المتحدة؛ ولذلك فهي تعول اليوم على رماد مخيم "اكديم ايزيك" لإشعال فتيل التوتر في الأقاليم الجنوبية والترويج لها على أنها انتفاضة من شأنها توجيه الرأي العام الدولي نحو الأقاليم الجنوبية، وبالتالي استدراج الاهتمام الإعلامي، في أفق تسجيل نقط لصالح موقفها في التقرير الجديد للأمين العام بان كيمون حول الصحراء.
ويأتي هذا التوجه، يُكمل الفاتحي، كأداة فعالة بالنسبة لجبهة البوليساريو، فذلك من جهة تُوَافِقُ استراتيجية الإنهاك في التفاوض التي تعتمدها، ولأن ذلك يمكنها من إفشال المفاوضات التي تشرف عليها الأمم المتحدة دون أن تتحمل أمميا وزر ذلك.
وأبرز المحل السياسي بأن رهانات دبلوماسية الجبهة تتحدد الآن في مواصلة التوظيف السياسي للورقة الحقوقية في قضية الصحراء، وذلك لإقناع الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة المينورسو لتشمل الوضع الحقوقي في الصحراء، خاصة أن الجبهة ترى أنها كانت قد حققت نتائج مهمة في هذا الاتجاه عقب أحداث "مخيم اكديم ايزيك"، حين استطاعت دفع مجلس الأمن إلى عقد جلسة استثنائية لمناقشة الوضع في الصحراء، وتحركت حينها مع الجزائر وجنوب إفريقيا ونظام معمر القدافي لاستصدار توصية إيفاد لجنة تقصي الحقائق دولية إلى الصحراء، إلا أن مساعيها فشلت؛ لكنها نجحت في استصدار ذات التوصية من البرلمان الأوربي وموقف مماثل من البرلمان الإسباني بعد تنسيق مع الأحزاب اليمينية، لا سيما الحزب الشعبي الذي كان في المعارضة آنذاك.
وأكد الفاتحي بأن أولوية أولويات جبهة البوليساريو اليوم ليس الذهاب إلى المفاوضات غير الرسمية بحسن نية، ولكن غايتها الإستراتيجية البحث عن ما تقنع به الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة الوضع الحقوقي، وبالتالي المس برمزية السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.
واستطرد الخبير "خير طريقة للوصول إلى ذلك إثارة الاحتجاجات والركوب على المطالب الاجتماعية، وتسخير عدد من انفصالي الداخل الذين بات تدفع لهم مقابل مادي لنشطاء لاندساس وسط المحتجين، وتصوير ذلك على أنه يتعلق بانتفاضة ذات مطالب سياسية تدعو إلى الاستقلال عن المغرب.
وسجل الفاتحي أن هذا الخيار الأناني للجبهة لم يعد يجد الترحيب من قبل العديد من انفصالي الداخل، لا سيما بعد تسريب وثيقة الدعم المالي الممنوح كتعويضات لعدد من عناصر انفصاليي الداخل، ومنهم "أميناتو حيدر"، بغاية إثارة الاحتجاجات في الأقاليم الصحراوية، وهي الوثيقة التي قد تقسم ظهر بعير انفصاليي الداخل، ومن جهة أخرى لأن جزءا منهم أيضا بات يستهجن "النضال" لتسليم القيادة الرمزية لدكتاتورية تاريخي هو محمد العزيز وقادته، الذين باتوا يعيشون مع أبنائهم في نعيم العواصم العالمية.