أبنــاء المطلقات في المجتمع المغربي..معاناة نفسية واجتماعية
كاتب الموضوع
رسالة
MohMed
عدد المساهمات : 375 تاريخ التسجيل : 02/11/2011
موضوع: أبنــاء المطلقات في المجتمع المغربي..معاناة نفسية واجتماعية الثلاثاء يناير 24, 2012 12:22 am
عبد المغيث جبران
شخصية مهزوزة
يعاني أبناء النساء المطلقات في المجتمع المغربي من العديد من المشاكل والتأثيرات الاجتماعية والنفسية التي تجعل الكثير منهم عرضة إما للانحراف السلوكي أو لحالات عدم الاستقرار، وقد تفضي ببعضهم إلى طلب الموت عن طريق الانتحار جراء نفسياتهم الهشة التي لم تتقبل انفصال الوالدين.
ريان، 10 سنوات حاليا، أحد أبناء الطلاق الذي نتج عن مشاكل أسرية حادة بين أمه ووالدة أبيه انتهت بانفصال الطرفين قبل سنوات قليلة، الشيء الذي تسبب لهذا الطفل في مشاكل تواصلية ونفسية بدأت تظهر شيئا فشيئا مع توالي الأعوام في تصرفاته وسلوكياته اليومية.
بعد الطلاق أصبح الطفل ريان ميالا أكثر إلى الحركية المفرطة أحيانا، وإلى الركون إلى الصمت والشرود أحيانا أخرى حسب الموقف الذي يوجد فيه داخل الأسرة أو في الحي مع أقرانه.
تحكي والدة هذا الطفل أنه غالبا ما يكون عنيفا ومُحبا للحركة والعراك مع زملائه حين يكون في فترة اللعب معهم، ويميل إلى محاولة السيطرة عليهم بشكل عصبي، لكنه حين يتواجد داخل البيت يميل إلى الصمت المطبق كأن له شخصيتان متناقضتان تماما.
وزادت حدة هذه السلوكيات الغريبة، تضيف أم ريان، حين تزوجت برجل آخر حيث صار منزعجا من تواجد رجل غير أبيه في البيت، وكان يعاند أوامره ونصائحه بالانضباط والنظافة كأنه ينتقم منه ومن حضوره.
ويؤكد هذه الحالة زوج أمه أيضا والذي اقتنع بأن الطفل رضا كان يقاومه بطريقة لا شعورية من خلال مساعدته في مراجعة دروسه، فقد كان يرفض أن يملي عليه زوج أمه ما ينبغي فعله، وكان يتحجج دوما بالذهاب إلى المرحاض أو بالمرض أو بالرغبة في النوم عندما كان يهم زوج أمه بالمذاكرة معه.
ولم يجد هذا الأخير حلا لهذه المعضلة التواصلية مع ابن زوجته، فتأثرت نتائج الطفل بشكل سلبي، وصار يحصل على علامات ودرجات متدنية، الأمر الذي ساء الأسرة كلها، فاتفق الزوج مع والدة ريان بأن يأخذ دروسا خصوصية لتعويض ما نقص في دراسته، وأن يكف عن مراقبته اللصيقة له لأنه يعترف بأنه فشل في ذلك تماما.
انحرافات سلوكية
ويعاني أبناء الطلاق من آثار انفصال آبائهم وتحمل نفوسهم ندوب ذلك الفراق ليتحول إلى سلوك منحرف أحيانا، وهي حالة أحد المجرمين الذين اشتهروا في أحد الأحياء الآهلة بالسكان بالرباط، حيث ترعرع في كنف وجو أسري بعيدا عن حنان والديه، فساءت نفسيته ومال أكثر إلى أصدقائه في الشارع ووجد فيهم الرفقة والمساندة، وتعلم من أطفال الشوارع الكثير من الخصال السلبية.
وعندما صار رضوان شابا في عقده الثاني أضحى من اخطر الأشخاص على سلامة أبناء الحي عندما يكون في لا وعيه نتيجة تناوله للمخدرات بشتى أنواعها.
وتسببت له عدوانيته وانحرافاته في العديد من المصادمات مع رجال الأمن وفي دخوله للسجن أكثر من مرة، لكنه كلما غادره إلا عاد إليه لكونه لم يكن يجد الحضن الذي يرعاه أو الشخص الذي ينصحه ويهذب سلوكه، فكان يرى في السجن مأواه الحقيقي الذي يجد فيه ضالته ورفاقه الحقيقيين الذي عاش بعضهم مثل ما عاشه وقاساه من فراق الوالدين.
وما حصل لهذا الشاب تؤكده دراسات نفسية واجتماعية تثبت أن الطلاق قد تمتد آثاره على الفرد إلى مراحل متأخرة من حياته، وتؤثر بشكل سلبي في علاقاته الاجتماعية والعاطفية لاحقاً.
وبينت هذه الدراسات أن الأطفال الأكبر سناً هم أكثر حساسية تجاه المشكلات الزوجية، وما قد ينتج عنها من طلاق نتيجة التوترات والمشكلات اليومية، وبالنسبة إلى هؤلاء الأطفال تظهر مشكلات اجتماعية في الكبر ترتبط بعلاقة خفية مع ما حدث في الماضي عندما عاش الطفل أيام القلق والتوتر في الانفصال.
ولكن ليس الطلاق دائما يفضي إلى عواقب وآثار وخيمة على الطفل، بل أحيانا يكون الطلاق سببا في انعتاقه من أجواء مشحونة غير صحية بالكامل، خاصة إذا كان الأب والأم دائما في شجار وعراك، أو كان أحدهما ذا سلوك منحرف بشكل حاد، حينها قد يكون الانفصال سببا داعما لتطور شخصية الطفل في سنواته المتوسطة، ونقطة تحول أحيانا للنجاح والابتعاد عن الاحتقان والأجواء النفسية المشحونة والموبوءة.
ويزكي هذه الخلاصة الأخصائي النفسي الدكتور محمد الحنشي الذي يعتبر أن بيت الزوجية إن كان قائما على حالة من عدم الاستقرار يوميا من قبيل العنف المسلط من طرف الأب على الأم أو العكس أحيانا، يكون الطلاق في هذه الحالة تحديدا عامل نجاح ونجدة بالنسبة للطفل الذي يتحرر من كل هذه المشاكل الأسرية اليومية.
أبنــاء المطلقات في المجتمع المغربي..معاناة نفسية واجتماعية