العرب أونلاين- زهير دراجي
حذّر خبراء جزائريون من خطورة الاعتماد شبه التام لبلادهم على ريع النفط. وذهب بعضهم حدّ التحذير من مجاعة في حال نفاد المخزون أو حتّى حدوث تطورات تفقد النفط قيمته في السوق العالمية.
ويأتي هذا التحذير الصادر عن منتدى حول "الأمن الغذائي بالجزائر في ظلّ المتغيّرات الاقتصادية العالمية" نظّمه مكتب الاستشارات "إيمرجي"، ونقلت صحيفة "أخبار اليوم" الجزائرية ملخصا عنه.. يأتي أياما بعد اعتراف رئيس الحكومة أحمد أويحي بفشل سياساته الاقتصادية.
والخيارات الاقتصادية في الجزائر محل نقد متواصل من قبل خبراء محليين ودوليين، منهم من يعتبر أن هناك غيابا شبه تام لمنوال تنمية حقيقي في البلد، حيث تتلخص العملية الاقتصادية في "الدرجة الصفر" من الاقتصاد أي بيع المحروقات واستخدام ثمنها في استيراد قائمة لامتناهية من المواد الاستهلاكية تبدأ بالغذاء ولا تنتهي عند التجهيزات الإلكترونية..
ويستدلون على ذلك بأن الاقتصاد الجزائري شبه متوقف عن إحداث مواطن الشغل ما يجعل ظواهر اجتماعية شديدة السوء تنشأ منها البطالة وظاهرة الفقر التي لا تليق ببلد غني مثل الجزائر وتهافت الشباب على الهجرة السرية إلى أوروبا في مغامرات كثيرا ما تنتهي بأصحابها في بطون حيتان البحر المتوسّط.
وحتى الفائض المالي الكبير الذي تحققه الجزائر من تصدير المحروقات "الغاز أساسا" ليس دليل عافية اقتصادية بقدر ما هو دليل على غياب برنامج تنموي تصرف فيه تلك الأموال.
وتبلغ الفوائض المالية للجزائر نهاية هذا العام 205 مليارات دولار ما جعل صندوق النقد الدولي يقترح على الجزائر دعم خزائنه بتلك الفوائض.
وإذ يبدو نفاد النفط تهديدا بعيد المدى نسبيا، إلا أن خبراء يأخذون مسألة تراجع دوره على محمل الجد في ظل ما يصرف في الغرب من أموال طائلة وما يوظف من كفاءات تقنية وعلمية في البحث عن مصادر طاقة بديلة، بدليل أن بعض الدول تحدّد سقوفا عالية لاعتمادها في المدى المتوسط على طاقة الشمس والرياح والأمواج تصل في بعض البلدان إلى حوالي 40 بالمئة من الطاقة الكهربائية المنتجة.
وحذّر خبراء جزائريون شاركوا مؤخرا، بالمنتدى المذكور حول الأمن الغذائي من أن الجزائريين قد "يجدون أنفسهم عاجزين عن ضمان استيراد ما يحتاجونه من غذاء، وهو ما يعرّضهم للموت جوعا ويحتّم عليهم التعجيل بالبحث عن بدائل واقعية لثروة النّفط التي يدركون أنها في طريقها للزوال عاجلا أو آجلا".
وتضاف تحذيرات الخبراء –تذكّر صحيفة أخبار اليوم- إلى تحذيرات سابقة كان أطلقتها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نفسه والذي أبدى أسفه لاعتماد الجزائر بصفة كلّية على تصدير النّفط وعجزها عن بعث صناعة قوية.
كما أن قطاع الزراعة الجزائري يعرف مشاكل هيكلية مستعصية تتعلق بالتمويل وبملكية الأرض ومصادر المياه تجعل هذا القطاع هامشيا، وهو ما أقره فؤاد شحات المسؤول بوزارة الفلاحة الجزائرية الذي أكد أن القطاع يواجه مشكلة العقار وتقسيمه، حيث لا تتعدّى مساحة معظم المستثمرات الفلاحية الهكتار الواحد.
وكان رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي اعترف مؤخرا بفشل السياسة الاقتصادية لبلاده، قائلا في تصريح صحفي "من يعود من المطار ليلاً يصادف في طريقه جيوشاً من الشاحنات المقطورة مصطفة على حافة الطريق تنتظر دورها لنقل الحاويات..هذا مظهر من مظاهر الأزمة التي تعيشها البلاد".
وتابع "كم تمنيت لو كانت هذه الشاحنات تنتظر دورها لإفراغ حمولتها نحو التصدير وليس من أجل الاستيراد.. أنا متألم من الوضع الذي تعيشه البلاد".
والفساد مظهر آخر لأمراض الاقتصاد الجزائري المستعصية حيث أحصي بالبلاد أكثر من 7 آلاف جريمة اقتصادية ومالية في الفترة ما بين نيسان-أبريل 2011 ونيسان-أبريل 2012 متعلقة بمخالفة قوانين الصفقات العمومية والتهريب والرشوة وتهريب السيارات وإصدار شيكات من دون رصيد.