اعتبر الشاعر السوري ادونيس في حديث لمجلة افريك-آزي "افريقيا-آسيا" ان فرنسا خانت مبادئ الثورة الفرنسية بتقديم الدعم لـ"جميع الحركات الأصولية الرجعية" في العالم العربي، يأتي هذا في وقت تشهد فيه المنطقة العربية تغولا كبيرا للتيارات الدينية بفعل الثورات وسيطرتها على وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات الدينية.
وقال ادونيس، الذي يعتبر من اشهر الشعراء العرب الحاليين، "من يراقب السياسة الحالية لفرنسا ازاء العالم العربي يلاحظ انها تخون مبادىء الثورة الفرنسية".
واضاف "بدلا من العمل على دعم التيارات المدنية والديمقراطية والمتعددة القادرة على ارساء اسس ثورة شاملة من شأنها اخراج المجتمعات العربية من تخلف القرون الوسطى الى الحداثة، فان فرنسا وعلى العكس من ذلك تدعم كل الحركات الاصولية الرجعية وتتعاون باسم حقوق الانسان مع الانظمة الاصولية الرجعية".
يشار إلى أن فرنسا تدعم المجلس الوطني للمعارضة السورية الذي يترأسه برهان غليون ويعتبره مراقبون غطاء لهيمنة الإخوان المسلمين الذي استفادوا من علاقتهم بتركيا فكانوا محور "الاتفاقيات" السرية والعلنية لحل الملف السوري.
وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيو الاثنين إن النظام السوري سينهار تحت ثقل الأزمة التي يجب تفادي امتدادها الى الدول المجاورة مثل لبنان.
وقال فابيو في مؤتمر صحفي عقب لقائه بنظيره الألماني جيدو فسترفيله في برلين يجب حث روسيا على تصعيد ضغطها على سوريا.
واضاف ادونيس، الذي يعيش في المنفى "اذا كان الدافع لذلك هو الدفاع عن حقوق الانسان فان الفرص لاثبات ذلك ليست قليلة خصوصا في فلسطين والسودان والعربية السعودية ومجمل دول الخليج، التي لا يوجد حتى دستور لدى بعضها".
وقال ادونيس ايضا "لا احد يستطيع الدفاع عن اي نظام عربي كان. لكن لا ينبغي ايضا اصلاح الشر الذي تمثله هذه الانظمة بشر اخر. هذا تماما ما تفعله فرنسا واوروبا اليوم".
يشار إلى أن الكثير من المثقفين العرب البارزين صفقوا لثورات الربيع العربي ثم بدأ دعمهم لها يتراجع في ظل انحرافها عن الشعارات التي رفعت
.
وهيمن الإسلاميون عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في تونس ومصر، وينافس القيادي الإخواني محمد مرسي يومي 16 و17 يونيو الجاري على جولة الإعادة في الانتخابات المصرية صحبة أحمد شفيق، ويمتلك حظوظا وافرة للفوز بالرئاسة ما يسمح للإخوان بالسيطرة على المؤسسات التشريعية والتنفيذية في البلاد.
وتعيش تونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا، أي البلدان التي عرفت ثورات، على وقع صعود قوي لمجموعات دينية متشددة تعتبر الفن بمختلف أشكاله حراما، وتتظاهر ضد عرض الأفلام في دور السينما أو على شاشات التلفزيون، وتتدخل في أنماط السلوك واللباس.
وخلال الأشهر الأخيرة تعيش تونس على وقع صراع حاد بين السلفيين والعلمانيين، إذ يهاجم المتشددون الحانات ويغلقونها بالقوة، ويهددون النساء في الطرقات، بينما يطالب العلمانيون الحكومة "التي تهيمن عليها حركة النهضة الإسلامية" بأن تتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن مدنية الدولة، لكن الحكومة تتهرب من اتخاذ موقف.
ويبلغ ادونيس الثانية والثمانين من العمر وهو علوي يتحدر من بلدة قصابين في منطقة اللاذقية، انتقل للعيش في لبنان عام 1956 قبل ان يقرر الاقامة في فرنسا عام 1985 حيث عمل استاذا في جامعة السوربون.
وأحدث أدونيس ضجة كبرى حين أعلن خلال زيارته إلى إقليم كردستان العراق آذار 2009 بأن الحضارة العربية دخلت طور الانقراض، وتساءل "لو اجتمع الاميركي والاوروبي والعربي على سبيل المثال على طاولة واحدة ترى ماذا يمكن ان يقدمه العربي؟ لا شيء".
وقوبلت هذه التصريحات بردة فعل قوية بالساحة العربية، وقد اعتبر بعض ناقديه بأنه حاول مجاملة الأكراد ودعم توجههم إلى الانفصال بالسقوط في خطأ تاريخي كبير.
واعتبر آخرون إن أدونيس تعود على تقديم التنازلات ملمحا إلى سعيه المتواصل للحصول على جائزة نوبل وتصريحاته الكثيرة في ذات السياق.