مفهوم الدعم التربوي :
راجت في التجارب و الأدبيات التربوية مجموعة من المفاهيم شكلت ، بهذا القدر أو داك، محاولة لصياغة مفهوم للدعم التربوي، و مثلت من جهة ثانية منطلقات اعتمدت عليها كثير من المقاربات، و الطرائف التي وظفت في تنظيم الدعم.
الدعم هو :
• مجموعة من الوسائل و التقنيات التربوية التي يمكن اتباعها داخل الفصل ﴿ في إطار الوحدات الدراسية﴾، أو خارجه﴿ في إطار المدرسة ككل﴾، لتلافي بعض ما قد يعترض تعلم التلاميذ من صعوبات ﴿عدم فهم- تعثر- تأخر... ﴾ تحول دون إبراز القدرات الحقيقية، و التعبير عن الإمكانات الفعلية الكامنة... ﴿وزارة التربية الوطنية: تكوين معلمي السنة السادسة من التعليم الأساسي 1986﴾.
• استراتيجية من العمليات و الإجراءلت التي تتم في حقول و وضعيات محددة ، و تستهدف الهدف المنشود و النتيجة المحققة. ﴿سلسلة علوم التربية. بيداغوجيا التقويم و الدعم 1991﴾.
• مجموعة من الأنشطة و الوسائل و التقنيات التربوية التي تعمل على تصحيح تعثراث العملية التعليمية التعلمية لتدارك التقص الحاصل في العمليتين، و تقليص الفارق بين الأهداف و النتائج المحصلة ﴿الملتقى التربوي الخاص بوضع المعالم الرئيسية لاستراتيجية الدعم التربوي يوليوز1998﴾.
• مجموعة إجراءات و استراتيجيات تهدف إلى تصحيح ثغرات التعليم و التعلم، من أجل تقليص الفارق بين الأهداف المتوخاة و النتائج الفعلية. ﴿بيداغوجيا التقييم و الدعم،أساليب كشف تعثر التلاميذ و أنشطة الدعم، عبد اللطيف الفاربي و محمد ايت موحى﴾.
•مجموعة من الطرائق و الأدوات و التقنيات الخاصة التي تنتهج داخل الفصل الدراسي عبر الوحدات و المواد، أو خارجه، في شكل أنشطة تكميلية ‾تصحيحية لتلاقي ما قد يظهر على المتعلم من صعوبات تعتري سيره الدراسي. ﴿بيداغوجيا الدعم، سلسلة التكوين التربوي، الكتاب السادس﴾.
•جملة من الأنشطة التعليمية المندمجة و التي تهدف بالإضافة إلى حصول التعلم لدى جميع التلاميذ
﴿أو معظمهم﴾ بشكل عادي، إلى تقديم تعليم فردي وقائي، ملائم للنقص الذي يتم اكتشافه خلال المراقبة المستمرة، و حتى يتمكن التلاميذ جماعات و أفراد، من تحقيق الأهداف المرسومة حسب إمكانيتهم و حسب متطلبات المستوى الدراسي الذي يوجدون فيه. ﴿الدعم التربوي، سلسلة علم التدريس، الكتاب السادس، د.محمد الدريج﴾
. اختلافات في المفهوم و التصور:
تحصر التعاريف السابقة مفهوم الدعم فبالجانب البيداغوجي التربوي، و مسوغ ذلك أن الدعم البيداغوجي قابل للتنفيذ في سياق القسم أو المؤسسة، متصل باهتمامات المناهج و البرامج، منصهرة في الممارسات التربوية اليومية.
كما أبلت تلك التعاريف عن بعض الاختلافات في تحديد وظيفة الدعم، أو أنماطه، وإجراءاته. و إذا بحثنا في هذه الاختلافات نجدها ذات نظرية من جهة، و تطبيقية من جهة أخرى.
تتدخل في تحديد الدعم التربوي مقاربات بيداغوجية متنوعة لكل منها تصور خاص عن عملية الدعم.
و من هذه المقاربات نذكر ما يلي:
• تأخذ بيداغوجيا التعويض مفهوما جزئيا يفيد تعويض نقص الضعاف من التلاميذ.
• تفيد بيداغوجيا العلاج التعامل مع المتعلمين المعوقين أو المتخلفين عقليا.
• تعني بيداغوجيا التصحيح تقليص الفارق بين النوايا البيداغوجية و النتائج المحققة.
• تقوم بيداغوجيا التحكم على تتبع مسار التعلم و ترشيده نحو تحقيق الأهداف المتوخاة.
• تعني بيداغوجيا الدعم الإجراءات التي نتلافى بها صعوبات التعلم و تعثراته.
• تنحصرالبيداغوجيا الخاصة في تكليف مختصين بتعليم التلاميذ الضعاف في صفوف خاصة.
من الواضح إذن أن أيا من هذه البيداغوجيات يجد له صدى في التعاريف السالفة. و هو الأمر الذي
قاد، على مستوى التنفيذ و التطبيق، إلى استخدام مجموعة من المفاهيم المحايئة للدعم التربوي و التي شكلت إجراءات تطبيقية نفذ بها هذا الدعم.
خلفيات تطبيقية :
استخدمت في سياق التجارب التربوية التي طبقت أساليب الدعم مجموعة من المفاهيم المختلفة التي تترجم بهذا القدر أو ذاك، تمثلات و مقاربات لاستخدام مفهوم الدعم. و من المفاهيم التي راجت في الممارسة التربوية نذكر ما يلي :
التثبيت - ترسيخ المعلومات لدى المتعلمين بواسطة إجراءات تمكن من ذلك.
التقوية - تعزيز رصيد المتعلمين المتفوقين و إغناؤه من أجل الارتقاء به.
التعويض - تعويض النقص الحاصل في التعلم أو في اكتساب مواد البرنامج.
الضبط - ضبط مسار التعليم و التعلم بواسطة تدخلات و إجراءات داعمة.
الحصيلة - وقفة يتم من خلالها فحص حصيلة التعلم و تعزيزه و تصحيحه.
العلاج - تدخلات لسد مواطن النقص في التعلم و إيجاد حلول علاجية لها.
المراجعة - إعادة دروس أو محاور بغرض تثبيتها و ترسيخها لدى المتعلمين.
تشكل هذه المفاهيم أمثلة و نماذج للمقاربات و التجارب التي راجت في الممارسات التربوية، و التي تكون رصيدا هاما من العطاء التربوي في محاولته لمقاربة مسألة الدعم التربوي.
و إذا كانت هذه المفاهيم ذات مشروعية تربوية بحكم أنها حلول و تجارب لفهم الظاهرة و تطبيقها، فمن اللازم الانتقال إلى مرحلة تالية تتبنى على توحيد المفهوم توحيدا لا يستهدف سد باب الاجتهاد بقدر ما يستهدف بناء استراتيجية عامة تنضوي تحتها تلك المفاهيم و المقاربات. و بذلك فإن التعامل مع هذا المعطى يأخذ المنحى اﻵتي :
• تعد المفاهيم السابقة إجراءات تندرج في سياق مفهوم عام للدعم و ليست بديلا أو مماثلا له.
• يفيد هذا الأمر أننا نوظف الدعم باعتباره لغة للتداول التربوي يفيد مفهوما موحدا لا غير.
• يتأسس هذا التوظيف على صياغة شاملة لمفهوم الدعم تمكن من استقطاب كافة تلك الإجراءات و إدماجها في سياقه.