توجد اساليب متعددة ومتنوعة جداً يمكن استخدامها في معالجة هذه الظاهرة القليل من الاحترام والتفهم يجعلنا قادرين على احتواء مظاهر العنف، وفي كل الأحوال فإن العنف والاكراه عملية تخدير مؤقت وليس حلاً جذرياً، لان الطفل الذي كبح جماحه بالقوة سيعود الى مخالفة النظام كلما سنحت له الفرصة.أما فيما يتعلق بمسألة التقصير المدرسي والتخلف الدراسي: هذه الظاهرة تعود الى عوامل اجتماعية واسرية، والتقصير ليس مسؤولية الطفل وحده بل هو مسوولية الاسرة وظروفها ومسؤولية المدرسة ذاتها. وفي كل الأحوال العقاب ليس حلاً. انما المساعدة والتفهم والتشجيع ومعالجة الظروف المحيطة بالطفل هي الوسائل التربوية التي بجب ان تعتمد كحلول موضوعية لهذه الاشكالية.
بعض الآباء والمعلمين يرفعون لواء الديمقراطية بالحوار مع التلاميذ والأطفال، وعلى العكس من ذلك فإن بعض الآباء كبعض المعلمين يمارسون اسلوب التسلط التربوي ويرفعون لواء التربية التقليدية، والسؤال هنا: ماهي النتائج المترتبة على التباين في اعتماد الاسلوب التربوي بين الأسرة والمدرسة؟
ان التباين في اعتماد الاسلوب التربوي بين المدرسة والأسرة يطرح اشكالية تحتاج الى البحث والعناية، فعندما تتبنى الاسرة منهجاً ديمقراطياً متكاملاً في تربية الطفل، وعندما يعتمد المعلم اسلوباً تسلطياً فإن ذلك يمثل وضعاً حرجاً للاسرة والطفل وعلى العكس من ذلك إذا كان المعلم ديمقراطياً والاسرة استبدادية فإن ذلك يضع المعلم في موقف حرج وغالباً ماتكون حالة التوافق في الاسلوب بين المؤسستين اكثر شيوعاً لان المدرسة تكون في أكثر حالاتها امتداداً لما يجري في إطار الأسرة، ففي الأحياء الفقيرة الشعبية غالباً ما يكون اسلوب التسلط والعقاب هو الاسلوب السائد في التربية، وهنا نجد عملية منهجية متكاملة تسعى نحو تدمير الطفل وتجسيد اخفاقه.وقد يكون الاسلوب ديمقراطياً بين الطرفين وهذا نجده في مدارس الأحياء المراقبة ومدارس الفئات الاجتماعية المحظوظة مادياً وثقافياً.كيف يمكن للاسرة الديمقراطية ان تجد مخرجاً عندما يكون المعلم متسلطاً؟
يمكن للاسرة ان تجري اتصالها مع المعلم ومع ادارة المدرسة، كما يمكن ان تطالب بوضع الطفل في شعبة أخرى، كما يمكن اجراء حوار مع المعلم والوصول معه الى صيغة ودية تجنب الطفل تبعات الاسلوب التسلطي يمكن لذوي الأطفال الديمقراطيين من خلال الاتصالات ومن خلال مجالس الأولياء التأثير في عقلية المعلمين ودفعهم الى تبني اساليب جديدة تتماشى مع تربية اطفالهم في البيت. ويمكن ايضاً الاعتماد في كل ذلك على المرشد الاجتماعي والمرشد النفسي التربوي في مدارسهم في حل مثل هذه الاشكاليات عبر الحوار مع المعلمين وعبر الندوات والمحاضرات بالتعاون مع المنظمات التربوية (المعلمين¬ الشبيبة¬ الطلائع).
ما هي الآثار الناجمة عن استخدام العنف في التحصيل المدرسي؟؟
لا يمكن للعنف ان يؤدي الى نمو طاقة التفكير والابداع عند الطفل، والعنف لايؤدي في افضل نتائجه إلا الى عملية استظهار بعض النصوص والأفكار.. إن القدرة على التفكير لاتنمو إلا في مناخ الحرية، الحرية والتفكير أمران لاينفصلان.وإذا كانت العقوبة تساعد في زيادة التحصيل فإن الأمر لايتعدى كونه أمراً وقتياً عابراً وسوف يكون على حساب التكامل الشخصي. والدراسات التربوية الحديثة تؤكد بأن الاطفال الذين يحققون نجاحاً وتفوقاً في دراستهم هم الاطفال الذين ينتمون الى اسر تسودها المحبة والأجواء الديمقراطية.
والعملية التربوية ليست تلقين المعلومات والمناهج بل انها عملية متكاملة تسعى الى تحقيق النمو الازدهار والتكامل.
إن الظاهرة هي ظاهرة اجتماعية مرهونة بمستوى تغيير الظروف الاجتماعية والاقتصادية في كل مجتمع ولن يتاح لنا خلال رسم بعض الأفكار ان نؤثر كثيراً في هذه الظاهرة، إن نظامنا التربوي على المستوى الرسمي (الوزارات¬ المؤسسات) يتبنى احدث النظريات التربوية التي تمنع استخدام العنف والضرب في المدرسة، ومع ذلك الظاهرة مستمرة وهذا يعود لاسباب اجتماعية تتعلق بالذهنية الاجتماعية والظروف الاجتماعية السائدة.
ويمكن ان احدد بعض النقاط الاساسية في معالجة هذه الظاهرة:
1¬ تنمية وتطوير الوعي التربوي على مستوى الاسرة والمدرسة، ويتم ذلك من خلال وسائل الاعلام المختلفة، ومن خلال اخضاع المعلمين والآباء لدورات اطلاعية وعلمية حول افضل السبل في تربية الأطفال ومعاملتهم.
2¬ تحقيق الاتصال الدائم بين المدرسة والاسرة وإقامة ندوات تربوية خاصة بتنشئة الأطفال.
3¬ تعزيز وتدعيم تجربة الارشاد الاجتماعية والتربوي في المدارس وإتاحة الفرصة امام المرشدين من اجل رعاية الاطفال وحمايتهم وحل مشكلاتهم ومساعدتهم في تجاوز الصعوبات التي تعترضهم.
4¬ ربط المدارس بمركز الرعاية الاجتماعية والنفسية الذي يحتوي على عدد من الاختصاصيين في مجال علم النفس والصحة النفسية والخدمة الاجتماعية، حيث تتم مساعدة الاطفال الذين يعانون من صعوبات كبيرة في تكيفهم المدرسي، وحل المشكلات السلوكية والنفسية التي يعجز المرشد عن ايجاد حلول لها، أي أن يكون مرجعية تربوية نفسية واجتماعية لكل محافظة، أو مدينة على الأقل.
هذا ما تفضل به الباحث التربوي والاجتماعي /الدكتور علي وطفة/ كنقاط اساسية في معالجة هذه الظاهرة، لكنها في الحقيقة /برنامج عمل/ يحتاج الى استعداد لبذل جهود مخلصة من وسائل الاعلام المختلفة والمنظمات والمؤسسات التربوية كلها، لتعمل معاً في آن واحد لعلها تساهم في تعديل الاتجاهات بالذهنية الاجتماعية والموروث الاجتماعي والفكري لدى بعض الآباء والأمهات والمعلمين.
لكن السؤال الأهم نتركه مفتوحاً! من يحمي؟ وكيف نحمي الأطفال من عنف الآباء والأمهات؟ من يعاقب ؟ وكيف نعاقب المعلم الذي يحمل (خرطوماً أو سلكاً كهربائياً او عصا ضخمة) كوسيلة وحيدة للتربية ولفرض النظام قسراً مما يحدث الأذى فعلياً على جسد الطالب، ناهيك عن الأذى المعنوي والاحباط الذي يحفر أخدوداً عميقاً في شخصية الطالب فنشوه العلم والمدرسة والمعلم؟؟!!
كانت المدرسة ولا تزال بناءً، مرحلة مرحلة لشخصية التلميذ كالمراحل التعليمية والتربوية تماماً تبعاً للمراحل النمائية التي يعيشها الانسان. وتربية، لترقى بالطفل والتلميذ نحو الشخصية النافعة والسوية وتعليم، لتقديم العلم والمعرفة عبر وسائل تربوية حديثة، وبكم موضوعي، ومعلمين مؤهلين يعشقون رسالتهم السامية، ويقدرون الانسان، لان الرسالة انسانية تربوية صرفة.