الرباط - حسن الأشرف
أعلنت إدارة مهرجان الموسيقى العالمية العريقة في دورته الثامنة عشرة، الذي سينظم في مدينة فاس المغربية في الفترة الممتدة بين 8 و16 يونيو المقبل، عن مشاركة الفنان التونسي لطفي بوشناق، واللبناني وديع الصافي، والمصري الشيخ ياسين التهامي، والهندي علي موختييار، والأمريكي جون بيز، بجانب فرق وفنانين آخرين من مختلف بلدان العالم.
ويحتفي مهرجان الموسيقى العالمية العريقة لهذه السنة بالفيلسوف وعالم الرياضيات والشاعر الفارسي الكبير عمر الخيام صاحب "رباعيات الخيام"، الذي عاش في القرن الخادي عشر الميلادي، كما يكرم المهرجان أيضا القامة الشعرية الفلسطينية العملاقة الراحل محمود درويش، مع مناقشة قضايا الربيع العربي الذي أدى إلى إحداث تحولات عميقة في البلاد العربية.
التقريب بين الثقافات
قال الدكتور فوزي الصقلي، المدير العام لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، الذي يحمل خلال الدورة المقبلة شعار "إعادة الغناء للعالم"، إن المهرجان فرصة فنية سانحة لتبادل وتلاقح الأفكار والحضارات والثقافات بين المشرق والمغرب عن طريق الموسيقى العريقة والصافية التي تشذب الروح وتسمو بها فوق الضغائن والصغائر، لتربي جيلا ذا ذائقة رفيعة لها ارتباط إيجابي وتفاعلي بالثقافة الإنسانية.
واعتبر الصقلي أن مهرجان الموسيقى العالمية العريقة، عبر مختلف دوراته السابقة، حاول نسج ثقافة التسامح والتعايش بين الحضارات والديانات المختلفة، حيث يحضر إلى فاس ـ العاصمة العلمية والروحية للبلاد ـ فنانون وفرق موسيقية من قارات العالم أجمع، يختلفون في العادات والمعتقدات، لكن توحدهم الموسيقى والإبداع الراقي.
ويسعى مهرجان الموسيقى العريقة إلى إقامة نوع من الدبلوماسية الروحانية من أجل التقريب بين التباينات الإيديولوجية والفكرية والعقدية في العالم، الأمر الذي جعله يُصنف من طرف الأمم المتحدة كأحد المهرجانات الثقافية والفنية الأكثر اشتغالا على قضية الحوار والتقريب بين الحضارات.
ويمثل مهرجان الموسيقى العالمية والعريقة لهذه الأهداف الحضارية والثقافية من خلال حفل موسيقي مشترك يحييه كل من المغني المغربي عبد الرحيم الصويري، والحاخام المغربي من أصل يهودي حاييم لوك، سيرددان معا مقطوعات شعرية من اللغتين العربية والعبرية.
ويسعى المهرجان، وفق بلاغ صدر أخيرا عن مؤسسة "روح فاس"، إلى امتلاك إمكانية علاقات جديدة تتيح "الفرار من ديكتاتورية السياسة والاقتصاد، واستعادة حرية العقل والروح، وذلك من خلال ترسيخ وتكريس الثقافة الروحية والإنسانية عوض الشمولية والعقلانية".
ويحتفي مهرجان الموسيقى العالمية العريقة بأحد أعلام الشعر الروحاني، وهو الموسوعة عمر الخيام، من خلال التعريف بإبداعاته ومساهماته الثرية في الحضارة الإنسانية لدى الجمهور الحاضر، وعبر أيضا تأدية فنانين قدموا من أوروبا وآسيا والوطن العربي لبعض روائع الخيام وقصائده الروحانية الخالدة.
وفي متحف البطحاء بفاس، يكرم المهرجان ذاته الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش من خلال تكريم خاص به عبارة عن عرض موسيقي موسوم بعنوان "نشيد الأناشيد"، من أداء المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي رودولف بورجير.
ويوسع مهرجان الموسيقى العالمية العريقة بفاس أنشطته الفنية والموسيقية الروحية لتشمل محاضرات فكرية وثقافية يشارك فيها باحثون وأكاديميون عرب وأجانب، هدفها تلمس معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت إلى حدوث الربيع العربي الذي أفضى إلى تغيرات سياسية واجتماعية هائلة في المنطقة العربية خصوصا، وذلك من خلال مناقشة مواضيع من قبيل، "ما يعد الربيع العربي، أي مستقبل"، و"الأزمة المالية أو أزمة الحضارة"، و"الروحانية والمقاولة"، وغيرها من القضايا الفكرية والثقافية.
.