"الزمقري" مسرحة الأمل والوجع التونسي

العرب أونلاين - شــادي زريــبي

مسرحية من نوع "الوان مان شو"، جمعت بين المسرح والرقص والموسيقى. "الزمقري" اختارتها إدارة المسرح البلدي بالعاصمة التونسية لتفتتح موسمها الثقافي الجديد، والعرض من بطولة محمد علي النهدي وإخراج الأمين النهدي.

في مسرحية "الزمقري" أعدنا اكتشاف موهبة الفنان محمد علي النهدي وما يختزنه من طاقات من خلال انتقاله من شخصية إلى أخرى أو تحركه من وضعية إلى وضعية بطريقة كاريكاتورية سلسلة وبأسلوب كوميدي مدروس.

ثم انه استطاع أن يطوع جسده بمهارة فائقة واتقان ليربط بين النص والحركة إلى درجة التميز، كما أن لمسات الأمين الاخراجية تبدو واضحة في هذا العمل الذي استطاع بالفعل ان يدخل البهجة على الجمهور الذي استمتع بفرجة جميلة وبعمل مسرحي.

"زمقري" مسرحية تطرح قضية الهجرة من خلال شاب تونسي مهاجر يزور تونس لقضاء بعض الوقت بين عائلته، وإذا به يكون شاهدا على ثورة 14 يناير-كانون الثاني، ويتعرض للقمع والاعتداء بسبب أغانيه المتحررة.

مسرحية الزمقري عرضت في العديد من المدن التونسية مثل صفاقس وباجة والمهدية وجربة، وأيضا خارج الحدود في فرنسا "باريس وليون ومرسيليا". وتقمص فيها محمد علي النهدي عديد الشخصيات، كما أدى فيها اغاني راب، ولم يكن اختيار النهدي لهذه النوعية من الفن اعتباطيا لأن الراب ساهم بصفة مباشرة في تأجيج نار الثورة التونسية، وكلنا يذكر أغاني الجنرال وأغنيته "ريّس البلاد"، هذا بالإضافة إلى بعض الرقصات وكل هذا في إطار من الكوميديا النقدية توفر فيها الجانب التوعوي والثقافي والترفيهي.

"الزمقري" هي أول تجربة لمحمد علي النهدي على طريقة الممثل الواحد "وان مان شو" حيث اجتهد في تجسيد عدة شخصيات انطلاقا من شخصية محورية وهي فنان شاب غادر تونس هربا من القمع والظلم ليقيم في فرنسا.

الأحداث جدّت عندما اندلعت ثورة 14 يناير-كانون الثاني فكانت حافزا لهذا الشاب للعودة إلى أرض الوطن ليصطدم بواقع جديد، الفوضى العارمة في كل مكان، انتصاب عشوائي، سلع متناثرة هنا وهناك في جوّ من الاعتصامات والاحتجاجات.

كل هذه الظواهر الاجتماعية غير المألوفة جسّدها محمد علي النهدي متنقلا من شخصية إلى أخرى ومغيّرا في نبرات صوته تارة وحركات جسده تارة أخرى.

شخصيات انتقل من خلالها بطل العرض من حياة الباعة المتجولين ومعاناتهم لتحصيل لقمة العيش الى سعي الطبقة المترفة لمساعدة اللاجئين برأس الجدير ليعكس من خلال مواقف هزلية ما عاشه التونسي من تناقضات أيام الثورة.

"الزمقري" مسرحية اشترك في تأليفها محمد علي النهدي مع والده الأمين النهدي وانتجتها شركة تقاسيم للإنتاج المسرحي والدرامي اكتشف من خلالها قدرة الممثل محمد علي النهدي على تطويع جسده لينسجم النص مع الحركات.

.