حسن الأشرف / هسبريس
كشفت دراسة جديدة أنجزتها أخيرا باحثة أمريكية في العلاقات الدولية بجامعة "ستانفورد"، عن كون الجزائريين هم الأصدقاء الأوائل للمغاربة في شبكة التواصل الاجتماعي "الفايسبوك"، يليهم التونسيون، والفرنسيون، ثم المصريون، وذلك من خلال خريطة تفاعلية تهم إحصاء عدد الصداقات بين مستخدمي الفيسبوك.
وأبانت دراسة الباحثة "ميا نيومان" عن كون الجوار الجغرافي والعلاقات العرقية والثقافية والاقتصادية عوامل تؤثر بشكل حاسم في تأسيس الصداقات الافتراضية على الانترنت بين الأشخاص في العالم، من خلال التطبيق التفاعلي الذي يعتمد على عدد طلبات "إضافة صديق" بين رواد "الفايسبوك".
لا للحدود بين البلدين
وأفادت الخريطة التفاعلية، التي أنجزها أعضاء جامعة "ستانفورد" الأمريكية، بأن علاقة الجوار بين المغرب والجزائر جعلت صداقات مستعملي موقع "فيسبوك" من المغرب يربطون صداقاتهم بالدرجة الأولى مع الجزائريين، حيث يتبادلون التعليقات على القضايا والأحداث المختلفة، وأيضا الملفات والصور والرسائل الفايسبوكية.
وقالت دراسة الباحثة "ميا نيومان" إن الجزائري هو الصديق الأول للمغربي بامتياز في موقع الفايسبوك، لتعتبر بذلك أن علاقات القرب الجغرافي والجوار والعادات والتقاليد المتشابهة بين البلدين استطاعت التغلب على الخلافات السياسية المتفاقمة بين قادة وحكومات الدولتين معا.
وأردفت الدراسة التفاعلية ذاتها بأنه رغم أن الحدود البرية مُغلقة بين البلدين منذ 18 عاما، لكن "فيسبوك" فتح تلك الحدود بين الشعبين، حيث يستضيف افتراضيا آلاف المغاربة أصدقاءهم الجزائريين، والعكس أيضا، من خلال قبول "صداقاتهم" على صفحاتهم الشخصية في هذا الموقع العالمي.
وعزت الخريطة التفاعلية احتلال تونس للرتبة الثانية بعد الجزائر إلى نفس العوامل تقريبا التي جعلت الجزائريين الأصدقاء الأوائل للمغاربة، من قبيل وحدة اللغة والعادات والتقاليد، وأيضا إلى قضايا الاهتمام المشترك خاصة بعد مرحلة الربيع العربي حيث وصل الإسلاميون إلى السلطة في البلدين معا.
وبالنسبة للفرنسيين يعود السبب إلى وجودهم في الرتبة الثالثة بين أصدقاء المغاربة في موقع فيسبوك إلى الحجم الكبير لأفراد الجالية المغربية في فرنسا، علاوة على العلاقات التاريخية والسياسية العريقة بين البلدين، باعتبار أن المغرب كان مُحتلا من لدن فرنسا منذ 1912 إلى 1955.
"خاوة خاوة.. ماتفرقنا عداوة"
ويعلق شعيب الشبيلي، مدير "مغاربة ونفتخر" أكبر صفحة مغربية على موقع الفيسبوك، في تصريحات لهسبريس على معطيات الدراسة بأن الخلافات القائمة هي بين مصالح الأنظمة السياسية، وليست بين الشعوب التي عادة لا تأبه للمشاكل التي تختلقها الحكومات.
واستطرد الناشط الفيسبوكي بأن الجزائر تعد جارة للمغرب، وتربطها به عدة عوامل تقرب بين الشعبين معا، من قبيل الموقع الجغرافي وتشابه الثقافة والتقاليد، الأمر الذي يجعل اتخاذ أصدقاء جزائريين على الفيسبوك أمرا يسيرا لا يحتاج إلى جهد كبير من طرف رواد هذا الموقع التواصلي.
وتابع الشبيلي بأن موقفه يتمثل في محاربة الفتنة بين الشعبين المغربي والجزائري، مشيرا إلى أنه يتوصل يوميا بعشرات الرسائل من الجزائريين يعبرون فيها عن حبهم للشعب المغربي، وبكونهم يحسون أن الشعب المغربي أقرب شعب إلى قلوبهم، ودائما يكررون العبارة الشهيرة "خاوة خاوة، وما تفرقنا عداوة".
ومن جانبه اعتبر محمد جرادي، الباحث في الوسائط الجديدة، في تصريح لهسبريس بأن موقع "الفايسبوك" أضحى عالما قائما بذاته لا توجد فيه حدود بين الناس، فالمغربي يتحدث مع الجزائري بسهولة ويسر، وقد يدخل إلى منزله ويرى صوره بدون الحاجة إلى عبور الحدود البرية المُغلقة.
واسترسل الباحث بأن مواقع التواصل الاجتماعي حطمت الحدود الواقعية التي وُضعت لعوامل سياسية بين شعوب البلدان، مردفا بأن اعتبار الجزائري الصديق الأول للمغربي على الفايسبوك أكبر دليل على أنه لا يمكن كتم مشاعر الشعوب التواقة إلى الوحدة والتعارف ونبذ الفرقة والخصام.