مسعود هدنة
أدخلت السلطات الجزائرية تعديلات على مرسوم يتعلق بشروط منح وثائق السفر الرسمية التي تمنحها وزارة الخارجية، وتحديدا جواز السفر الديبلوماسي، الذي يمنح صاحبه الحصانة الكاملة داخل وخارج البلاد، وهو إجراء لم يمرّ بردا وسلاما على الشارع الجزائري، الذي استفزّه هذا القرار فقابله بكثير من الشك والريبة.
ويشمل القرار- قبل إدخال التعديلات الجديدة- استفادة أبناء وبنات وزوجات وإخوة وأخوات رؤساء الدولة والجمهورية السابقون من جواز سفر دبلوماسي، وأضيفت فئات جديدة هي: نائب الوزير الأول ورئيس ديوان الوزير الأول والأمناء العامون للوزارات، وآباء رؤساء الدولة السابقين، وأبناؤهم وبناتهم وزوجاتهم وإخوتهم وأخواتهم، والوزراء الأولون السابقون ونوابهم ووزراء الدولة.
كما شمل التوسيع الوزراء ومدير ديوان رئيس الجمهورية والأمين العام للحكومة والأمين العام لرئاسة الجمهورية والمستشارون لدى الرئيس المتقاعدون، والذين مارسوا هذه الوظائف لمدة سبع سنوات على الأقل، ولا يمارسون أي نشاط مأجور آخر.
واستفاد من القرار أيضا قائد أركان الجيش وقائد دائرة الاستعلام والأمن (المخابرات) وكبار ضابط الجيش (الفرقاء، والألوية، والعمداء المنتمون إلى الجيش)، والمديرون المكلفون بالمسائل الأمنية وقادة الحرس الجمهوري.
لكن الشارع في الجزائر- في عمومه- لم يقرأ توسيع الاستفادة من هذه الوثيقة الهامة على أنها "حماية لهم من أية متابعات قضائية في الخارج"، بقدر ما فهم أنها حماية لهم من أية "ثورة" أو متابعة قضائية داخل البلاد.
حيث يجدر بالذكر أن متابعة الجنرال المتقاعد خالد نزار من طرف العدالة السويسرية منذ سنوات بتهمة ارتكاب جرائم، إثر دعوى رفعها ضده ناشطون سابقون في جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة، حرّكت السلطات الجزائرية وجعلتها تهدد سويسرا بمراجعة تعاملات اقتصادية بين البلدين، كما أصدرت الخارجية الجزائرية بينانا شجبت فيه موقف سويسرا وعدالتها من الجنرال نزار، كأحد قادة الجيش والجزائر في فترة ما، وهو ما اعتُبر تبنيا من السلطات الرسمية لقضية الجنرال المتقاعد.
كما كان لقضية اعتقال السلطات الفرنسية، قبل عامين، مسؤولا ساميا في الخارجية الجزائرية، على خلفية مقتل معارض جزائري في باريس، وقعها في اتخاذ قرار توسيع الاستفادة من جواز السفر الديبلوماسي.
شكوك الشارع الجزائريعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد، تفاعل الجمهور الجزائري بسلبية وبمنسوب عال جدا من الشكوك مع هذا القرار.
ووجه من سمى نفسه "الشاوي" تساؤلا للمسؤولين المعنيين بالاستفادة من جواز السفر الديبلوماسي قائلا: "إن كنتم لم تفعلوا شيئا، فلماذا تخافون؟" ومضى يقول: "احموا أنفسكم بخدمة الشعب والاستماع لمطالبه وتلبيتها حتى يحميكم هذا الشعب في الداخل والخارج، ولن تخافوا حينها من عدالة الغرب ولا من عدالة بلادكم".
معلق آخر على موقع يومية "الخبر"، رمز لنفسه بـ007، قال: "لن تنفعكم الجوازات الدبلوماسية أمام المحاكم الأوروبية، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بجرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم الاختفاء القسري، ولكم في ذلك ما حدث للجنرال بينوشي الذي لم تنفعه الحصانة الدبلوماسية وكذلك ما حدث للجنرال الجزار، وسوف ترون أي منقلب تنقلبون، والتاريخ سوف لن يرحمكم".
وسخِر آخر يقول: "أعطوهم جوازات حتى تكون لهم حصانة ضد الموت"، أما حاتم فطرح السؤال التالي: "إذا كان المسؤول شغل منصبا ما، فما دخل أمه وابنته في القضية؟".
لا علاقة للقرار بأية "ثورة"وفي الموضوع، قال المحلل السياسي والأستاذ بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور محمد معقال، إنه لا يذهب مذهب الشارع في قراءته لهذا الموضوع، وأكّد لـ"العربية نت" بأن "قرار توسيع دائرة المستفيدين من جواز السفر الديبلوماسي جاء بعد قرار سويسرا مطاردة الجنرال خالد نزال قبل نحو شهر، ويبدو لي أن قرار الخارجية الجزائرية يدخل ضمن هذا السياق، كما أن هناك تخوفا من أن تطال المتابعات القضائية الخارجية ضباطا آخرين في الجيش، لذلك كان هذا القرار حماية لهذه الشخصيات المهمة في الدولة".
ونفى المتحدث أن تكون هناك "هبة ثورية" في الجزائر على خلفية هذا القرار، حيث قال: "تبقى قراءة الشارع الجزائري ملكا له، لكنني لست مع هذه القراءة، وأستبعد هبة ثورية في الجزائر، ويبقى موعد رئاسيات 2014 فاصلا بالنسبة للجزائر".