مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أعمال جييف كونز تعكس اتجاهات ما بعد الحداثة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

أعمال جييف كونز تعكس اتجاهات ما بعد الحداثة Empty
مُساهمةموضوع: أعمال جييف كونز تعكس اتجاهات ما بعد الحداثة   أعمال جييف كونز تعكس اتجاهات ما بعد الحداثة I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 08, 2012 9:58 am



عبد الأمير الخطيب


الكثير من الظواهر الفنية تولد في جو من الحرية والبحث من أجل تطوير ما بدأه أناس جادون في تثبيت وترسيخ تقاليد السلم والجمال. لا لشيء إنما لإثبات معادلة قديمة جدا، لكنها تتجدد باستمرار ألا وهي ترسيخ إنسانية الإنسان أي رجوعه الواعي واللاواعي أبدا إلى الخير والمحبة والتعايش السلمي.

كثيرة هي الظواهر الفنية التي تموت بعد ولادتها بفترة قصيرة، وكثيرة هي الأفكار التي تؤرشف وتنظّر لتلك "الظواهر" فيموت التنظير وتموت الأفكار لأنها ببساطة غير صالحة للبقاء والاستمرار. والمنحوتات السومرية والإغريقية والفرعونية وغيرها من إرث البشر لاتزال شاخصة الى يومنا هذا، وما جاء به المحدثون فيما بعد في عصر النهضة بقي إلى حد الآن. فأعمال مايكل أنجلو وديلاكروا ورامبرانت وروبنس وغيرهم الكثير لا تزال إرثا لكل البشر، ولاتزال تدل على إنسانية الإنسان، رغم كل المحاولات الرأسمالية لتحويل هذا الإرث المعنوي إلى إرث مادي، وسوق الفن شاهد على ما أقول، لكنها في ذات الوقت تشير إلى أن المرحلة هي التي فرضت هذا الفن أسلوبا وتقنية وأفكارا.

بالتأكيد أنا هنا لا أستثني ما جاءت به الشيوعية العالمية في مرحلتها التي بدأت وانتهت في القرن العشرين. فالواقعية الاشتراكية برهنت بالدليل على أن الإنسان لايمكن أن يحيا دون أرشفة أو تاريخ، فما بالنا باتجاهات ما بعد الحداثة؟

اتجاهات ما بعد الحداثة

إن أغلب النتاجات الفنية في هذه المرحلة التي بدأت في ستينات القرن الماضي ولم تنتهي إلى حد الآن، أعني اتجاهات ما بعد الحداثة، ستذهب إلى المزابل. وكلنا عرف وقرأ عن المظاهرات والاحتجاجات التي قام بها بعض أبناء مدينة لندن على عمل "انستليشن" الذي عرض في متحف "التيت مودرن"، والذي كلف أكثر من مئة وعشرين ألف جنيه إسترليني.. هذا العمل عرض لمدة شهرين وبعدها جاء المنظفون ليكنسوه ويلقون به في حاويات المزابل.

لكن مقابل هذا هناك أناس كثيرون - خصوصا في الغرب - متناغمون مع الانتاج الفكري لمرحلة ما بعد الحداثة، حتى وإن لم يفهموها، لأن الانسان الأوروبي يعيش الحالة أو المتغير بعمق وليس بقسر، مثلما يحدث في بلداننا العربية. الحياة إرادة، الحياة بالنسبة إلى الإنسان هنا متعة ودراية إلى حد كبير.

التجريد مثلا، حين حل في الفكر والفن استقبله الانسان الأوروبي بكل عمق وصار الفن التجريدي جزءا من حياة الناس، لأن حياتهم أصبحت مجردة بكل ما تحمل الكلمة من معان، أعني أن الانسان العادي يعيش التجريد. فكان الفن التجريدي معبرا ومتناغما مع حياة الانسان.

ويبقى السؤال، هل عبّر نتاج ما بعد الحداثة بشكل صادق عن حياة الإنسان الفرد؟ في الغرب على أقل تقدير؟ فأشكال فن ما بعد الحداثة تهادنت كثيرا مع حاجات بعض الناس، أعني بعض النخب، وهم السياسيون والتجار. فحاجة السوق وكذلك حاجة السياسة أصبحت من القواسم المشتركة في أي متحف فني معاصر.

فالعلاقات الشخصية والسمسرة وغسيل الأموال دخلت بشكل علني وواضح في صناعة "نجوم الفن التشكيلي"، إن صحت العبارة. ومن ثم في صناعة الصورة النهائية للتشكيل كنتاج بشري ونشاط إنساني. وبهذا تهمش الكثير من الباحثين الجادّين ممن لا يتقنون التعامل مع السوق وحاجاته ومتطلباته الآنية. نعم صحيح أن هذه السمة من أهم سمات حياة ما بعد الحداثة، ولكنها أفقدت الإنسان المرجعية والمصداقية والجدّية أيضا.

الفن نتاج بشري يثبت إنسانية الإنسان، الإنسان التواق أبدا إلى الجمال والسلم. هذا الإنتاج بالضرورة يعبر عن تفكير الإنسان وإحساسه في مرحلة يعيشها، فيؤرخ إحساسه ويكون شاهدا صادقا نقيا على حياته ومرحلته.

في العصر الفكتوري مثلا كان الفنان ميّال إلى التزويق والفخامة وكان هذا الميل تعبيرا عن حاجة إنسان تلك المرحلة إلى التزويق والفخامة. كذلك فإن اتجاه الفن في أي عصر من العصور إلى أسلوب من الأساليب هو حاجة وليس ترهلا. لكن هل أنتجت مرحلة ما بعد الحداثة أسلوبا واحدا ميّز المرحلة وتميز في التعبير عنها بأسرها؟ قد أتفق من حيث المضمون مع من يجيب بـ "نعم". ولكن من حيث الشكل لا أتفق أبدا. والفنان الأميركي جييف كونز مثال ساطع على ما أقول.

جييف كونز غزير الإنتاج لكن أعماله لا تشبه بعضها وليس بينها ما يدل على أنها تنتمي إلى فنان واحد. بل إن أعماله تفاجئ أي متتبع لكل إنتاج جديد له.

شخصيا التقيته وناقشته حول هذا الموضوع. وكتبت بعدها واصفا إياه بانعدام الأسلوب أو البصمة الفنية. لكني هنا، في هذه السطور، أتراجع عن ذلك الوصف، واعترف بأني لم أكن على معرفة جيدة بحركات ما بعد الحداثة.

لكن هل اعتمدت اتجاهات ما بعد الحداثة على الأسلوب كمكوّن للعمل الفني؟ وفي اعتقادي الشخصي جييف كونز كان وما زال معبرا عن حالة كبيرة في اتجاهات ما بعد الحداثة. فثالوث "الأسلوب - التقنية - الفكرة" تغير ولم يأخذ شكلا جامدا أو واحدا كما علمونا.
ربما من الأفضل أن نسمي العصر الذي نعيش بـ"عصر التعددية الثقافية والفكرية"، لأن هذه التسمية أقرب إلى روح العصر من تسمية ما بعد الحداثة، خصوصا في لغتنا العربية! لأننا نفتقد إلى مقدمات مثل "ما بعد" "Post-" وغيرها من الكلمات التي تدخل على الكلمة وتغير مفهومها، "سأعود فيما بعد لهذا الموضوع".

فن النحت، أحد الفنون التشكيلية كما نسميها في اللغة العربية، هذا الفن تعرض إلى تحولات كبيرة في عصر ما بعد الحداثة. فالنحت تعرض لتغييرات كبيرة في أشكال تنفيذه، حتى أصبحنا نسمع ونردد كلمة النحت الصوتي، النحت الضوئي وما إلى ذلك. هذه الاشكال أصبحت سمة مهمة من سمات فكر ما بعد الحداثة. فالنحت كما هو معروف تعامل مع مادة معينة لخلق شكل معين، ولكن في عصرنا أصبح النحت افتراضيا ولا يرتكز على مادة محددة أو تقنية معينة، وليس بالضرورة أن يكون معبرا عن فكرة محددة.

مجتمع متعدد الأعراق

بالعودة إلى تسمية عصر ما بعد الحداثة بـ "عصر التعددية الثقافية"، بكل ما تعنيه الكلمة من معان وتعقيدات، أرى أن هذه التسمية أنسب لهذا العصر. لكن ماذا بشأن التعددية الثقافية؟ هل نقصد الإعلان السياسي الذي تتبناه الحكومات الغربية بمصطلح "مجتمع متعدد الأعراق والثقافات"؟ بالتأكيد لا، فإنسان اليوم هو إنسان متعدد المشارب الثقافية بالضرورة، لأن العولمة أنتجت وأفرزت هذه التعددية.

ونحن سكان هذا الكوكب لا حول لنا ولا قوة في قبول أو رفض هذه الإفرازات. فكل فرد منا هو متعدد الثقافات، لأنه نتاج تعدد الأعراق والأفكار. وهذا الواقع أصبح يكوّن وجداننا المستقبلي، ويلعب دورا مهما في بناء أجيال المستقبل. إذ لم نعد نستطيع وليس بأيدينا الحفاظ على ما نتصور أنه أفضل لنا، العجلة سائرة وليس من قوة تستطيع إيقافها، لأنها ببساطة: إرادة الأكثرية.

فالفرد في الصين أو في فرنسا أو في أي مكان يشاهد ذات الصور، ويتأثر بذات المؤثرات. الصورة التي يكونها الإعلام، السوق، السياسة، العهر الثقافي وكل الأشياء هي صورة عالم اليوم!

عالمنا الذي نعيش فيه يسمع ايقاعات متراتبة في كل مكان، يهز جسده بحركات متفق عليها. فالرقص المحلي أصبح من الفولكور الذي تتندر عليه الأغلبية. والرقص العربي أصبح على الطريقة الاميركية برفع اليدين بخفة وسرعة. حتى أوروبا ترقص على الأنغام الأميركية منذ زمن بعيد.

الانترنت شارك بشكل كبير في إلغاء الثقافة المحلية لكل رقعة جغرافية من العالم، ولم نعد كما كنا، قرى متباعدة وجزرا منفصلة عن بعضها! الانترنت أصبح عاملا مهما في الثورات والمتغيرات السياسية والاقتصادية وغيرها.

الفن المعاصر متداخل المشارب، متعدد الأشكال والمضامين والأساليب والأفكار. وإذا كانت هناك في الماضي - لشخص أو قضية أو فن - مرجعية محددة فإن عصر المرجعية المحددة قد انتهى. ولن نتمكن بعد اليوم من إرجاع العمل الفني إلى مصادر محددة. العمل الفني المعاصر يرجع إلى كل ما نشاهده وما نستقبله من صور، غضب، صدق، كذب، معاناة، ركض، وكل ما نتعرض له في حياتنا اليومية. أنا لا أرى أن هناك إشكالية أو ضعفا أو قوة في ذلك، إطلاقا، بل هذا هو عصرنا وهذه حياتنا اليومية الوحيدة التي علينا أن نحياها.

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
أعمال جييف كونز تعكس اتجاهات ما بعد الحداثة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أدباء عرب يلتقون حول الحداثة ويختلفون حول دلالة المصطلح
» مدير عام وكالة الأنباء الرسمية يكتب عن: البيعة باعتبارها انفتاحا على الحداثة!
» أصل الأنواع: الحلقة الوسيطة في أعمال برهان الخطيب
» رجل أعمال سعودي يتبرع للجيش السوري الحر بكل ثروته
» رجل أعمال سعودي يوقف صفقات ضخمة مع 20 شركة روسية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ثقافــــة وفنـــــون-
انتقل الى: