مصطفى السالكي / بيان اليوم
حل بالرباط،، صباح أمس، وفد عن وزارة الفلاحة والتغذية والبيئة الاسبانية من أجل الشروع في مشاورات أولية تسبق المفاوضات المتوقع انطلاقاتها شهر شتنبر القادم.وتأتي زيارة الوفد الاسباني بعد تجدد احتجاجات البحارة الأسبان بميناء بلدة بارباتي الأندلسية، الذين هددوا، بداية الأسبوع الجاري، عبر تكتل نقاباتهم، بتنظيم مظاهرات تجوب هذه البلدة الصغيرة، يتم خلالها وعبرها تقديم شكاية للبرلمان الأوروبي تشجب وضعية البطالة التي يمر بها البحارة الإسبان بسبب عدم تجديد اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
ولقيت شكاية البحارة الاسبان دعما شعبيا من مختلف القطاعات والأحزاب السياسية الاسبانية، وشكلت ضغطا قويا على وزير الفلاحة والتغذية والبيئة الاسباني ميغيل أرياس كانيتي الذي أعطى، الثلاثاء المنصرم، الضوء الأخضر للشروع في جس نبض الطرف المغربي، واصفا استئناف التعاون بين إسبانيا والمملكة في ميدان الصيد البحري ب «الأولوية السياسية» ومشيرا إلى أن التعاون المغربي الاسباني يسير بشكل طبيعي وفعال رغم صدور قرار البرلمان الأوروبي، شهر دجنبر الماضي، والقاضي برفض تمديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
ولا يبدو الجانب المغربي متسرعا رغم رغبته الصادقة في الوصول إلى اتفاق لم يكن مسؤولا عن عدم تجديده. وبالتالي لا يعتبر نفسه مسؤولا عن معاناة البحارة الاسبان الذين توقفت أنشطة سفن صيدهم الأربع والستين بالمياه الإقليمية المغربية. بيد أن هذه الرغبة لا تعتبر، بحسب تصريح أدلى به مصدر مسؤول بوزارة الفلاحة والصيد البحري لبيان اليوم، «تعبيرا عن الموافقة الضمنية». فالمغرب، يقول مصدرنا، «عازم على عرض شروطه لتجديد الاتفاقية والارتقاء بمضامينها إلى المستوى الذي يحقق مصالحه ليس فقط بخصوص تجديد اتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي، بل أيضا بخصوص كل القضايا المرتبطة بصادرات المغرب الفلاحية للاتحاد الأوروبي، وبموقع المملكة كشريك يحظى بموقع متميز»، مشيرا إلى أن كل المهنيين سيتم إشراكهم في مسارات المفاوضات الأولية». وعلى غرار البحارة الأسبان الذين نزلوا بكل ثقل نقاباتهم لتجديد اتفاقية الصيد التي سيحضرون جل محطات المشاورات بخصوصها، طالب البحارة المغاربة بإشراكهم في هذه المشاورات من أجل الاستئناس بآرائهم وأفكارهم، وصولا إلى إرساء شراكة مربحة بين الطرفين تأخذ بعين الاعتبار ديمومة الموارد البحرية التي تعتبر مصدر عيشهم الوحيد، من خلال فرض محاربة الصيد الأوروبي الجائر وإرغام الاتحاد الأوروبي على الرفع من مساهماته في عصرنة القطاع، وتجاوز مضامين الاتفاقية الحالية التي تسمح لـ144 باخرة أوروبية بالصيد في المياه الإقليمية للمغرب مقابل تعويض مالي أوروبي للمغرب لا يتعدى 36 مليون يورو سنويا على امتداد أربع سنوات.
فقد شددت النقابة الموحدة لبحارة الصيد الساحلي والتقليدي على الصعيد الوطني، التي عبرت عن دعمها لموقف الحكومة المغربية الرامي إلى التوصل ل «اتفاق متوازن» مع الاتحاد الأوروبي حول الصيد البحري، على ضرورة حضورها طاولة المفاوضات القادمة دفاعا عن مصالح اليد العاملة البحرية المغربية.
وقال رشيد السوهيلي الكاتب العام للنقابة لبيان اليوم إن البحارة المغاربة، الذين يعانون غياب أبسط مقومات العمل وشروط العيش الكريم ويبتلعهم البحر نتيجة غياب اليات العمل الضرورية، ينادون، بصفتهم المحور الرئيسي في عمليات استغلال الثروات البحرية، ب» الأخذ بمشورتهم قبل تجديد اتفاقية الصيد البحري وذلك من أجل جعل مضامينها تتسم بالتوازن وتخدم في محصلتها النهائية مصالح المغرب وتراعي مطالب اليد العاملة البحرية التي لم تستفد قط من الاتفاقيات السابقة».
وأكد رشيد السوهيلي،أن البحارة المغاربة، على خلاف بعض أرباب المراكب،» دعوا دوما إلى تجديد الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى العلاقات المتشابكة مع هذا الشريك والتي تتعدى الإطار التجاري الضيق، وشددوا دوما على ضرورة نزول المغرب بكل ثقله من أجل تحديد إطار للتعامل، يحمي الثروات الوطنية السمكية من جهة، ويجعل القطاع، من جهة أخرى، قادرا على تجاوز الوضعية المزرية التي أصبح يتخبط فيها البحارة المحرومون من الضمان الاجتماعي ومن التغطية الصحية ويعملون ليل نهار دون عقدة شغل ولا يتم الأخذ بآرائهم في العديد من اللقاءات التي تنظمها الوزارة».
واعتبر السوهيلي أن الحوار البناء، وإرهاف الوزارة الوصية على القطاع لمقترحات ممثلي البحارة قبل أي توقيع مع الشريك الأوروبي، يعتبر السبيل الأنجع للخروج من وضعية الاحتقان السائدة في الموانئ المغربية خاصة في صفوف الحلقة الضعيفة المتمثلة في البحارة الذين بالإمكان فرض تشغيل عدد هام منهم على ظهر البواخر الأجنبية والاستفادة من الحقوق ذاتها التي يحظى بها البحارة الأوروبيون.