العربية.نت
أكدت دراسة أعدها الدكتور معتز سلامة لـ"معهد العربية للدراسات والتدريب"، التابع لقناة "العربية" أن تطور الأوضاع بين دول مجلس التعاون الخليجي على مدى الثلاثين سنة الماضية لا يشير إلى أن الاتحاد الخليجي يمكن أن يتحقق بسهولة، أو أنه يحظى بموافقة أغلبية الدول، إلا إذا استقرت هذه الدول على معان ومفاهيم خاصة وجديدة لمعنى كلمة "الاتحاد" التي تقصدها، على نحو يبعده عن المفهوم المتعارف عليه في التجارب الدولية.
وذكرت الدراسة أنه لكل دولة من دول المجلس رأيها وموقفها الخاص منه، القائم على تقديرها لمصالحها الاستراتيجية، ولكل منها أيضا تصورها لمفهوم الاتحاد. وبعضها يفرغ كلمة الاتحاد من مضمونها الأصلي، ولا يبقي منها سوى العنوان الرئيسي، على نحو يجعل هذا الاتحاد المحتمل بعيداً عن أي شكل من الأشكال الاتحادية المعروفة في التجارب العالمية (الوحدة، الفيدرالية، الكونفيدرالية).
وأوضحت أنه باستثناء البحرين والسعودية، ليس هناك بلدان من دول المجلس عبرا عن ذات المفهوم عن المشروع الاتحادي، فتقف عمان على الحياد وبقدر من التكتم، والإمارات من دون موقف محدد، أما قطر، فإن أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قصر مفهومه للاتحاد على المجال الاقتصادي، وقد برز هذا في تصريحه قبل أيام بأن "التعاون في المجال الاقتصادي هو بمثابة حجر الأساس للاتحاد الخليجي"، بينما هناك تردد وحذر كويتي.
الاتحاد بين التأييد والرفض
وقالت الدراسة إن الدعوة للاتحاد تحظى تلقائياً بموافقة أغلبية المواطنين والنخبة في الخليج بالأساس، مع ذلك لم تعدم وجهات النظر المعارضة والرافضة للمشروع، فهناك بعض القوى والجماعات الأدنى التي عبرت عن طرح رافض لمشروع الاتحاد، وانحصرت بالأساس في دول المجلس ذات الأغلبيات أو الأقليات الشيعية الكبيرة، مثل البحرين تحديدا، والكويت.
وذهبت الدراسة إلى أن ضرورات الدعوة إلى الاتحاد تكمن في المخاوف من تأثير ثورات الربيع العربي، والفراغ الاستراتيجي في المنطقة وسط اهتزاز ثقة الخليج في الاعتماد على التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن احتمال نشوب حرب مع إيران.
وقد حرصت دول الخليج على سرية مداولاتها، فيما يتعلق بمواقفها من دعوة الاتحاد الخليجي، فحتى قبل انعقاد القمة الخليجية بيوم واحد لم تطرح أي وجهات نظر رسمية، ولم تنشر أي من التقارير التي جرى إعدادها من قبل اللجنة المكلفة الممثل فيها الدول الست للتداول في صيغة الاتحاد. وفيما عدا البيان الصادر عن القمة الـ32 في الرياض في ديسمبر/كانون الأول 2011، الذي رحب فيه قادة دول المجلس بالاقتراح المقدم من الملك السعودي، لم تعلن أي من دول المجلس موقفاً رسمياً من المشروع، بحسب الدراسة.
السيناريوهات المحتملة
يمكن تصور أكثر من سيناريو فيما يتعلق بمستقبل مشروع الاتحاد الخليجي، جميعها مؤسس على المدى الزمني القريب والمتوسط، وفي ضوء إدراك طبيعة صناعة القرار الخليجي والمواقف السابقة للدول.
السيناريو الأول هو الإعلان عن اتحاد شامل تدريجي، وهذا الاحتمال ينبع من إدراك دول المجلس الست لصعوبة إعلان إحداها رفضها لمشروع اتحادي، يقوم بالأساس على النظام الأساسي للمجلس منذ ثلاثين عاما. أما السيناريو الثاني فهو "الإعلان عن صيغ اتحادية أدنى، تقتصر على الإعلان عن اتحاد بين السعودية والبحرين، على أن يطرح ويعلن على أنه مجرد بداية سوف تلحق بها باقي الدول.
فيما يتبنى السيناريو الثالث الاتحاد وفق الاختيار والتخصيص، بمعنى أن الاتحاد الجديد هو لمن يختار الدخول فيه، على أن تبقى صيغة المجلس لكل الدول كما هي تؤدي ذات الغرض. وهنا تتيح صيغة الاختيار للموافقين والمعارضين بابا لحرية الحركة، ومبررا أمام الرأي العام والشعب في الداخل لموقف الرافض أو المعارض، فضلا عن أنه يفتح الباب له لدخول الاتحاد وفق مستجداته وظروفه.
والاتجاه الآخر ضمن السيناريو الثالث أن يؤسس الاتحاد على أساس تخصيص مجالات محددة للاتحاد الكامل، ومجالات أخرى تبقى عند ذات المستوى غير الاتحادي، بأن يتم تعميق الاتحاد الاقتصادي مثلا دون الاتحاد الأمني أو السياسي، على نحو ما تميل وجهة النظر القطرية بالأساس. وهذا يمكن قادة دول المجلس من الوقوف عند ذات المواقف، وإمهال أنفسهم فرصة لصناعة القرار الداخلي بتأنٍ.
.