اقامت الحكومة المغربي على أرضية ملعب (أورنانو) المتربة بالعاصمة الكونغولية برازافيل٬ مؤخرا مستشفى ميدانيا عسكريا تمكن إلى غاية اليوم من توفير العلاج والمساعدة الطبية للمئات من الساكنة الكونغولية بمن فيهم المصابون في حادث الانفجارات الذي وقع بمستودع للذخيرة بالمدينة يوم 4 مارس/اذار الذي بات يعرف بـ"الأحد الاسود".
يطالعك وأنت تلج بوابة الملعب ذلك العدد الكبير من السكان الكونغوليين الذيم يقصدون المستشفى المغربي منذ الصباح الباكر.. نساء ورجال وشباب وأطفال بدت على كثير منهم آثار الحادث٬ الذي أودى وفق آخر حصيلة رسمية بحياة 223 شخصا٬ قدموا وكلهم أمل في أن يجدوا لدى أطباء المغرب البلسم الشافي والدواء الكافي.
ويحاول الفريق الطبي المغربي ان يخفف من آلام الضحايا الكونغوليين في المستشفى الميداني المتكون من 17 خيمة اعدتها الحكومة المغربية.
ولم يمنع الطقس طاقم المستشفى المغربي من مضاعفة الجهد لتلبية الطلب الملح على خدماته٬ وفق تنسيق محكم بين مختلف أفراده.
وقال المستشار الطبي للرئيس الكونغولي والمتخصص في أمراض السرطان بمستشفى سان لويس بباريس٬ البروفيسور كلود مايلان٬ خلال زيارته للمستشفى العسكري الميداني "لقد تفاجئت حين علمت أن المستشفى قد أقيم على أرضية الملعب بجودة عالية خلال بضع ساعات فقط".
وأوضح البروفيسور مايلان أنه لاحظ أن العمل بالمستشفى المغربي يتم وفق "استراتيجية طبية دقيقة جدا"٬ تعتمد على الفرز الأولي للوافدين عليه ثم إحالتهم بعد ذلك إلى الطبيب المختص كل حسب حالته٬ ليستفيدوا بعد ذلك من الأدوية٬ إضافة إلى الدعم العاجل الذي يقدم للحالات التي تستدعي إجراء عمليات جراحية.
فمن خيمة الطب العام٬ إلى الخيام المخصصة لأمراض القلب والجهاز التنفسي٬ والطب النفسي وأمراض الجلد٬ وطب العيون٬ وأمراض الأنف والحنجرة٬ وطب الأسنان٬ والجراحة بمختلف أنواعها٬ مرورا بقاعة الاستشفاء وانتهاء بالصيدلية حيث يتم توزيع الأدوية مجانا٬ يجد المرضى الكونغوليون في استقبالهم 24 طبيبا و32 ممرضا وطاقما للمواكبة٬ يقدمون لهم الاستشارات والفحوصات والخدمات الطبية اللازمة
ويشهد المستشفى العسكري الميداني المغربي الذي يشرف عليه الطبيب العقيد البروفيسور في طب التخدير والإنعاش بايت عبدالواحد٬ إقبالا كثيفا.
و يقدم يوميا ما يصل إلى 250 استشارة طبية و650 وصفة طبية٬ إضافة إلى العمليات الجراحية التي فاق عددها عشرة عمليات أجراها طاقم يضم أساتذة في الطب وجراحين.
وكان ملحق الدفاع بسفارة الكونغو بالرباط الكولونيل آيا جوستان قد عزا هذا الإقبال الى كون المواطنين الكونغوليين يحتفظون بذكرى طيبة عن الخبرة الطبية المغربية التي اطلعوا عليها سنة 2006 في إطار مستشفى ميداني مماثل أقامه المغرب آنذاك.
وعزت رئيسة اللجنة الدولية من أجل نهضة إفريقيا التي يوجد مقرها بباريس مارية مايلان في تصريح مماثل٬ إقبال الكونغوليين على المستشفى الميداني المغربي إلى حضور عنصر "الثقة بين المريض الكونغولي والطبيب المغربي" والتي ترسخت على الخصوص سنة 2006.
واكدت الشابة نغوما مونديلو (27 سنة) التي أصيبت خلال الانفجارات بشظية على مستوى القفا تسببت لها في نزيف دموي وألم حاد.
تقول نغوما التي كانت متوجهة إلى صيدلية المستشفى الميداني المغربي وهي تحمل في يدها وصفة طبية وصورة للفحص بالأشعة "والدتي هي من طلب مني القدوم إلى هنا٬ لأنها تثق في الكفاءة الطبية المغربية٬ فقد أجرت عندكم 'بالمغرب' عملية جراحية قبل سنوات وتكللت بالنجاح".
وتضيف نغوما أن تدخل الأطباء المغاربة أفادها كثيرا٬ معربة عن امتنانها للمغرب لوقوفه إلى جانب بلدها في هذا الظرف العصيب.
بمحاذاة صيدلية المستشفى٬ جلس الشاب ديكونديا إدوارد نيلسون (19 سنة) الذي أصيب في الحادث نفسه بشظية في خده الأيسر٬ على كرسي بمدخل الخيمة المخصصة لطب وجراحة الأسنان٬ ينتظر دوره بين سبعة مرضى آخرين للاستفادة من العلاج الذي يقدمه الطبيب الجراح المغربي.
ورغم أنه يجد صعوبة في الحديث٬ فقد أبى ديكونديا إلا أن يعرب عن سروره لأن "طاقم المستشفى استقبلني بحفاوة وأجرى لي الفحوص بالمجان".