فــجر الأوديـــسا وزهـــرة العصـــر
23/03/2011
عبد الرحمن القاسمي
فجر الأوديسا هو الاسم الذي أطلقه التحالف الدولي على العمليات القتالية لأجل تنفيذ القرار رقم 1973 الصادر عن مجلس الأمن الدولي يوم 19مارس 2011، والقاضي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا.فهل لاسم فجر الأوديسا أية دلالة؟
مما لاشك فيه أن الساسة الغربيون وبخاصة الفرنسيون مرتبطون أشد الارتباط بالجانب الفلسفي والأدبي والتاريخي لماضيهم،لأجل ذلك فهم دائما يسمون معاركهم وعملياتهم القتالية بأسماء لها دلالة معنوية كبيرة.وللقول فالأوديسا مستوحاة من الملحمة اليونانية الشهيرة القديمة للمؤلف هوميروس (شاعر اغريقي أسطوري،يعتقد أنه مؤلف الملحمتين الاليادة والأديسة. تواريخ حياة هوميروس كانت موضع جدلٍ في الحقبة الكلاسيكية واستمر هذا الجدل إلى الآن.قال هيرودوت "ان هوميروس عاش قبل زمانه بأربعمائة سنة، مما قد يعني أنه عاش في 850 قبل الميلاد تقريباً " في حين ترى مصادر أخرى قديمة أنه عاش في فترة قريبة من حرب طروادة أي مابين بين 1184 و1194 قبل الميلاد).
والأوديسا هي ملحمة مكملة للالياذة وتتكون من 24 جزءا وتروي قصة عودة أحد الأبطال في حرب طروادة وهو أوليس ( طروادة مدينة تاريخية قديمة تقع في أسيا الصغرى،وبالتحديد في غرب تركيا في منطقة الأناضول.ازدهرت هذه المدينة في الألف الثالث قبل الميلاد. وهي مدينة بحرية غنية،ارتبط اسمها بحرب طروادة أو حصار طروادة من قبل الاخائيين الاغريق الذين حاصروها لمدة 10 سنوات كما جاء في بعض الملحمات وكذلك في كتابات المؤرخ هيرودوت )،كما تحكي الملحمة قصة بينلوب زوجة أوليس التي بقيت ممتنعة عن الزواج عنه رغم غيابه الطويل لتنتهي الملحمة بعودة أوليس وانتقامه من الذين اضطهدوا زوجته في فترة غيابه الطويلة.
والغريب والعجيب في الأمر أن ليبيا وبعض مدنها ورد في هذه الملحمة تحت اسم بلاد أكلة البردي ( اللوتس ).وتقول الأسطورة إن المحارب أوليس وبحارته قدموا الى جزيرة ( ليبية) وسكان الجزيرة يقدّمون لهم زهرة لوتس من نوع خاص ( فهذه الزهرة تجعل آكليها ينسون كل شيء، ويتذكرون فقط أن هذه الجزيرة هي وطنهم).ان اطلاق اسم فجر الأوديسا على العمليات القتالية في ليبيا غير بريئ ويحمل ضمنيا رغبة الغربيين- وبخاصة الفرنسيين- الشديدة في تذوق و استغلال زهرة لوتس العصر " الذهب الأسود / البترول " التي تجود بها أرض أكلة البردي ليبيا.