ما أثارثه الجوائز من جدل واختلاف جعلنا نتساءل عن مصداقيتها، وأهمية معرفة مصدرها.. في مقابل من تُمنح له، ولماذا هو بالذات؟ فهذه الأسئلة كلها تجتمع في سؤال واحد وهو مدى مصداقية من يمنح هذه الجوائز، فاتجهنا محملين بثقل السؤال إلى عدد من المبدعين والمبدعات العرب لنعرف رأيهم في الموضوع فكانت الإجابات التالية:
• لوركا بيراني: كاتب كوردي
لا تهمنا مصداقية من يمنحون الجوائز الأدبية فهذه المصداقية تختلف معاييرها بين من يثق و من يشكك ويتهم أو أن الأمر يكون محسوما فالمانح هو الدولة التي نثق بها: أو شخص له الباع الطويل في الأدب، ولكن الأهم من ذلك هو آلية منح هذه الجوائز وأساليب العلاقة الخفية بين المانح والممنوح أو بين المانح والعمل أو الإبداع الأدبي، فها هي الجوائز الأدبية العالمية كجائزة نوبل للآداب التي منحت للروائي التركي "أورهان باموق"، تمنح للخطاب المدافع عن الأرمن لا للكاتب الذي كان عاديا إلى أبعد الحدود والجوائز العربية من الممكن أن تتعرض لمثل هذه العوامل فيجب النظر في العلاقة بين الدولة أو الفرد المانح وبين العمل المقدم وصاحبه.
وإذا كانت الجوائز المقدمة من الدولة تحظى بثقة أكبر فإنها تكون وللأسف جوائز غير مختصة بعمق غالبا بل هي عبارة عن انجازات لوزارات الثقافة في هذه الدول وأما جوائز الأفراد فهي الأكثر عرضة للتحول بين ليلة وضحاها للزوال أو التحول عن معناها الحقيقي وهذا ما يضعف الثقة بها، ولكن مع ذلك تبقى بعض الجوائز العربية ذات القيمة الأدبية الرفيعة بالنظر إلى تاريخها وتاريخ الممنوح لهم.
• د . سعيدة خاطر الفارسي: كاتبة وناقدة من سلطنة عمُان
لاشك بأن الخلف والتخلف العربي هو الأمر الوحيد والثابت الذي يوحد هذه الأمة بإجماع ومن ثم فأن نصيب الثقافة منه وافر وعظيم فأولى مسببات التخلف أن لا تكون لأمة ثقافة حقيقية ويكون مثقفوها مجرد ألعوبة وتوابع بيد الساسة ولما كان الأمر ليس بيد المثقف الحقيقي النزيه إذن كل الأمور مبنية على باطل فيكرَّم من لا يستحق التكريم ومن باع هواه واتبع الأوامر... ووصل إلى قمة الهرم الثقافي وتبوء تلك المناصب من لا يستحقها ومن قال نعم لكل شيء ... وجدير بوضع كهذا أن تذهب الجوائز إلى من لا يستحقها من الحبايب والمقربين وحسن أولئك رفيقا لأعضاء اللجان ... حتى يكاد الأمر أن يكون ... كل مكرم هو أديب سيء .. وصار التكريم أمر سيء السمعة حتى الترشيح لنوبل من قبل حكوماتنا وحتى من قبل المؤسسات المانحة للجوائز لا يقوم على أساس سليم.. العملية برمتها تكريس للسخف وللجهل والاستخفاف بالمثقف الحقيقي وضياع هوية هذه الأمة بعد مسخ أهم قطاع فيها وهو قطاع الثقافة والمثقفين فإذا فسدت النخبة وهل هناك أهم من المثقف ودوره الريادي أقول إذا فسدت النخبة كيف يصلح حال العامة !!؟ّ شكرا يا متنبي لقد كنت تتنبأ حقيقة باستمرارية جهل هذه الأمة عندما قلت... :
ليس الحضارة أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكتْ من جهلها الأممُ.
• صبيحة شبر: كاتبة وروائية من العراق
- الأحسن أن نبتعد عن التعميم، فان اختير أعضاء لجنة التحكيم، من بين المبدعين المخلصين للإبداع، والذين تتوفر فيهم صفات الصدق والأمانة واحترام حق الآخر، فإننا قد نتفاءل بان الجوائز الأدبية، منحت لمن يستحقها من الأدباء المميزين، ولكن إن كانت لجنة التحكيم، قد اختير أعضاؤها من بين من لا يحسن اختيار النصوص، والجوائز هذه عادة ما تكون تابعة للجهة القائمة عليها، إن كانت مؤسسة ثقافية خاصة، تعنى بشؤون الإبداع، أو تابعة للسلطة السياسية، التي كثيرا ما تمنح جوائزها، لمن يسير في فلكها، وقد أثبتت التجربة في العالم العربي، ان كثيرا من الجوائز تمنح للأصدقاء والمعارف، ولا يعني كلامي هذا إن عالمنا الثقافي، يخلو من المنصفين لعملية الإبداع، ويحبون أن يمنحوا جوائزهم لمن يجدونه يستحق هذه الجائزة، والتقييم في المجال الأدبي كما هو معروف، لا يمكن أن نبعده عن تأثير العاطفة، لان حكمنا على النتاج ،خاضع لذائقتنا الأدبية التي لا يمكن أن تبتعد عن الانحياز إلا بمواصلة القراءة والتتبع.
• وفاء عبدالرزاق: شاعرة وروائية من العراق
- لا أدري ربما الرد كمن يجر عربة خيل لا يسمع سوى وقع الحوافر، قد تصل به العربة إلى مكان ما، بالتأكيد ليس المكان المرتجى أو قد يتوه كتوهان ألقيمين على الجوائز.. لكن؟؟؟؟؟ بين علامات الاستفهام قد نجد مؤسسة تستحق الاحترام وإن وجدت تُحارَب من الآخرين لأنها لا تنتمي للبياض المعصوب الذي تفضلت عنه بسؤالك الأول. الذات المبدعة بيضاء فهل من يكتشف؟
• د. سناء شعلان: كاتبة وناقدة من الأردن
- من الصّعب أن نستطيع أن نعطي حكماً عامّاً وقاطعاً ونهائياً وعادلاً حول مصداقية هذه الجوائز، كما أنّه من الصّعب عملياً لا نظريّاً أن تضبط أيّ جائزة مصداقيتها بشكل كامل؛ لأنّ عنصر الإنسان الذي يلعب دور أساسي في التحكيم وإدارة الجائزة هو عنصر متحرك وقلق، ويصعب ضبطه بشكل معوّل عليه تماماً خارج حدود الضّابط الذاتي والأخلاقي.
ولكن نظرة سريعة على واقع الجوائز ومقدار دعمها واستعراض الأسماء المبدعة التي أحرزت تلك الجوائز، يجعلنا نطمئن إلى أنّها في الغالب استطاعت أن تؤّدي الدّور الرّيادي الذي وُجدتْ من أجل الاضطلاع به، وهو دور البحث عن المواهب الجديدة، ودعمها فضلاً عن تكريم المبدعين المبرزين، وإن لم يخلُ المشهد من تجاوزات واحتيالات وإنحيازات تحرم موهوبين ومبدعين من حق التكريم والدّعم والإبراز، وتعطي حقوقهم إلى أناس مرتزقة متطفلين على المشهد الثقافي والإبداعي وفق خارطة المصالح والمحسوبيات والشلليّة والعصابات والمصالح المشتركة.
ويبقى القول إنّ الكثير من الأسماء المبدعة المهمة في المشهد العربي قد كانت انطلاقتها والتعريف بها ودعمها من جوائز عربية شاركوا فيها، وفازوا بجوائزها، إذ قدّمتهم وقدّمت أعمالهم عبر ما تملك من أدوات إعلامية ومالية داعمة قوية .
• نارين عمر: شاعرة وكاتبة كوردية
- أعتقدُ أنّ هذا يتوقف على الخلفية الثقافية والمعرفية التي ينطلقُ منها القائمونَ على هذه الجوائزِ ويعتمدونَ عليها في تقويمهم وتقييمهم للمواد التي تصلهم والتي تُخضَعُ لأحكامهم وآرائهم, ولا شكّ أنّ المحتكمَ إن كان يمتلكُ حسّاً أدبياً وثقافياً ومعرفياً جيّداً لابدّ أن يصدرَ أحكاماً مقبولة ومرضية متجنّباً إلحاق الغبن والظّلمِ بالآخرين,أو الميل نحو هذا وذاك، طبعاً أقصدُ في ذلك الأفراد والمؤسّسات معاً,أمّا إن كان هؤلاءِ الأفراد أو المؤسّسات لا يملكون المقوّمات التي ذكرناها فإنّ أحكامهم لابدّ وأن تكونَ غير صائبة في الكثير من الأحيان وسوف يمنحونَ الجوائز لمَنْ لا يستحقها, ويهملونَ مَنْ يستحقها, وعلى العموم فإنّ حصول الأديب أو عدم حصوله على جوائز أدبية لا يعكسُ مدى إبداعه أو ضعفه الأدبيّ.
• كاترين ميخائيل: كاتبة من العراق
- المقياس الأساسي الذي يؤخذ به لهذه الجوائز.. العروبة ومدى إيمان المثقف المؤهل بالقومية العربية. وهذا خطأ كبير. المثقف هو قائد يعمل بفكره ويوجه عامة الناس نحو الثقافة نحو النهج الذي يؤمن به. ربما نختلف كل واحد منا يختلف مفهومه للثقافة لكن يبقى الأساس واحد توجيه المجتمع نحو عالم متحضر. الذي يحصل في العالم العربي هو تقزيم المثقف المتحضر وجعله آلة لتسخير الفكر السياسي المهيمن. فإذا كان يؤمن بالعروبة فهو مثقف جيد وبغيره لا تقيم كفاءته وقدراته الثقافية ومن هنا الميزان غير عادل لتقييم المثقف في البلدان العربية. وهذا كان سبب رئيسي لهجرة إعداد كبيرة من المثقفين في الشرق الأوسط إلى دول غربية ليمارسوا حقهم وإنتاجهم بحرية.
• هشام الصباحي: شاعر من مصر
- لا يمكن الجزم بشكل نهائي أن هناك جوائز ذات مصداقية نهائية وكاملة وجوائز بدون مصداقية على الإطلاق، ولو وقعنا في هذا الشَرك سوف نخسر الكثير وعلى رأس هذه الخسائر هو قدرتنا على الرؤية ذات الصبغة التحليلية لما يحدث حولنا واستخدام حواسنا في الفهم التي نجد أننا خسرناها هي أيضا لصالح آخرين أو على الأقل عطلناها. ومن هنا أصبح لزاما علينا أن نحدد رؤية لماهية الجوائز وماذا تخدم وهل ما تخدمه يتناسب مع صالحنا أم هو في عمومه ضدنا.. جائزة مثل نوبل هي الجائزة الأهم في العالم ولكن هل هي خالصة تماما للإبداع أم لا، وهل بها أبعاد سياسية أم لا,أسئلة كثيرة حول نوبل وتحتاج إلى إجابات.
ولكن لي أنا رؤية في نوبل وهي سؤال لابد منه لماذا دائما نوبل تعطى للروائيين وليس للشعراء وعن كوني عربي لديا نوعين من الإجابات الأولى إجابة تعتمد على نظرية المؤامرة وهى مؤامرة الغرب على العرب وعلى تراثهم حيث أننا كعرب نمتلك أقدم فن في التاريخ وهو الشعر قبل وجوده في الغرب ولذا عندما نحصل على نوبل في الشعر فهذا اعتراف رسمي بقدم تراثنا وفاعليته، الإجابة الأخرى تعتمد على فهم آليات العصر حيث أن الجائزة كونها غربية فمن حقها أن تساعد فنونها على أن تسود ولان الرواية فن غربي في الأساس وبرجوازي أيضا كان لابد من تصديره في مشهد الفن كما يتصدر الغرب المشهد الإنساني بالكامل، ومن هنا أنا أعتمد في الجوائز وفى المصداقية على رؤية تحليلية ولست أمتلك يقين نهائي مع أو ضد أي جائزة ولكن من حقي أن اشك حتى احصل على يقيني الخاص,وفى هذا المضمار أيضا تأتى جائزة البوكر العربية التي تعمل هي الأخرى على تسييد الرواية في متن المشهد على الرغم من أن الممول الاساسى عربي وهذه جائزة بها مصداقية عالية،وهذا ليس هجوم على الرواية ولكن فهم لما يحدث وأين نقف حيث انه ليس من صالح البشرية أن تكون كلها متعاطيه لشكل فني وأدبي واحد.
وفى مصر وخاصة جائزة الدولة التشجيعية والتقديرية في بلد مثل مصر لا يمكن أن تُعطى لواحد خارج النظام أو معارض لهذا النظام حيث تعطى لأدباء ذو علاقات وثيقة بالسلطة وفى الأغلب يساعدون السلطة على الأقل بالسكوت على تفعله في شعبها,وفى فنانيها بالحرق داخل مسارحها,حيث على الرغم من وجود قصيدة النثر كأساس المشهد الشعر من أواخر التسعينات حتى الآن إلا انه لم يحصل شاعر واحد على جائزة الدولة التشجيعية على الأقل وخاصة في وجود على رأس الأمر شاعر مثل احمد عبد المعطى حجازي يقف في وجه التطور ويرفض وجود أشكال إبداعية مختلفة غير التي تعلمها وتربى عليها، بالإضافة إلى أنها تكونت خارج المؤسسة والسلطة وكانت نتاج أرصفة وشوارع القاهرة وكل بر مصر بعد الهزائم والانكسارات التي قام بها النظام ضدنا ومازال.
في النهاية لا يمكن القطع بشكل نهائي عن المصداقية من عدم وجودها إلا إذا كنا على درجة من السذاجة عالية وظنها عبقرية لا نظير لها.
• فاطمة بوهراكة: شاعرة من المغرب
- ما يمكن قوله بخصوص هذا الأمر كثير ولكنه غير حاسم ونسبي، فهناك مؤسسات تقدم الجوائز محاباة لاسم معين أم لقضية ما لاغية بذلك ما يمكن أن نقول عنه شروط الفوز بهذه الجائزة، فمثلا لو تقدم لجائزة ما اسم ''كبير'' أدبيا وبجانبه مبدعون ليست لديهم نفس الشهر والتاريخ رغم توفرهم على جودة تكون أفضل من الكبير هذا فإن اللجنة تضحي بتلك الأسماء مقابل تقدير الجائزة للاسم الكبير حتى تنجح دورتها .. وقد لا حظ المتتبع العربي ذلك مرارا وتكرارا.. لكن في نفس الوقت لا يمكن القول أن كل المؤسسات متشابهة فهناك استثناءات.
• أم الخير الباروني: شاعرة من ليبيا
- الأولى أن تسأل عن مصداقية من يتقبلون تلك الجوائز، فالأديب الصادق لا يبحث عن اسم لامع يقترن به وهو يعلم في قرارة نفسه أنه غير جدير بهذا. التجارة طالت كل جوانب حياتنا وبأدق التفاصيل فيما يتعلق بلوازمنا الشخصية وبالتالي لا يمكننا التشكيك في الغرض والنوايا أو بالأحرى المصداقية، طالما أن الواجهة معنونة بإشارة تدل على تكريم الأدب والأدباء، أعود لأكرر الخلل في الأديب – إن صحت التسمية- الذي يقبل على نفسه بأن يكون السلعة.
• صباح الدبي: شاعرة من المغرب
- لا يمكن أن نتحدث عن مصداقية كاملة في أي شيء،الذي يبقى هو النص الأدبي إذا توفرت فيه شروطه الداخلية التي تضمن بقاءه الأبدي، أما الجوائز فهي أحكام معيارية خاضعة لإطار زمني و لمعطيات معرفية تتأثر بشكل لا مجال للشك فيه باختلاف الذائقة النقدية للأفراد و المؤسسات على السواء. لذلك فالمصداقية كل المصداقية للنص أولا وأخيرا.
استطلاع: محمد القذافي مسعود