مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اللغة طيعة متحفزة كالطينة التي بيد النحات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أسدرم

أسدرم


عدد المساهمات : 146
تاريخ التسجيل : 24/12/2011

اللغة طيعة متحفزة كالطينة التي بيد النحات Empty
مُساهمةموضوع: اللغة طيعة متحفزة كالطينة التي بيد النحات   اللغة طيعة متحفزة كالطينة التي بيد النحات I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 14, 2012 7:06 am

زيد الشهيد

بزغ اهتمامي باللغة في مضمار الأدب منذ قراءة ثاني موضوع. فقد أعلمتني قراءتي لأول موضوع بضرورة أن تكون القراءة للموضوع الثاني قراءة لغوية تعتمد تداخل وتماسك المفردات للخروج بصيغة تركيبية تمتلك مقومات التركيبة الحداثية من جهة والعطر الصوري القادم من جراء هذه التركيبة بحيث يجعل الذائقة متهيئة للتقبل وحيازة هيولي المتعة.

فاللغة طيّعة متحفّزة كالطينة التي بيد النحات تتهيكل على ما يرومها الكاتب وتنبني وفق تأججات موهبته واحتدام دواخله ورهافة ذوقه. هي التي حاورتُها يوما ودعوتُها أن لا تكون عصيّة على القلم الذي ينتجها، أن لا تكون متمانعة مع العقل الذي يخلقُها. فالاثنان "العقل والقلم" يريدان لها أن تتمايس برهافة رفلها، وتتسامق باهرة بالصور التي تشكّلها لينهلها المتلقي القارىء محتفظا بها بين عطفات رغبته.

لغة متراغية لا تنضب، لا تنكمش، لا تتقهقر. تحمل بذرة تأجِّجها في داخلها فتخلق. تقدم خلقا جميلا، فاتنا، تغترفه أعماق المتلقي، فتهتف ذائقته: ياااااااه ! كم أنتِ عطِرة، ساحرة، حييّة، أيتها اللغة. وكم هو مُبهر هذا الذي يتعامل معك وبك ليخلق من نسيجك هذا العالم الباهر، المثير؟!!

لذلك من يقرأ "سبت يا ثلاثاء" يجد أن اللغة تعمل عمل البطولة بمسار يوازي حركة الشخصيات، وتوالي الأحداث وتداخلها، وفعل المكان والزمان وظلالهما على أجواء الرواية. فلقد أردت جعل اللغة عاملا محفزا على استنهاض الصورة في مخيلة المتلقي وتراغيها وتوسيع أفقها بحيث تتسع الصورة في مخيلته عبر تكبيرها ذهنيا بالكثير من التفاصيل التي تختزلها اللغة، لذلك جاءت الرواية بمئة صفحة، مع أنني لو أردت لكانت بثلاثة أضعاف حجمها.

وهذا ما اكتشفه الناقد الدكتور فاضل عبود التميمي في قراءته لها فرأى أنها "تنفتح بأفق تراكمي على لغة مرمّزة تنوء بحمل مجازي شفيف، ومغاير…" وهي "في الوقت نفسه تتيح لمن يرغب في قراءتها مزيدا من التأمل، والحفر في مساراتها، ومساربها الدلالية، ولكثرة ما فيها من جمل مجازية وتشبيهية وكنائية وطباق وتصويت وتوضيح ووقفات فاصلة وإحالات تاريخية وأسطورية وتناصية فقد شكّلت مع بعضها مستويات متداخلة"

الدخول إلى أجواء رواية "فراسخ لآهات تنتظر" يعني مسايرة ثلاث شخصيات عاشت زمن التمرد في فترة الشباب "سبعينات القرن العشرين"، الشخصية الأولى محملة بموهبة النقد ورصد الواقع، وهي الأكثر تمردا، والثانية بموهبة الرسم وهي الأكثر إحباطا، والثالثة سقطت في غواية الشعر وكانت هي الراوي الذي يقص ويحكي فراسخ الآهات التي كانت تنتظر قوافل الفرج لتبددها وتحيلها منابت ارتياح وفنارات أمل… وهناك "نجاة" الشيفرة المشتركة مع رواية "سبت يا ثلاثاء" والفتاة التي ينتهكها "عريان" السافل في كلا الروايتين. وكان هناك الحصار الظالم والقاسي الذي فرض على العراق من الداخل ومن الخارج، مجسدا قسوة الإنسان الوحشية وساديته البغيضة.

في رواية "أفراس الأعوام" وظفت التاريخ وأحداثه ليكون مادة سردية تُقدِّم للمتلقي مسيرة مدينتي "السماوة" عبر بطل مركزي أسميته "جعفر حسن درجال" على مدى زمني يمتد لما يزيد على أربعة عقود ابتدأت من زمن الاحتلال البريطاني 1914حتى العام 1963. وقد استعنت بالعديد من المصادر كي تدعم تاريخ البطل وتجعل مخيلة المتلقي تتوقف عند العديد من الهوامش "التي قد تدفع هذا المتلقي للاستزادة من الحوادث ومعرفتها فيروح يبحث بين الكتب عمّا دلته عليه إشباعا لفضول، وشوقا للاغتراف".

قد ثبت لي أن الكاتب لم يعد يعتمد على مخيلته في السرد وتناول الأحداث إنما عليه الاعتماد على المعلوماتية التي تحتويها المراجع والمصادر والكتب لتشكل الكثير من مصداقية الأحداث وموضوعيتها.

وحياة يقضيها جعفر حسن درجال مُقسَّمة على ستين عاما لابد أن تكون مليئة بالأحداث خصوصا وهو المتعلم، في مدينة كانت نسبة المتعلمين فيها بائسة وكان الفقر فيها واسعا وشائعا، يرصد بعين الذاكرة الحركة الوطنية التي كانت الباع الأكبر للمد الشيوعي الذي استطاع التغلغل بيسر فاحتضنتُ أفكاره "بإدراك أو بغيره" الشرائح المُعدمة، كذلك النماذج المتعلمة التي كانت تتمزق ألما لرؤية الجياع والمحرومين يعيشون حياة هامشية، تُسحَق إنسانيتُهم وتُمحق تطلعاتُهم، لذلك مدَّني هذا الزمن النسبي "ستون من الأعوام" بجرعة حرية استطعت من خلالها أن أنتج رواية استحقت نيل الجائزة الأولى في مسابقة مهمة جدا هي مسابقة دار الشؤون الثقافية للعام 2011".

بنيتُ "رواية أفراس الأعوام" على واقع تتوالد فيه علاقة حب طرفاها "جعفر ابن حسن درجال" و"بهية ابنة عبد الكريم شوكت". الأول كان شيعيا والثانية سنية في واقع يشكل البرود الاجتماعي هوة كبيرة بينهما. ولكم أن تتصوروا علاقة عاطفية من هكذا نوع في عشرينات القرن الماضي بين هذين الطرفين. هل لهما قدرة الثورة والخروج منتصرين؟.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اللغة طيعة متحفزة كالطينة التي بيد النحات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ادب وشــــــــــــعر-
انتقل الى: