العرب أونلاين- عبد الدائم السلامي
اختارت وزارة الثقافة المغربيّة أن تكون أنشطة الموسم الثقافي 2012/2013 منصبّة في أغلبها على الفعل القرائي، وذلك بتكثيف الندوات ذات الصلة بالكتاب وتنشيط فضاءاته على كامل تراب المملكة. ويأتي هذا الاختيار تماشيا مع إيمان المغرب بكون القراءة حدثًا شعبيّا يسهم في تأصيل مفهوم ديمقراطية الرّمز، وينمّي الحسّ الوطنيّ لدى الناس، وينفتح بهم على الثقافة الكونية.
وفي هذا الشأن، نظّم المهتمون بالمسألة الثقافية، منذ مفتتح نوفمبر- تشرين الثاني الجاري، مجموعة من الفعاليات الفكرية التي اتخذت لها "القراءة" موضوعًا يبحث فيه المختصّون ما يمكن أن يطرح من مسائل وإشكالات، وذلك بغرض توفير المناسب من الأسباب والوسائل للنهوض بالفعل القرائي بالمغرب.
ولعلّ من أهمّ تلك الفعاليات القرائيّة تنظيم دورتيْن ثقافيتيْن حول الكتاب: واحدة اختصّت بالكتاب الجهوي بمدينة العيون، وثانية تمّ الاحتفال فيها بعيد الكتاب بتطوان.
العيون: القراءة سبيل إلى التنمية المحلية
بدعم من مديرية الكتاب، وبالتعاون مع ولاية جهة العيون- بوجدور- الساقية الحمراء ومؤسسة العيون للتربية والتنشيط الثقافي والرياضي، والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بالعيون، وفعاليات المجتمع المدني، نظّمت المديرية الجهوية للثقافة بالعيون الدورة الثالثة للمعرض الجهوي للكتاب التي تتواصل إلى غاية 27 من الشهر الجاري وذلك تحت شعار "القراءة أساس التنمية المحلية".
وتهدف هذه التظاهرة إلى تسليط الضوء على أهمية الكتاب والقراءة وإبراز الغنى والتنوع الثقافي بالجهة.
ويضم المعرض٬ الذي افتتحه وفد ترأسه العامل المكلف بالكتابة بعمالة إقليم العيون٬ عدة أروقة لمكتبات ودور النشر ومؤسسات عمومية تحتوي على 20 ألف كتاب حول الإدارة والمعلوميات والدين والتعليم والسياسة والطبخ والترفيه إضافة إلى معاجم وقصص للأطفال.
ومن محاور هذه الدورة، طرح للنقاش، في إطار مائدة مستديرة، موضوع "الكتاب بين السؤال البيداغوجي والرهان الثقافي"٬ إضافة إلى إقامة كما حفل لتكريم كل من الشاعر المحجوب ولد الطيب والفنان سعيد ولد المامي٬ فضلا عن تنظيم أمسيات فنية وأدبية ومعارض متنوعة وتوقيع آخر الإصدارات.
وأوضح المدير الجهوي للثقافة بجهة العيون٬ السيد أهل برادحا٬ أن تنظيم هذا المعرض يندرج في إطار السياسة التي تنهجها وزارة الثقافة لتوسيع دائرة القراءة والتشجيع على نشر المعرفة والاطلاع على آخر الإصدارات وإتاحة الفرصة للتعرف على الكتاب والمؤلفين.
وأضاف أن المديرية الجهوية للثقافة تحرص على جعل هذا المعرض منارة ثقافية طيلة أيام هذه التظاهرة الثقافية مشيرا إلى أن هذا المعرض سينفتح على تلاميذ المؤسسات التربوية داخل وخارج مدينة العيون لتقريب الكتاب منهم وجعله في متناولهم وذلك من أجل دعم القراءة العمومية من خلال الترويج للكتاب بمختلف الفضاءات وتنظيم لقاءات مفتوحة للكتاب مع جمهور القراء للتعريف بإصداراتهم.
يشار إلى أن هذا المعرض ضم عدة أروقة من بينها٬ على الخصوص٬ رواق إصدارات وزارة الثقافة ورواق آخر إصدارات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ورواق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.
تطوان و"عيد الكتاب"
ومواصلة لجهود المملكة المغربية في دعم الفعل القرائي، انطلقت يوم 23 نوفمبر- تشرين الثانس فعاليات الدورة الخامسة عشرة لعيد الكتاب التي تنظمها المديرية الجهوية للثقافة وتستمر حتى 30 من الشهر نفسه، وذلك تحت شعار "اقرأ".
وجاء في كلمة وزارة الثقافة التي ألقيت في حفل الافتتاح أن الوزارة تحرص على تنظيم هذا الملتقى السنوي إيمانا منها بوظيفته التنموية والتنويرية جهويا ووطنيا، وادراكا منها لما يشكله من "سياسة قرب ثقافي" تستجيب لوعي مشترك بالأهمية القصوى التي يكتسيها فعل القراءة .
ذلك أن فعل القراءة يشكل في حد ذاته المدخل الأساسي للانتماء إلى مجتمع المعلومات وإلى دمقرطة الثقافة وتيسير الوصول إلى المعلومة باعتبارها حقا من حقوق المواطنة .
كما أن تنظيم عيد الكتاب بات ضرورة لا محيد عنها.لا يوازيها إلا ضرورة تطويره والارتقاء بامكانياته المادية .مبرزة أن هذه التظاهرة تساهم في ترسيخ المكانة الثقافية لمدينة تطوان والحفاظ على إشعاعها وتفعيل السياحة الثقافية بالجهة .
كما اعتبر المنظمون أن الدورة الجديدة لعيد الكتاب ستكون أيضا لحظة التفكير في مسار الثقافة والتثقيف بالمغرب عامة وبالجهة بشكل خاص. باعتبارها محطة سنوية لتقييم انجاز الكتابة والتلقي تحتفي بالرصيد المنتج بقدر ما ينظر الى أفق المستقبل .
ورأت وزارة الثقافة أن هذه المقاصد تتوخى الرفع من وتيرة استهلاك الكتاب وصياغة لحظة تواصل منتج بين مختلف المتدخلين في صناعته واقتنائه مؤلفين وناشرين وصحافيين ومتلقين.
وتنفتح فقرات البرنامج الثقافي للدورة الـ 15 لعيد الكتاب على مجمل الكتابات الفكرية والنقدية والابداعية المغربية من خلال تقديم إصدارات جديدة في هذه الحقول .خصوصا لمؤلفين في شمال المغرب .وندوات حول "الخطاب الثقافي في ضوء الربيع العربي" وندوة حول الكتابة الروائية بشمال المغرب.وأخرى حول "الاستنبات في المسرح المغربي . محمد قاوتي نموذجا " .فضلا عن قراءات شعرية وقصصية .وورشات للحكي والتشكيل والمسرح بالاضافة لاحتضان معارض تشكيلية .بغية جعل المعارض لحظة نقاش فكري مولد ينخرط فيه مجمل الفاعلين والمشتغلين بحقل الكتابة .
ويشارك في الدورة، بالإضافة إلى وزارتي الثقافة والأوقاف والشؤون الإسلامية وكلية الآداب والعلوم الانسانية بتطوان، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومعهد سيربانطيس والمعهد الفرنسي والملحقة الثقافية لسفارة الولايات المتحدة والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جـيش التحرير والمركز الدولي لدراسات الفرجة وجمعية تطاون اسمير.
كما تشارك في الدورة دور مغربية للنشر والطبع ومكتبات من تطوان وطنجة والدار البيضاء والرباط ومكتبة سيربانطيس الأسبانية .