الأستاذ جمال موحد
قد بات واضحا أن مشروع الأستاذ المرشد والذي يستمد مشروعيته من المذكرة الوزارية رقم 155 الصادرة بتاريخ 10 نونبر 2009 في إطار المشروع E1P12 من البرنامج الاستعجالي يراد اعتماده آلية من آليات التأطير التربوي، ولا أدل على ذلك صدور مذكرات نيابية هذه السنة تفتح المجال أمام الأساتذة الراغبين في الترشح لهذه المهمة، ولاشك أن لهذا المشروع عدة دواعي من أهمها ما جاء في المذكرة المرجع وهو الضعف العددي الحاصل في أطر التفتيش مما سيجعل مهمة التأطير التربوي من حيث التغطية العددية للمدرسين بجميع الأسلاك تكاد تصبح مستحيلة خصوصا ونحن نعيش تطبيق العديد من المشاريع في إطار البرنامج الاستعجالي من أهمها المشروع البيداغوجي الجديد الذي يستدعي أطرا إضافية لمواكبته وتتبعه من جميع جوانبه....
وتأسيسا على كل ما سبق فمن المهم الآن أن يناقش الموضوع وذلك بتحليله من كل جوانبه، مادام الهدف هو الوصول إلى أهم الخلاصات الكفيلة بإنضاج المشروع ووضعه في السكة الحقيقية . فعلى المستوى اللغوي فالمرشد بضم الميم وكسر الشين اسم فاعل مشتق من فعل أرشد الذي من بين معانيه اللغوية حسب المعجم الوسيط دل على الشيء أو دل إليه وبالتالي فالمرشد هو الدال وبالتالي فجوهر مهمته هو تدليل الصعاب التي يمكن أن تعترض زملاءه في ما يخص النشاط التعليمي عموما وبالتالي فدلالات الإرشاد التربوي من الناحية اللغوية تحيلنا على تقديم المساعدة والدعم والإرشاد، ومن هنا فلاشك أن مهمة الأستاذ المرشد في جميع الأسلاك ابتدائي وثانوي إعدادي وثانوي تأهيلي تتلخص في التوجيه للعملية التعليمية أولا وأخيرا، وبذلك ستكون لها جوانبها الإيجابية التي لا يمكن إغفالها أو تغافلها ، والتي بإمكانها في حالة أخذها بعين الاعتبار أن تشكل قيمة مضافة في مجال التأطير التربوي وآلية من آلياته كما أريد لها من خلال المذكرة المنظمة.
من هذا المنطلق فهذه المهمة من المفترض أن يكون اختيارالمكلف بها اعتبارا للكفايات والمؤهلات التي تميزه عن باقي زملائه والتي من أهمها إلمامه بمجال علوم التربية وعلم النفس التربوي على المستوى النظري، وبالجوانب العملية الديداكتيكية والبيداغوجية ، بالإضافة إلى مواكبته للمستجدات التربوية ، وأيضا أن يكون قادرا على المساهمة في الـتأطير التربوي ومتمكنا من آليات التواصل بشكل جيد مع الأفراد والجماعة وأن يكون واعيا بأدواره الحقيقية والتي جاءت في مضمون المذكرة المرجع ، وقبل كل هذه الكفايات التي لا غنى عنها لممارسة الإرشاد التربوي يجب أن يكون قدوة في عمله وأدائه التربوي ومتسما بالجدية والمثابرة لأنه لا معنى أن يختار لمهمة مرشد من هو في حاجة ماسة إلى إرشاد، لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، وهل يستوي الظل والعود أعوج؟ وبالجملة يجب اختيار ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإلا فهذا المشروع سيفشل قبل ولادته، هذا من جانب، ومن جانب آخر يجب أن توفر للقائم بهذه المهمة الإمكانات المادية والمعنوية اللازمة للقيام بدوره الحقيقي.
ومن أجل ضمان تفعيل إيجابي وناجح لهذا المشروع الإصلاحي هذه مجموعة من الاقتراحات التي يمكن أن تمثل تصحيحا للثغرات التي يمكن أن تعرقله في بدايته أوردها كالتالي:
-إذا كانت الوزارة الوصية والمصالح المعنية بالأمر تود إعطاء هذه المهمة دورها الحقيقيي والذي يخدم العملية التعليمية التعلمية من عدة جوانب ،فلابد من تقييم شامل للخطوات التي يمر منها المشروع بدء بعملية الانتقاء ووصولا إلى تفعيل الدور على أرض الواقع ومن هنا يتوجب على الأجهزة الإدارية والتربوية التي لها علاقة بالموضوع أن تعتمد منهجية انتقاء واضحة المعايير كما هو وارد في المذكرة 155،و لا تعتمد فقط على ملف الترشيح والملف الإداري للمرشح وإنما يجب أن يضاف إلى كل ذلك مقابلة شخصية مع المترشحين إذا لزم الأمر تعتمد مبدأ تكافؤ الفرص حرصا على اخيار الأفضل .
-لابد من توضيح كاف لكل الأدوار والمهام التي وردت في المذكرة 155- و المترتبة على هذه المهمة بشكل لا مجال فيه للتأويل - لمن سيصبحون أساتذة مرشدين وبالتالي ترسم لهم حدود تحركهم ومجال اشتغالهم ومساهماتهم في مجال التأطير التربوي حتى تتبين الأمور وينجلي الغموض ومن تم يسير ما نريده إصلاحا في طريقه الصحيح.
-من اللازم توفر وتوفير المناخ التربوي المناسب لممارسة هذه المهمة، مع ضرورة اعتماد مبدأ التشجيع والتحفيز خصوصا لمن أثبتوا أهليتهم في هذا المجال، ومن المعروف أنه في غياب أي نوع من التحفيز- الذي تتعدد أنواعه- تضمر الرغبة ويغيب الإبداع والابتكار.
-أن يتم التركيز في هذه المهمة على الجانب الإرشادي والتكويني وأن يتم إبعادها ما أمكن عن كل ماله علاقة بالمراقبة التربوية ، كما يستحسن ألا يتجاوز عمل الأستاذ المرشد حدود المؤسسة التي ينتمي إليها.
-ضرورة تقييم التجربة سنويا من أجل الوقوف على أدائها ونتائجها وهل تحققت الأهداف المتوخاة منها أم لا ،ومن تم رسم خارطة طريق أخرى متجاوزة كل التعثرات التي اعترضت المشروع.
وفي الأخير، ومن الجدير بالذكر القول بأن هذا المشروع الذي لازال في بدايته يمكن أن يكون مدخلا من مداخل إصلاح منظومتنا التربوية إلى جانب مداخل أخرى لا تقل أهمية، خصوصا على مستوى التأطير التربوي وهذا رهين بمجموعة من الضمانات التي أشرنا إليها في ما سبق، وكلما توفرت هذه الضمانات والشروط إضافة إلى الإرادة الحقيقية في الدفع بهذه المهمة للعب دورها كاملا إلا وكان ذلك كفيلا بالمساهمة في تحقيق النجاح الذي تستحقه مدرستنا المغربية.