د.خان داكار سورندرا.أس
ترجمة : عباس محسن
هذه الورقة تستعرض محاولة التركيز على فكرة الحب والجنس في شعر كل من سيلفيا بلاث وكمالا داس أنموذجاً.فقد تعاملتا مع هاتين الفكرتين في شعرهما بشكل واضح وملفت للنظر.
التناقض الواضح بين هاتين الشاعرتين ذو شكل "مقيد"، سيلفيا بلاث كان لها استمرار واضح مع هاتين الفكرتين، بالإضافة إلى ذلك، إن كمالا داس تستحوذ عليها هاتان الفكرتان بشكل رئيسي، فكلتاهما سمتان متعلقتان أو متلازمتان عند بلاث.
سيلفيا بلاث تتقدم على كمالا داس إذا أُريد تأكيد هذه الناحية، فهي تنتمي إلى بيئة لها توجهات غربية إذ لا يمكن لأحد هذين الأمرين أن يظهر في حالات ما قبل الزواج.فهي تمتلك من الفرص السانحة لها كي تختلط مع الجنس المغاير.
الجنس ليس أمراً محرما "تابو"عند الاختلاطات لدى المراهقين الذين يمتلكون خلفية أدبية .فهم يستلذون بسعادة وهم يستخدمون أجسادهم قدر المستطاع.
مع هذه الأبعاد الفكرية تعاملت بلاث بعاطفة عالية مع فكرة " الحب" والتي جعلت تقنيتها الكتابية ذات بُعد ممتاز جداً .سيلفيا بلاث ولدت وترعرعت في جو فكري فهي لم تكن قادرة مع من هم في عمرها ومن هم أكبر منها سناً أن تفتح موضوعاً قد يحوي أي إثارة ويعد كأمر ملعون .صديقاتها يشعرن بأنها " في بعض الأوقات تميل إلى الانعزال النفسي وبطبيعة الحال هي قليلة التوجه نحو المجتمع الطبيعي، وجزئياً الخجل والشعور بالعجز.
الـفراغ العـاطـفي هـذا كـله نـشأ بـسبب مـوت والـدها الـتي تعده سابقاً لأوانه وتأثيرات الأم العقلية تعد من الإنجازات الفكرية والصداقات التي اكتسبت في الدراسة كلها تعد كحلٍ بديل للحب . هنا جاءت الحاجة في حياتها لكي تؤكد وبقوة علاقتها الخالصة بكونها إمراة سوية.
في روايتها التي حملت الصفة الاعترافية " The Ball Jar" ،سجلت انطباعاتها مع Buddy Willard فهو يتودد لها رغم صدها له، مستعرضا حبه العميق لها .وأخذها خارجاً في المناسبات.
وحاول أن يسهل لها فهم الجنس "ما قبل الزواج"عبر مشاهدته وهو يتجرد من ملابسه أمامها. وهذا يظهر واضحا في:
وحشيتها، ذات سخرية مبدعة تجاه أجزائه الذكورية في الرواية وهو يظهر كعنق ديك رومي وحويصلة الديك الرومي وكل علامات المراهقة الجنسية واضحة وكل النقاط المضيئة للبلوغ الجنسي المتجمدة المتوفرة في تلك اللحظة.
كل القصائد التي كتبتها سيلفيا بلاث المتضمنة فكرة موت والدها في مجموعتها الشعرية " Arial" يمكن إدراجها تحت عنوان قصائد حب، فهي واقعة في حب الطبيعة، في حب البحر ، في حب والدها الميت أو في حب الموت نفسه. الحب الجنسي الاعتيادي، والذي وقعت فيه عندما كانت فتاة بالغة لم يصبها بأي تأثير في حياتها الخاصة أو أفكارها الشعرية:
"أحامض خليك في علبة السلطة؟
لا تقبل .فهذا الأمر ليس بالحقيقي .
أخاتم ذهب والشمس فيه؟
أكاذيب ،أكاذيب وحزن."
سيلفيا بلاث تبحث عن الرجل المناسب لتشاركه الحب وتختم به حياتها، عندما التقت تيد هيوز وتزوجا في العام 1956، كلاهما أبدعا في فن الكتابة والأدب وتشابها في ذائقتهما الأدبية والحياتية، مما أعلمنا بأن هذا الزواج كان سعيدا. توسع عالم سيلفيا بلاث عندما أصبحت أُماً وقد حققت نجاحاً مذهلا ً في عملية المزج ما بين حياتها العملية – المنزل – والمهنية – الكتابة .كذلك وجد الأطفال مشاركة كبيرة في هذا الحب.
سيلفيا بلاث كانت أمّا شابة لطفلين، الزواج يعد صخورا متراكمة ومتصادمة وضعت أمامها .في اتجاهات عديدة، لعبت دورها في هذا الزواج ببراعة، بشجاعة وببطولة، سحر وجاذبية تيد هيوز بدأ يتلاشى وبدأ –أي هيوز- يطور علاقات غير شرعية مع نساء أُخريات . تيد هيوز جعلها تقر وتتجاهل المرأة.
فقد فرضها فرضاً كأنه اختيار. وعليها – أي سيلفيا- أن تنظر لهذا الأمر على أنه أمر اعتيادي في الحياة.فنجدها هنا تصرخ :
"أنا لست امرأة صوفية:
لا لست كذلك
ما لتضع في الحسبان
إنها تملك روحاً
وهو متداخل في كياناتها."
عندما تنشأ صرخاتها المتألمة تقرر أن تتخلى عن كونها إمرأة جريئة في حياة هيوز وتدرك أن ربيع أيام الحب قد بدأت تُجدب. وعندها صار لديه خيار بديل لذا وقعت في حب آخر هو – حب الموت – الذي يبدو أنه أعجبها وتملكها، منذ مدة طويلة.
كمالا داس، من وجهة نظر أخرى ،استخدمت بُعداً آخرلحبها للشعر وذلك عبر شغفها المتأثر و الواضح بالموروث الهندي الشعبي ونجده واضحاً وجلياً في الأساطير والملاحم الهندية .البحث عن الحب هو من أهم أولويات شعر كمالا داس ويعد شغلها الشاغل فيه.
تم التعليق على هذه الفكرة من قبل ديفندرا كولي "على الرغم من أن جميع نقاد كمالا داس من البديهي أن يلاحظوا أن جزءاً من هذه القوة الشعرية مستمد من قوة شخصيتها. بينما عنوان شخصيتها يبدو عليه الوضوح وسهولة التنبؤ به عبر ذلك، كما يبدو ظاهراً أينما حل".
قامت بإنشاء فكرة أكثر تعقيدا عندما تحاكي الحب الميثيولوجي، وسجلت حنينها وشوقها في مذكرات حملت عنوان" هذه حكايتي" نحو الشكل التالي:
كنت أبحث عن حبيب مثالي . كنت أبحث عمن يذهب إلى Mathura وينسى أن يعود إلى Radha خاصته .
كنت أبحث عن الوحشية القابعة في أعماق قلب رجل . وإلا لماذا لم أجد الطمأنينة بين ذراعي زوجي ؟ لكن بكل صدق تمنيت أن تموت نفسي .كل الأشخاص الذين أحبوني لم يفهموا لهذه اللحظة لماذا أنا جامحة.
بحث كمالا داس عن الحب عند أكثر من رجل قادها نحو تعقيدات كثيرة .هذا التطور المتقدم هو بداية لشاعر العصر الحديث، والذي يحوي فكرة الحب والجنس معاً ويناقش هذه الفكرة بلا أي أمر يذكر.لديها القدرة على تقديم أفكارها، الأولية الخام، العارية المجردة، ومن دون أي زيادات يجمعها خيال جامح وتعابير مجازية .فهي عاشت وأحبت مثل " Radha" مثل ملكة ولا يمكنها الإقلاع عن الوهم أن تعيش في غرفة واحدة في إحدى شقق مدينة بومباي .كتبت في مذكراتها التي حملت عنوان "هذه حكايتي" حيث تقول فيها : " من كل مدينة عشت فيها أحمل منها ذكرى ،عن المساء في " Malabar" يصاحبها وجع يكبر في داخلي يدعى الحنين للوطن ".
ونفس هذه العواطف الجياشة نجدها تتردد متكررة في شعرها:
لا يمكن التصديق يا حبيبي
هل بمقدورك ،أن أعيش في المنزل نفسه
ونحن فيه من السعداء ومحبين لبعضنا البعض…أنا التي لم تعد قادرة
على إيجاد الطريق
وهي تطرق الأبواب الغريبة
متوسلة أن تُمنح حباً
على الأقل بتغيير صغير؟
هذا الالحاح على الحب يصبح جدياً وبصورة قوية يمكن أن تنتج عنه علاقة واضحة من المؤكد أن تجد بصماتها في تطورها الشعري .العديد من الأشخاص دخلوا حياتها كمحبين وعشاق لها ولم يكلف ذلك أي جهد منها لتخفي هذه الحقيقة .فمشكلتها كانت – كما تصف – هي:
أوه نعم، ربما إيجاد رجل لتعشقه يعد أمرا سهلاً ، لكن العيش من دونه فيما بعد هو أمر صعب أن تواجهه.
حاجة أو رغبة كمالا داس أن تمتلك رجالاً عديدين في حياتها نجد له تبريراً في أماكن شتى، فهي تشتاق إلى الحب فحسب الذي لا يعرقل حيويتها نحو الحرية .تصورها عن الحب المثالي نجده يتجسد جلياً في قصيدة تحمل عنوان-بيت اللهو القديم – " The Old Play House ":
الحب هو *Narcissus ينظر نحو حافة بئر الماء، يطارد وجهه الجميل، وحتى هذه اللحظة هو في بحث وفي خاتمة الخواتم، الطهارة، الحرية المتكاملة، يكون كل المرايا التي تدمر والليلة السعيدة التي يمحو فيها وجه الماء.
تجاربها مع الحب أخذ عدة منحنيات، وهذا بالطبع يعطي ولادة لإحباطات أكثر وبالأخير شعر أكثر .تريد حُباً يلبي رغبتها ويصبح "السجين "على الرغم من رحابة الكون :
البحث عن الحب المثالي يستكمل من خلال شعرها.تصورها عن الحب أخذ – مرة أخرى – منحى جديدا وبشكل مثير جداً. في "الحب" هي تعترف:
حتى أجدك،
سأكتب شعراً،أرسم لوحات،
وأخرج مع الأصدقاء
للتمشي خارجا...
هي مصابة بمرض الحب، الذي يكون عميقاً فحسب . ومع كرهها الشديد للضياع ، تسأل قُراءها:
…….ماهو
الاستخدام ، ما هو الاستخدام الدموي ؟
الذي يعد النوع الوحيد للحب،
حبها المثالي،الذي تبحث عنه هو حب جدتها – شريكها في الحب وأيضاً في الحب المثلي –السحاقي، الذي مرت به كتجربة في المدرسة، فشلت فيه فشلاً ذريعاً ولكن وبشكل سلمي كلياً وشعريا أيضاً هذه الأنوثة التي لا جدوى منها جعلت الغضب في كل من زوجها، محبيها، والمجتمع عد هذا الحب أمراً ملعوناً، فهي تقول:
"أريده كي أنجو من حب عقيم هذه القسوة أمر اعتيادي عندما تقع النساء في الحب".
في بعض الأحيان تُخفي هذا الإنكار للحب وشهوة بعضنا للبعض . وفشلت أن ترسم خطاً ليوضع بينهما ، مما أصابها بالحزن والمعاناة وعلامات فقدان الأمل بادية عليها.
كمالا داس أيضاً، مشابهة لسيلفيا بلاث في مواجهتهما للموت ولكن لحسن الحظ كانت – أي كمالا – في هذا الأمر تم إنقاذها من قبضته المتوحشة. تعليقها عن الحب متواصل حتى يكون فكرة في شعرها الذي دفعها نحوالأمام للتفاؤل.
وهي قد رفضت أن تحوي قصائدها هذا النسق من النغمة، ففي قمة اللهفة والتوق لكشف المناطق المظلمة – المحرمة- في اللاشعور وكشف الأمر لجعله في مكان ما منه.
في الختام يمكن أن نبين من خلال تلك الأسطر السابقة توضيح إن فكرة الحب والجنس قد استخدمت في شعر كل من سيلفيا بلاث وكمالا داس في قصائد متعددة.
***************
نقلاً عن:
The Criterion: An International Journal in English ISSN "0976-8165"
Vol. II. Issue. III September 2011
الهوامش :
*القوطيسوس :أو السيتيسوس نبات من فصيلة القرنيات يتسم بعناقيد من الأزهار الصفراء الجميلة.
* نرسيسوس : شاب جميل تزعم الأسطورة الإغريقية أنه افتتن بجمال صورته في الماء فتحول إلى زهرة النرجس.- المترجم-.