اختفى إيريك غيرتس مدرب المنتخب المغربي منذ الأحد الماضي عقب خسارة لا عبيه أمام منتخب موزمبيق المتواضع. ترجح الإشاعات عودته لبلده بلجيكا فيما تذهب التكهنات إلى أنه وقع آخر فصول رحلته الفاشلة مع “أسود الأطلس” الذين تعرضوا لـ “لدغات” لا تنسى من ’أفاعي‘ براري موزمبيق. الجميع يكاد يجمع أن قضية ’استقالة‘ غيرتس أصبحت قدرا مقضيا.
مدرب الليل
بعد ما يقارب السنة من البحث الدائب عن خلف لروجيه لومير الذي كان يدرب المنتخب المغربي، تمكنت الجامعة الملكية لكرة القدم من التعاقد أخيرا مع إيريك غيرتس مدرب نادي الهلال السعودي. قيمة العقد وبنوده ظلت سرا مقدسا لم يستطع لا وزير الشبيبة والرياضة ولا حتى الوزير الأول الاقتراب منه حتى الآن رغم التعهدات والوعود. التحق غيرتس بالمنتخب المغربي (يوليوز 2010) بعدما رفض مدربون معروفون عروض تدريب “أسود الأطلس”. قيل آنذاك إن غيرتس احتفظ “سرا” بإشرافه ’عن بعد‘ على نادي الهلال السعودي الذي يملكه أمراء أثرياء، بل ذكرت في حينها مصادر صحفية أن غيريتس ظل في الواقع في ملكية “الهلال” وأنه التحق بالمغرب على سبيل الإعارة ليس إلا. وتناقلت الصحافة الاجتماعية في حينها أن غيريتس يدرب الهلال نهارا ويدرب المنتخب المغربي ليلا!
بعد لومير الذي سبق وأن قاد المنتخب الفرنسي ونتائجه المخيبة مع المنتخب المغربي، كان على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن تبحث عن “منقذ” يرضي تطلعات المغاربة، ويصد سهام الصحافة المنتقدة لإصرار الجامعة على الاستعانة بخدمات مدرب أجنبي. وبحسب البيان الذي أصدرته الجامعة الملكية عقب التوصل لاتفاق مع غيريتس فإن الهدف تحدد في “تقويم مسار المنتخب المغربي”. غير أن المسار الذي سار فيه غيرتس كان عبارة عن سلسلة من الإخفاقات والهزائم.
استقالة عبر الفاكس
تأهل المنتخب المغربي لمنافسات كأس الأمم الأفريقية الأخيرة بشق الأنفس، إلا أنه غادرها قبل أن يسخن المدرب كرسيه. حينئذ تساءلت الصحافة المغربية عن جدوى الاستمرار مع مدرب يكلف خزينة الدولة مبالغ خيالية بلا فائدة. “كانت الجامعة الملكية لكرة القدم تخشى من شروط العقد الذي يقضي بأن تدفع للمدرب مستحقاته في حالة إنهاء خدماته قبل مدة العقد”، يقول الصحفي الشاب أمين الخطابي.
وعلى الرغم من خيبة أمل جماهير كرة القدم المغربية في غيرتس، إلا أن الأخير ظل واثقا من أنه ’لا يمس‘ مما حدا ببعض المتابعين للشأن الرياضي إلى الإشارة ’لجهة عليا‘ متمسكة به. بل نقلت الصحافة المغربية عن غيريتس نفسه أن الملك محمد السادس أعطى تعليماته بعدم التعرض له.
يوم الأحد الماضي أو “الأحد الأسود” كما وصفته الصحافة المغربية، كان حاسما في مغامرة غيريتس المغربية. فقد ذكرت صحيفة الأخبار المغربية أن المدرب سلم على لاعبيه في مستودع الملابس بعد الخسارة أمام منتخب موزمبيق ومن الملعب مباشرة إلى المطار في اتجاه البرتغال وبروكسيل؛ الأمر الذي فُسر على أنه إشارة “وداع”. بل ذهب موقع “لكم.كوم” الإخباري استنادا إلى مصادر إعلامية بلجيكية إلى أن غيريتس قدم استقالته فعلا عبر الفاكس لرئيس الجامعة الملكية لكرة القدم ولا يبقى سوى الإعلان الرسمي عنها.
لدغة الأفعى
هزيمة موزمبيق اعتبرت بمثابة “اللدغة السامة” التي أجهزت على غيريتس وعلى “أسود الأطلس”. ولكن لماذا لم يرحل غيريتس من قبل؟ يورد الصحفي أمين الخطابي احتمال أن تكون محطة موزمبيق هي الأخيرة بالنسبة للمدرب البلجيكي إن لم يتجاوزها تسقط الشروط الجزائية الملحقة بالعقد الذي يستمر إلى غاية 2014. “مباشرة بعد نهاية المباراة الأخيرة مع منتخب موزمبيق، قام بتوديع اللاعبين، وهذا يدل على وجود اتفاق مسبق ربما مع مسؤولي الجامعة بأن نتيجة المنتخب المغربي مع موزمبيق ستكون حاسمة”.
’الأفاعي السامة‘ هو اللقب الذي يحمله منتخب موزمبيق و ’أسود الأطلس‘ هو لقب المنتخب المغربي. وبالنظر لانقراض أسد الأطلس مع نهاية القرن التاسع عشر، فإن الصفحات الاجتماعية مملوءة بصور مركبة تمثل “الأسد” المنقرض طبيعيا والمهان كرويا في صورة قط منهك القوى. وهناك صور معدلة أيضا تظهر الأسد الحقيقي يبث تظلماته أمام العالمين: أكثر من أهانني ’أسد‘ سوريا و ’أسود المغرب‘!
وذكر الصحفي الشاب أمين الخطابي أن البرلمان المغربي سيسائل قريبا وزير الرياضة أوزين وأعضاء من الجامعة الملكية لكرة القدم. وتشمل أسئلة النواب كذلك الوضع “الكارثي” للرياضة المغربية بصفة عامة وخاصة عقب النتائج الباهتة التي حصل عليها الرياضيون المغاربة خلال الدورة 12 للألعاب الأولمبية المنظمة مؤخرا في لندن. كما وردت أنباء غير مؤكدة تشير إلى الشروع في إجراءات حل مكتب الجامعة الملكية لكرة القدم.
هسلكس