هسبريس ـ حسن الأشرف
يبدو وفق ما توصلت إليه "هسبريس" أن النزيف الخطير الذي تعرضت له السيولة النقدية في المغرب كان سببا ضاغطا دفع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران إلى إطلاق شعاره الذي استلهمه من الآية الكريمة: "عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه"، في إشارة إلى عدم فتح ملفات الفساد السابقة في البلاد.
واعتبر البعض بأن عددا من الأثرياء والمستثمرين سحبوا أموالهم وودائعهم من الأبناء خشية أن تُطبَّق عليهم خطة محاربة الفساد التي أطلقها حزب المصباح في حملته الانتخابية، وأيضا مباشرة بعد تعيين الحكومة الجديدة، الشيء الذي أفضى إلى نقص فادح في السيولة المالية للأبناك وفي المُقدرات من العملة الصعبة للبلاد، وهو ما اضطر بنكيران إلى المسارعة بالقول "عفا الله عما سلف"، من أجل بث الاطمئنان في نفوس المستثمرين والأثرياء.
وفي سياق ذي صلة راجت معلومات داخل حزب العدالة والتنمية، لم يتم التأكد من صحتها، بأن مبيعات الخزائن الحديدية التي يتم تخزين الأموال فيها ارتفعت بشكل قياسي مباشرة بعد فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية، لتتجاوز بذلك 16000 صندوقا فولاذيا.
وللتعليق على هذه المعطيات، قال محمد المسكاوي رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام إن قوى الفساد في المغرب هي شبكات محترفة تعرف دقائق الأمور ومخرجات القانون، مشيرا من جهة أخرى إلى أن الدستور الجديد أعطى الصلاحية كاملة لرئيس الحكومة.
ويشرح المسكاوي، في تصريحات لهسبريس، بأنه كان من المأمول في رئيس الحكومة أن يبدأ في معركة تشريعية لتغيير القوانين وإصلاح القضاء بشكل جدي للقطع مع مظاهر النهب والفساد، لكنه يبدو أن منشغل بالتصريحات الإعلامية أكثر من أي شيء آخر"، وفق المسكاوي.
وزاد الناشط في مجال محاربة تبذير المال العام بأن مسألة نقص السيولة تفندها إحصائيات بنك المغرب، لافتا إلى أن المشكلة المالية للمغرب اليوم تكمن أساسا في تناقص احتياطي العملة الصعبة بسبب ثقل وارتفاع فاتورة النفط.
واسترسل المتحدث بأن "تخويف المغرب من هروب رؤوس الأموال بسبب محاربة الفساد أمر لا يستقيم وغير صائب تماما"، موضحا بأن "تطبيق القانون وعدم الإفلات من العقاب سيحقق للدولة مداخيل جديدة ومهمة نحن في حاجة إليها".
واستدل رئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام بأنه مثلا بسبب غياب الشفافية في الصفقات العمومية، يخسر المغرب سنويا حوالي 3 مليون دولار، ون نسيان التقارير الأخيرة التي تحدثت عن حجم الأموال المهربة إلى الخارج.
وشدد المسكاوي، في تصريحاته ذاتها للموقع، على أن المستثمر الحقيقي سواء الوطني أو الأجنبي يحتاج إلى القانون والقضاء النزيه، مردفا بأن رجال الأعمال المغاربة عليهم أن يتجهوا إلى الأعمال التصديرية التي تجلب العملة في إطار تكافؤ الفرص والشفافية.
وتابع المسكاوي بالقول: "اسمحوا أن أتكلم باسم الشعب المغربي، كواحد منهم، نحن مستعدون للتضحية إذا كانت هناك معركة ضد الفساد، ورئيس الحكومة من واجبه تطبيق ما تعاقد بشأنه مع جزء كبير من الناخبين؛ وهو محاربة الفساد والنهب، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني وفق معايير دولة الحق والقانون"، على حد تعبير المتحدث.