نفايات صناعة استخراج زيت الزيتون
مقال منقول عن د.محمد فايد
إن صناعة زيت الزيتون تنفرد بحجم ونوع تلوثها للمجاري الطبيعية والمياه الجوفية على حد سواء. لم يكن هذا المشكل ليطرح أو ليصبح من أحاديث الساعة لولا تحديث الصناعة وجرها إلى المدن. ذلك أن وحدات إنتاج زيت الزيتون بالطريقة التقليدية وهي الطريقة التي تستعمل العصر والتحثيل على عكس الطريقة التي تستعمل الطرد المحوري والذي يختلف اختلافا كبيرا عن التحثيل، كانت منتشرة في البوادي ومتفرقة من حيث يصبح حجم النفايات التي تنتجها هذه الوحدات لا يستحق الذكر لتفرقه وضئالته بالنسبة لكل وحدة. لكن مع تحديث الصناعة واقتناء المعدات التي تعالج عدة أطنان في اليوم جعل النفايات تكثر في المدينة.
كانت كمية النفايات الصلبة التي تخلفها وحدات إنتاج الزيتون تبقى مكدسة بجانب مطاحن الزيتون التقليدية التي كانت لا توجد إلا في البادية. ولم تكن تشكل أي خطر بل لم تمن تستوعب اهتمام الناس. ومن بين استعمالاتها كانت إما تحرق للتسخين أو تستعمل بعد وقت طويل إن بقيت كسماد للأرض. ونشير إلى أهم نقطة في هذا الموضوع أن انتقال الصناعة من التقليدية إلى الصناعية جعل هذه الصناعة تكون في المدينة ومع الزيادة في الإنتاج فإن النفايات الصلبة أصبحت تثير اهتمام كل المهتمين بالأمر ومن لهم صلة بما تشكله من خطر.
إذا علمنا أن الزيتون يحتوي على كمية هائلة من المواد الصلبة تصل إلى 12.% وبعد استخراج الزيت فإن هذه المواد تبقى ضمن المواد المتحثلة. وهي بنفس الحجم بالنسبة لطرق العصر إما التقليدية أو الحديثة. إلا أن هذه الأخيرة تنتج نفايات صلبة مبللة أكثر من الطريقة التقليدية. ولا تعرف هذه النفايات إلى حد الآن أي استعمال مرشد ليعطي مواد ذات قيمة مضافة وإنما هناك بعض الاستعمالات المنزلية المحدودة كالحرق والتسميد ونادرا ما تستعمل هذه المواد كعلف للماشية. بل يتفادى المزارعون تغذية هذه المواد للماشية نظرا لصلابتها ونظرا لوجود أطراف النوى والتي يزعم أنها قد تسبب بعض الأضرار للحيوانات.
إن هذه النفايات تمثل موردا غنيا من البروتينات الصالحة للاستعمال في تغذية المواشي. إلا أن هذا الاستعمال يستوجب وجود طريقة علمية صحيحة وعالية من لدن الباحثين في الميدان لتصبح هذه المواد صالحة للاستهلاك الحيواني. وأخذت بعض المختبرات الوطنية الآن تبحث في هذا الاتجاه لإيجاد الطريقة الصالحة على المستوى الصحي والكيماوي والغذائي وكذلك إمكانيات تصنيعها وإدماجها ضمن الخلائط العلفية. وفي هذا الصدد لجأنا إلى الطرق الحديثة التي تضمن الخصائص التي أسلفنا مع التزام أدنى حد في التكاليف والتمويل. هذه الطريقة التي تعتمد على الهندسة الإحيائية أو البايوتيكنولوجيا كما هو الشأن بالنسبة للنفايات الأخرى.
وكسائر المواد العضوية الأخرى فإن نفايات الزيتون تكون صالحة للتحويل وقابلة للتخمر لتصبح مركبا غنيا بالبروتينات والألياف الخشبية. إن تصحيح هذه النفايات بإضافة بعض العناصر الضرورية لنمو الأجسام الحية الدقيقة ثم زرع الأنواع الصالحة للتخمر يجعل كمية كبيرة من هذه النفايات تستعمل بطريقة رشيدة وموضوعية. وقد توصلنا إلى الحصول على مركبات تدخل فيها نفايات الزيتون بقدر هائل يفوق 50 %.