و.م.ع
كشف بحث ميداني حول عقود الزواج أنجزته خمس جمعيات محلية بالمغرب بشراكة مع منظمة "غلوبل رايتس" الدولية التي تعنى بحقوق الانسان٬ أن عدد عقود الزواج التي تتضمن شروطا يظل ضئيلا جدا إذ أنه من أصل 75 ألف و173 عقد زواج تمت دراسته٬ فقط 822 عقدا يتضمن شروطا إضافية.
وأضاف البحث الميداني الذي تم تقديمه خلال ندوة صحفية نظمتها مؤخرا الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف (أناروز) ٬ أن هناك توجها عاما وإن كان ضئيلا نحو تضمين العقود لشروط إضافية٬ مبرزا أن النسب المئوية لهذه الشروط شهدت ارتفاعا على مدى السنوات المشمولة بالدراسة٬ إذ انتقلت من 0,7 في المائة سنة 2007 إلى 1,6 في المائة في 2009 ٬ وبلغت 0,77 في المائة بالنسبة لجزء من سنة 2010 المشمول بهذه الدراسة.
وأوضح هذا البحث الذي يتوخى النهوض بالحقوق الإنسانية للمرأة المغربية من خلال الاستعمال الاستراتيجي لعقود الزواج٬ أن معظم الشروط المسجلة في عقود الزواج تهم حق الزوجة في الاشتغال خارج المنزل ( 314 حالة ) وتحديد مكان إقامة الزوجين ( 178 حالة ) وشرط يتعلق بالتعدد ( 87 حالة ) وحق الزوجة في متابعة دراستها ( 80 حالة ) و شرط يتعلق بنفقة وزيارة الأهل ( 33 حالة )٬ بينما اشترطت النساء في تسع حالات٬ حقهن في التصرف في أجورهن٬ مضيفا أن معظم الشروط التي تضمنتها عقود الزواج ترتبط بالحقوق الأساسية المحمية أصلا في الدستور.
كما سجلت الوثيقة أن 21 عقد زواج تضمن بندا يشترط حق الزوجة في السفر إلى الخارج مع زوجها تفاديا لبقائها وحدها في المغرب٬ في حين التزم الأزواج في 8 عقود زواج "بعدم ممارسة العنف ضد زوجاتهم" و "بالتعامل معهن بالتي هي أحسن".
وتقر مدونة الأسرة بإمكانية إبرام الزوجين لاتفاق منفصل بخصوص الممتلكات الزوجية وكيفية تدبيرها٬ لكن تبين من خلال البحث الميداني أنه من أصل 75 ألف و173 عقد زواج شملتها هذه الدراسة٬ لم يتم العثور سوى على 36 حالة أي ما يعادل 0,5 في المائة من الحالات التي تم فيها إبرام اتفاق منفصل بخصوص الملكية الزوجية.
وذكرت الدراسة أن فرق البحث واجهت العديد من الصعوبات حتى في إيجاد سجلات بخصوص الاتفاقات المنفصلة بشأن الملكية الزوجية٬ مشيرة إلى أنه في بعض الحالات٬ كانت الوثيقة تحمل إسم "إشهاد" عوض "عقد ملحق" كما هو منصوص عليه في قانون الأسرة.
وأضافت أن مضمون اتفاقات تدبير الممتلكات الزوجية٬ التي تم العثور عليها في إطار هذا البحث٬ قصير جدا ولا يتعدى صفحة واحدة٬ أما بنودها فتبقى عامة وفضفاضة ولغتها مجردة وغير دقيقة.
وسجل المصدر ذاته أن أغلب هذه الاتفاقات لا تحدد نوع الملكية التي كانت في حوزة الزوجين قبل زواجهما٬ كما أنها لا تحدد ما هو مشترك في إطار هذه الملكية ولا ما يعود منها لكلا الزوجين ٬ علاوة على أن طريقة صياغة هذه الاتفاقات ليست بالواضحة ولا تساعد على حل أية نزاعات مستقبلية قد تقع بين الزوجين بخصوص الملكية.
وخلص هذا البحث إلى أن معظم الأشخاص المستجوبين باختلاف مهنهم لا يتوفرون سوى على معرفة محدودة وغير دقيق بالمقتضيات المتعلقة بعقود الزواج التي يتضمنها قانون الأسرة٬ مضيفا أن العدول واعون بشكل عام بإجراءات الزواج وبواجباتهم القانونية المرتبطة بإخبار الخطيبين بإمكانية فرض شروط وإبرام عقد منفصل خاص بالملكية الزوجية.
وسجلت الدراسة تباينا في الآراء والمواقف بين قضاة يعتقدون أن الشروط في عقد الزواج مفيدة وإيجابية لكونها توضح العلاقة بين الزوجين منذ البداية وتجعلها تقوم على أسس سليمة٬ وآخرين يعتبرون أن مثل هذه الشروط "تنزع للزواج شرعيته وتساعد على الزيادة من عزوف الشباب عن الزواج٬ في حين اعتبر بعض القضاة أنه من المهم إدراج شروط إضافية في عقد الزواج من أجل حماية حقوق النساء في حالة الطلاق .
من جانبهم٬ أقر المحامون الذين تم استجوابهم بأنه يتعين إلغاء "الطابع القدسي" الذي يميز الزواج من خلال إبرام عقد مدني كفيل بحماية حقوق النساء والأطفال بشكل أفضل.
غير أن العدول والقضاة والمحامين نبهوا إلى الطابع غير الإلزامي للشروط الإضافية٬ مما يجعلها دون جدوى بل أكثر من ذلك يجعلها مجرد شكليات لا تعمل على حماية حقوق النساء في الواقع٬ كما أن القانون لا يفرض عقوبات في حالة الإخلال بهذه الشروط.
شاركت في إنجاز هذا البحث الميداني كل من جمعية الأمان من أجل تنمية المرأة بمراكش٬ وجمعية توازة لمناصرة المرأة بتطوان٬ وجمعية تافوكت سوس من أجل تنمية المرأة بأكادير٬ وجمعية أمل من أجل المرأة والتنمية بالحاجب٬ وجمعية المحامون الشباب بالخميسات٬ و29 محاميا.