بشار أسد على شعبه المستضعف ونعامة في منطقة الجولان المحتلة
عبد الرحمن القاسمي
إن المتتبع لتطور الأحداث في سوريا يستوقفه ذلك المشهد الدموي اليومي،من خلال استمرار ثورة ربيع سورية المجيدة وردة فعل النظام القمعية والهمجية مع الثورة.والحق يقال أن دماء الأبرياء المسالمين التي سالت وبللت أرض سوريا المناضلة لا يمكن أن تذهب سدا،وأن يوميات الثوار المخططة بدماء زكية ستقف شاهدة على جلاد سوريا الذي يقتل وينكل ناسيا أو متناسيا أن حبل المشنقة وقاعات المحكمة سبقه إليها حكام من نفس طينته.لكن ما لم يكن متوقع وقع- وللأسف الشديد ولربما سيكشف النيات- و ستكون له تداعيات كبيرة في المستقبل القريب على منطقة الشرق الأوسط.
ما هو معروف عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله هو التبصر والتعقل في كل خطوة يخطوها،وهذا ما أعطاه التقدير والاحترام الكبيرين.لكن أن يخرج السيد في خطاب له ويعلن دعمه الكامل لنظام بشار الأسد فهنا يكمن الخلل وبالتالي الخطأ على الأقل بالنسبة لتلك الجماهير الشعبية في سوريا التي تخرج ليل نهار منادية بالحرية، ناهيك عن الجماهير العربية والإسلامية التي استبشرت خيرا من الربيع العربي الذي حرر العقول والقلوب من مرض الخوف.فخطاب السيد فيه تجريح لمشاعر كل عربي تواق للحرية من نظام ديكتاتوري لم يطلق ولو رصاصة واحدة من أجل تحرير الجولان المحتلة - من قبل الصهاينة - حتى فاجأ العالم بتوجيه الرصاص لشعبه الذي لم يرتكب كبيرة سوى أنه طالب الرئيس بالإصلاح في مرحلة أولى.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح،هل الأمين العام لحزب الله كان مجبرا على أن يقول الكلام الذي قال به ؟ يخيل إلي أن المصالح التي تربط بين المقاومة اللبنانية ( حزب الله ) ونظام بشار الأسد كانت من وراء الخرجة الإعلامية للسيد – وهي خرجة غير موفقة - ليثبت من خلالها أن الصديق الحليف يعرف في الشدائد وبالتالي جاء تعبيره عن الدعم الكامل للنظام السوري.إن نصرة الحليف أو الصديق أو الأخ ليس بالضرورة تقديم الدعم له وتشجيعه على ارتكاب المزيد من المجازر،لأن في إعلان الدعم الكامل دلالة ورسالة مفادها أنك على حق وأن الثوار على باطل وأنهم يتحركون وفق أجندة خارجية.إن نصرة الأخ واجبة سواء كان ظالما أو مظلوما،لكن كيف ننصر الأخ وهو ظالم؟ننصره بنصحه للكف عن غيه وجبروته لعل الله يلهمه الرشاد والقرار الصائب.ثم كيف يصف الأمين العام لحزب الله العقيد الليبي بالجلاد ويحيي ثوار ليبيا في الوقت نفسه يسئ لثوار سوريا إإإ هل لأن العقيد الليبي متهم بخطف المرجع الشيعي الصدر؟ العقيد الليبي مجرم قاتل لشعبه وغيره من هذا المنطلق وجبت اذانته،نفس القول ينسحب عن أسد سوريا قاتل شعبه بلا رحمة ولا هوادة.إذن مادام منطق المصالح هو الحاكم والفاصل في القول والعمل،فمصالح حزب الله ونظام بشار وإيران تتعارض مع مصالح الجماهير السورية التي تنادي بالتغيير ومعها جماهير البلدان العربية وهذا ما سيعقد ويأزم العلاقات الشرق أوسطية في المستقبل.بمنطق المصلحة وليس منطق إرادة الشعوب في التغيير سنعطي المبرر للآخرين على ممارسة القمع خاصة في البحرين لأن مايحدث فيها يدخل في خانة المصلحة،مصلحة الأنظمة التي تتحرك وفق إستراتيجية محددة تبدو في معتقدها أنها سليمة وصحيحة.إن المنطق السليم يقول إن كل حاكم متعنت يواجه شعبه بالقبضة الحديدية يقتل متى شاء وكيف شاء وجبت اذانته والتبرؤ منه أو على الأقل عدم دعمه بعيدا عن الحسابات المذهبية والمصالح الضيقة التي تعارض إرادة الشعوب.
وللإشارة فدولة إيران الحليفة استراتيجيا مع نظام بشار الأسـد،بدأت تتململ مواقفها من موقف داعم دعما مطلقا للنظام إلى مواقف يفهم منها بداية التراجع والشعور بأن ثمة أمور ليست على ما يرام وهذا ما عبر عنه رئيس دولة إيران في تصريح له بدعوة الرئيس السوري إلى ضرورة وقف استخدام العنف في قمع الاحتجاجات في بلاده قائلا إن الحل العسكري ليس هو الصحيح.
إن التباين الواضح في تصريحات المسئولين السوريين بالنسبة لما يحدث من خلال الخطاب المتعالي والتكبر للنخبة الحاكمة ، وعدم الاكتراث العلني لما يحدث في الشارع السوري ما هي إلا حالة إحباط وتخبط فعلي لعمق الأزمة التي تعصف بالقيادة السورية.لكن النظام لا يزال يكابر على نفسه ويتعالى في التعاطي مع الحدث كأنها مشكلة صغيرة مع عصابة تحاول العبث في مصير البلاد،وليست مشكلة شعب بكامله تطالب بحرية وعدالة اجتماعية ،تطالب بحقها،ولا تستعطف من احد حتى يتكرم عليها.
المشكلة الأساسية التي تكمن في إستراتيجية النظام السوري هي كون هذا النظام لا يعتبر الشعب السوري شعب بل دمى يقودها ويحركها كما يريد، فالنظام السور ي لم يعرف أبدا كلمة لا من شعبه بسبب سيطرة أجهزة الأمن والبطش والقمع والتنكيل التي يسلطها على شعبه تحت عنوان كبير صنعه لنفسه نظام ممانعة بوجه العدو الإسرائيلي جدار أسمنتي للدفاع عن نفسه ،لا صوت يعلو فوق صوت البندقية. النظام البعثي السوري موضوع إلى جانب أنظمة استبدادية أخرى تقمع شعوبها وتستبد بها تحت عنوان بارز بأنها تقاتل إسرائيل، فكل مطالب أو معترض على هذه الأنظمة، هو حتما عميل لإسرائيل وتلكم أسطوانة مشروخة لم تعد تجدي نفعا مع شعوب كانت مخدرة لفترة طويلة تحت طائلة شعارات فضفاضة.بالطبع جبهة الجولان كانت هادئة طوال أربعة عقود من الزمن دون حصول أية مقاومة تذكر،بقيت هذه الجبهة هادئة ساكنة عنوة عن كل الجبهات العربية ،التي خاضت حروب مختلفة،ونالت نصيبها من الدمار والتخريب والقتل والمقاومة الشعبية، لكن النظام السوري منع الشعب من ممارسة حقه المشروع في إنشاء مقاومة وطنية لتحرير أرضه المحتلة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، وكأن الشعب السوري غير قادر على ممارسة هذه المقاومة ،بالوقت الذي نعلم كلنا بمدى قدرات الشعب السوري العالي.
موضوع: بشار أسد على شعبه المستضعف ونعامة في منطقة الجولان المحتلة 
الأربعاء نوفمبر 02, 2011 2:16 pm
