صدر حديثا عن منشورات مكتبة الجماهير للنشر والتوزيع في شفا عمرو"الجليل" ديوان جديد للشاعر الفلسطيني نزيه حسون حمل عنوان "ما تيسر من عشق ووطن".
"ما تيسّر من عشق ووطن" عنوان يدعو الى التأمل، ويحمل في داخله ألغاما، حيث أن الشاعر لا يستطيع البوح بمكنوناته من الحبّ بأشكاله، فيبقى حبّه منقوصا تماما مثلما هو وطنه منقوص أيضا، ومع ذلك فإنه يصول بجواده الشعري فيما تيسّر له من مرابع الحبّ والوطن.
يهدي الشاعر ديوانه "الى كلّ من روّى التراب بنجيعه فداءا لحرية الإنسان" وبالتأكيد فإن المقصود هنا هم شهداء الحرية الذين رووا بدمائهم الزكية تراب الوطن طلبا لحرية شعبهم ووطنهم.
وعنوان الديوان والإهداء يشيان بأن الشاعر الإنسان ليس محايدا في الموقف مما يجري حوله وفي وطنه، فهو منحاز الى شعبه وإلى وطنه...وهو غير محايد في ما يجري في وطنه الكبير، والحراك الشعبي الذي يخوضه أبناء أمّته، ولذا فقد تغنى في ديوانه بثورات الربيع العربي في تونس ومصر، وانحاز الى أبناء أمّته الذي أسقطوا الطغاة الذين خانوا شعوبهم وأوطانهم.
والشاعر الإنسان لم يثنه همّه السياسي وما يتعرض له شعبه ووطنه من ظلم وعدوان عن ممارسة حقه الإنساني في الحياة، فكتب قصائد في الحبّ والغزل وجمال الطبيعة وتقلباتها...كتب قصائد في المطر والغيوم والريح، وتغنى بمدينة حيفا التي يعشقها.
وهو يرفض الذلّ والهوان لشعبه ولأمّته، ولوطنه الصغير وللوطن الكبير أيضا، لذا فقد صدّر ديوانه بقصيدته"تهوي العروش إذا الشعوب تًصمم" وفيها يرى بأن دماء الثائرين الشهداء الزكية هي التي ترسم ملامح الربيع العربي ويقول فيها:
يا وردة الدّم الزكيّ تفتّحي
زهرًا على ثغر الثّرى يتبسّم
وهو ساخط على أنظمة الطغيان والخنوع التي فرطت بالأوطان وبالشعوب، ومارست الفساد والخيانة وقتل الشعوب، وتذيلت للأعداء:
قتلوا الشعوب وبالرّصاص تطاولًا
وعلى الحدود تقزّموا
ما ضرّهم أن تستباح ربوعُنا
ونُهانُ هونَ الخانعين ونُلطمُ
وهو غاضب من الطغاة الحكام الذين استأسدوا على شعوبهم، وما سعوا لتحرير القدس من أسرها، وما هزتهم المحرقة التي تعرض لها قطاع غزة:
ما ضرّهم أن الغزاة تطاولوا
والقدس ترزخ في القيود وتُظلمُ
ما هزّهم أطفال غزّة يُتِّموا
وبيوتها فوق النساء تُهدَّمُ
ويعود الى محمد بوعزيزي ذلك الشاب التونسي الذي أشعل النار بنفسه بعد أن صفعته شرطية من النظام البائد وهو يبحث عن رغيف الخبز الحافي، فقضى نحبه لتشتعل ثورة شعبه المجيدة:
أشعلتَ نارا في الضُّلوع تحديًا
حتى العروش الراعشات تُحطّمُ
وشاعرنا يعود قليلا ألى الوراء مستذكرا تاريخ أمّته التي كانت ماجدة تنعم بالخيرات، فجاء حكم الطغاة ليحكم بالحديد والنار وينهب خيرات البلاد، غير سائل عن الملايين الجائعة، ولا عن الحريات الضائعة، وهذه ليست من صفات العرب، مما يعني أن قاتلي شعوبهم وناهبي خيرات أوطانهم لا يمكن أن يكونوا عربا:
إنّي أُشكّكُ في عروبة حاكم
عن ذبحِ شعبٍ أعزلٍ لا يُحجمُ
وهو إذ يهاجم الطغاة، لعدم اتعاظهم من التاريخ، فإنه على ثقة بالشعوب وقدرتها على التغيير، وأن شمس الحرية والتحرر قادمة لا محالة:
والليل مهما أمعن ظُلمةً
نور الصباح مع الصباح سيبسمُ
وهو يحث الشعوب على مواصلة الثورة والفداء والتضحية بالدماء ليسقطوا حكم الطغاة، وليحرروا شعوبهم، وليفوزوا برضا ربهم وجناته التي وعد الشهداء بها فيقول:
من هبّ يروي بالنّجيع ترابه
بجنان ربّ العالمين يُكرمُ
ما لم نُضَمَّخْ بالنّجيع ترابَنا
لن تغمُرَ الوطنَ المعذّب أنجمُ
.