مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رسم الحدود بين الإسلام الدين والإسلام السياسة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

رسم الحدود بين الإسلام الدين والإسلام السياسة Empty
مُساهمةموضوع: رسم الحدود بين الإسلام الدين والإسلام السياسة   رسم الحدود بين الإسلام الدين والإسلام السياسة I_icon_minitimeالأربعاء يناير 02, 2013 12:49 am

عبد الجليل معالي

الإسلام هو آخر الأديان السماوية، وهو ثاني الديانات في العالم من حيث عدد المؤمنين أنزله الله لعباده عبر رسوله محمد، لتنظيم حياة الناس والرقيّ بها عملا وسلوكا وأخلاقا وقيما.

ويقوم الإسلام على رسالة سماوية مُعجزة هي القرآن الذي يعتبرُ بمثابة النصّ المنظم لحياة المسلمين. بدأ التنزيل القرآني بفعل إقرأ الذي يحيلُ أولا على القراءة والتعلم إلا انه ينفتح على الاجتهاد والتطوير والتبادل والتنوير. من هنا كان فعل "إقرأ" منطلق الوحي والتنزيل القرآني سمة إسلامية تحثّ على إعمال العقل لا على التقليد والتلقين والنقل والجمود.

يؤمن المسلمون بأن الإسلام آخر الرسالات السماوية هو ناسخ لما قبله من الديانات؛ كما يؤمن المسلمون بأن محمدًا رسول مرسل من عند الله، وخاتم الأنبياء والمرسلين؛ ومن أسس العقيدة الإسلامية الإيمان بوجود إله واحد لا شريك له هو الله، وكذلك الإيمان بجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلوا إلى البشرية قبل محمد، كالنبي إبراهيم ويوسف وموسى والمسيح عيسى بن مريم وغيرهم كثير ممن ذكر في القرآن أو لم يُذكر، والإيمان بكتبهم ورسائلهم التي بعثها الله كي ينشروها للناس، كالزابور والتوراة والإنجيل.

أما الإسلام السياسي فهو مصطلح سياسي وأكاديمي حديث ظهر لتوصيف حركات سياسية ترى في الإسلام "نظاما سياسيا للحكم" أو توظف الإسلام للوصول إلى السلطة، ويمكن تعريفه أيضا بأنه مزيج من الأفكار والأهداف والغايات السياسية التي تنبعُ من الشريعة الإسلامية وتبحثُ داخلها عن دوافع الوصول إلى السلطة، ويستخدمها المسلمون الأصوليون الذين يرون ان الإسلام ليس عبارة عن ديانة سماوية بل منظومة سياسية واجتماعية واقتصادية يمكن اعتمادها لبناء وتأسيس الدول.

ويمكن ان نشير في هذا الصدد إلى دول إيران وأفغانستان والسودان والصومال ونظام طالبان وغيرها باعتبارها عينات على هذا التوجه.

التأصيل التاريخي للإسلام السياسي

مثل الإسلام ثورة مجتمعية وقيمية اعادت الاعتبار للإنسان أولا من خلال مجموعة من القيم التي جاء بها دون أن يقطع مع مرحلة ما قبيل الإسلام "التي تسمّى في بعض الدراسات الفترة الجاهلية" حيث عزّز وحافظ على بعض القيم المجتمعية التي كانت سائدة "الكرم والفتوّة والشجاعة والذود عن الحمى" مثلما بعض القيم الأخرى "مثل وأد البنات والعبودية"، وثانيا من خلال رفع مكانة الإنسان والسموّ بها عبر فسح مجال الاجتهاد والبحث والتفكير.

كانت فترة الإسلام المبكر بمثابة إعادة بلورة لهذه القيم والمفاهيم الجديدة ودمجها مع ما حافظ عليه الدين الجديد من قيم أصيلة ثابتة لدى المجتمع العربي، لكن أولى تعبيرات إصابة الإسلام النقيّ بلوثة السياسة لم تبدأ إلا مع مقدمات الفتنة الكبرى "مقتل عثمان بن عفان الذي تمّ عام 35 هـ"، التي عدّها البعض تمظهرا لجدل حادّ بين الإسلام والسياسة.

ورغم اعتماد دول عديدة طيلة أحقاب التاريخ العربي الإسلامي على الشريعة الإسلامية لإضفاء ضرب من الشرعية على وجودها وقيامها وبقائها، إلا أن "مدرسة الإسلام السياسي" بمفهومها الحديث لم تبرز إلا بعد أفول الدولة العثمانية عام 1923، ومبادرة مصطفى كمال اتاتورك عام 1924 إلى إلغاء الخلافة الإسلامية والتوقف عن اعتماد الشريعة.

منذ إلغاء الخلافة الإسلامية عرفت ظاهرة الإسلام السياسي "او الإسلام الأصولي كما تسميه بعض القراءات السياسية الاخرى" مفاصل عديدة مثلت منعرجات في بروزه وتطوره ونضجه.

محطات الإسلام السياسي

أولى ملامح حضور الإسلام السياسي تمثلت في ظهور الوهابية "نسبة إلى محمد عبد الوهاب 1703-1791" الذي تأثر بابن حنبل وابن تيمية وابن قيّم الجوزية، وأنتج المدرسة السلفية التي نادت بتنقية الإسلام مما عَلقَ به من شوائب ودعت إلى العودة إلى "الإسلام الصافي" وهو طريقة "السلف الصالح" في اتباع القرآن والسنّة وأقوال السلف الصالح وإجماع العلماء واتباعهم "نعلا بنعل" كما يرد في الأدبيات السلفية، أما التمظهر العملي الميداني للمدرسة السلفية فهو تحالف مدينة الدرعية الذي أبرم مع محمد بن سعود عام 1744م، وكان أول تجسيد لزيجة دينية سياسية أشرت لظهور المملكة السعودية.

الملمح الثاني لمدرسة الإسلام السياسي كان مع الشيخ الباكستاني أبو الأعلى المودودي "1903-1979" الذي دعا إلى إقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة بحذافيرها، وتطبيقا لأفكاره أسس الجماعة الإسلامية في باكستان عام 1941، وكان الشيخ المودودي يجاهر بنقده الحاد للسياسة الباكستانية التي تفتقر – حسب رأيه – إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وتشير بعض الدراسات التاريخية المختصة في تاريخ التيارات الإسلامية إلى أن سيد قطب "أحد أعمدة جماعة الإخوان في مصر" تأثر بأفكار الشيخ المودودي.

تمثل جماعة الإخوان المسلمين في مصر التعبير الثالث للإسلام السياسي "اعتمادا على الترتيب الزمني" وهي جماعة أسسها حسن البنا عام 1928 في مصر، و تدعو وفق مواثيقها وقانونها الأساسي إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي، وتسعى الجماعة "ودائما من منطلق وثائقها" إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم ثم الحكومة الإسلامية. إضافة إلى عديد البرامج والأهداف الأخرى السريّة وغير المعلنة والتي بدأت تظهرُ مؤخرا بفضل اعترافات قياديين انسحبوا من رباطها وكذلك بفضل تنامي وسائل الاتصال وتداول المعلومة.

ما يجمع ويربط بين كلّ هذه الملامح والتعبيرات التي شهدها "الإسلام السياسي" هو أنها تعتمد الإسلام منطلقا وأساسا للوصول إلى السلطة السياسية، أي انها تلجُ عالم السياسة بمنطلق ديني وتسعى من وراء ذلك إلى الوصول إلى الحكم والاستفراد به وبناء دولة دينية تيوقراطية وتطبيق رؤية مخصوصة للشريعة الإسلامية.

وهو ما يثير توجسات ومخاوف عند عديد المشتغلين على الشأن السياسي بأن ذلك قد يعني إقصاء لكل من يخالف هذا الرأي والتصوّر، وتضييقا على أتباع الديانات الاخرى، وكذلك حائلا أمام امكانية دولة مدنية تقوم على المواطنة لا على الانتماء الديني ويتساوى فيها الجميع أمام القانون وتبقى المسائل الإيمانية مسائل شخصية تخص الفرد ولا تتدخل فيها الدولة او الأجهزة السلطوية.

الملاحظُ أن الملامح التي أشرنا إليها آنفا لا تختلف ولا تتناقض، بل تتكاملُ وتتشابه، فلا فرق بين المدرسة السلفية والتيار الإخواني إلا في بعض التفاصيل او في أساليب العمل، طالما يتفقان على نفس الهدف المرجوّ وهو إقامة دولة دينية تطبّقُ الشريعة الإسلامية بحذافيرها.

الملاحظُ أيضا أن التيّار الإخواني – تبعا لتعامله السياسي- مع بعض الأحزاب السياسية في الوطن العربي اضطرّ إلى تقديم بعض "التنازلات التكتيكية" التي لا تعني تراجعا عن الخط السياسي العام أو حصيلة مراجعة فكرية أو نقد ذاتي، وإنما تمثل مغازلة للناخب أو إرضاء للحاكم أو لشركاء الساحة السياسية.

يعيش الإسلام السياسي مؤخرا فترة "ازدهار" نسبية بفضل مستجدات الثورات العربية التي أفرزت صعود الأحزاب الدينية إلى السلطة وهو صعود حصل بفعل تداخل وتضافر عناصر سياسية واجتماعية واقتصادية متشابكة، ولا يعكسُ صلابة البرنامج السياسي أو رواج الأفكار.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
رسم الحدود بين الإسلام الدين والإسلام السياسة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدين والدولة: مؤسسة "إمارة المؤمنين" في المغرب
» ربيع السياسة وخريف الاقتصاد
» البيجيدي يتبرأ من تصريحات لحامي الدين
» تحليل إخباري: شيوخ السلفية وخيارات السياسة والدعوة
»  غلق الحدود في وجه خالد عليوة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ديــــن وفلسفــــة-
انتقل الى: