مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 أنا والكتابة... طفولة ليست ضائعة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

أنا والكتابة... طفولة ليست ضائعة Empty
مُساهمةموضوع: أنا والكتابة... طفولة ليست ضائعة   أنا والكتابة... طفولة ليست ضائعة I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 14, 2012 12:00 pm




العرب أونلاين- عبد النبي فرج



لا أعرف في أي وقت فكرت في أن أهتم بالكتابة، ولماذا الكتابة وليس فناً أخر؟، هل للكتابة روح نداهة تختار من تختار لتسلبه الحق في الحياة والحرية، لأنها تحتاج إلى نوع من التفاني، الإخلاص حد الجهاد كما جاء على لسان الراوي فى روايتي "مزرعة الجنرالات" هل هناك فعل ميتافيزيقي، يأسرك ويجعلك عبداً، لشخوص وحيوات وعوالم مهمشة، ودورك هو التنقيب والحفر، في الشخوص لكي تستخرج جوهرها ليراها العالم.

ولكن أليس فى ذلك غرور وأهمية غير حقيقية للكتابة؟ وأن الكتابة أبسط من ذلك بكثير وأن دورها هو تعرية الذات، لتكشف عن إعطابها وأماكنها المظلمة، هل هى نوع من التسلية، مجرد راو حكايات كما يتصور " للكاتب البرتغالي العالمي خوسيه ساراماجو"، لا أعرف؟ لماذا؟ لأن الكتابة السردية برأيي شديدة التعقيد، وقد تكون كل هذه الأسباب وأكثر بل انها تشبه بحث الإنسان عن قطط سوداء في غرفة مظلمة، ولكن أعلم الآن أنى كنت شغوفا في طفولتي بالحكي، المتمثل في الشغف بالمسلسلات الإذاعية الذي كنت حريصاً على تتبعها كما إني كنت أتابع السيرة الهلالية لعبد الرحمن الأبنودي وجابر أبو حسين إضافة للحكى شفاهة الذي كان له دور أساسي في تكويني، والطفولة لدى هي الكنز الذي ظللت امتح منه عوالم روايتي ـ طفولة ضائعة ـ الحروب الأخيرة للعبيد ـ جسد في ظل ـ فلقد نشأت في أسرة تعشق الحكي ولهم خبره يعتد بها في فن السرد الشفاهي.

كنت أقف مشدوداً أمام حكايات عمي قرني وخالي عبد الصمد وجدي عبد العزيز صالح بحكايته الأسطورية ونكاته التلقائية الفريدة وعمى عبد الفضيل بحكاياته المختلقة الطريفة والذي علمني أن أتعامل مع الذات ببساطة ودون تعقيد، وحكايات أحمد حسين الصاوي والمسكون بها وأملى في الحياة أن تصل الكتابة لهذه الروح الشفاهة العظيمة التي هي علامة على روح الإنسان الشفاف، وبرأيي أن كل الحكائين العظام أكثر الناس شفافية ومحبة للبشر.

وأذكر أنني كنت أقرأ قصة لى فى ندوة وبعد أن انتهيت من قراءة القصة علق ناقد لا أذكر اسمه الآن "أنا بستغرب من أين يأت عبد النبي بتلك الشخوص" وأنا نفسي أتساءل من أين تنبع هذه العوالم هل مصدرها الأساس هو أرواح هؤلاء الذين أمتعوني بكم مرعب من العوالم الغرائبية الفريدة والشخوص الأسطورية التي تترقرق فى ذاكرتي أم ماذا؟".

مقطع من قصة "زفرة المحب الأخيرة"

في تلك الحالة التدقيق واجب في معرفة الفروق الطفيفة أو الجوهرية في مبحث العدل الإلهي لدى الإمام الغزالي والقديس توما الأكويني. هذا الدأب في البحث الذي جعلني أزيح ركام الكتب من على الرفوف وأرميها على الأرض وأحتمل كما "هائلا" من الغبار والعنكبوت مما جعلني أبدو كبهلول يخوض في الوحل، الذي وصل إلى عنقه، وهو يتصور أنه يتطوح في جنة عدن. هذا الفحص الذي يكاد يؤدى بي إلى الجنون.

ليس مرده بالتأكيد هذا الهوس بالقتل سواء في أفغانستان أم العراق. هذا الاحتفال اليومي الذي وقوده أجساد عراة تطير في السماء بلا أجنحة ولكن شيئًا "أكثر جوهرية وعمقًا" وهو الحر اللزج الذي يجعلني أكاد أختنق بالفعل، ولذلك خرجت للتحرر من كوابيسي المنزلية، خرجت أدور على المشايات أتنشق نسمة هواء إلى أن تعبت فرجعت بعد العشاء على ضوء الأنوار التي تزين فرح مريم ورغم أنني أكره أفراح الأثرياء بالفطرة.

فإن هذا فرح مريم وبخاصة أنه المكان المناسب الذي تحقق فيه السلام الاجتماعي الكامل فالعروس تحب العريس، والعريس أضاع نصف ثروته لكي يرضي العروس والتكافؤ بين الأسرتين يمثل العدل المطلق. ثم هذا الطرب الأصيل الذي لا يتحقق وجوده في البلد، إلا كل حين، انحرفت تجاه السرايا أرقب الحفل، العروس، العريس، الراقصة، المطرب الذي يقف كالفارس يلبس قميصا أبيض وبنطلونا أسود محبوكًا ووجهه أبيض حليق وشعره مدهون بالجيل، صوته بديع يحرك المايك في يده، ويجرى على المسرح في خطوات استعراضية جميلة ثم يقفز قفزة بدائية وحشية خلقت نشوة بين المعازيم، الذين أخذوا يصرخون ويرقصون والعريس قام من جوار العروس، وخطف عصا من واحد من المعازيم. وأخذ يرقص في دلال والمغنى يدور حوله والعريس يترك رأسه على صدر المغنى الذي قذف بالمايك للطبال، وخلع القميص كاشفًا عن صف من الأسلحة البيضاء تحيط بخصره، خطف المطواة وأخذ يطوحها في الهواء ويسحب الخنجر، السنجة، الساطور، السكين، حتى أصبحت فوق رأسيهما خيمة من الأسلحة التي تتألق وتنعكس على وجوه المعازيم، العروس، العريس يتأوه في نشوة وينزل على ظهره في تدريجات وكأنه راقصة محترفة حتى رقد على ظهره على خشبة المسرح والمطر ضم السكاكين وجعلها تنساب في نعومه وحدة في قلب العريس والدم تناثر على وجه العروس التي صرخت: " حبيبي له في الغرام حاجة".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
أنا والكتابة... طفولة ليست ضائعة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ثقافــــة وفنـــــون-
انتقل الى: