سأصرخ ملء صوتي ها أنا بت شاعرة

العرب أونلاين- دارين قصير


الشعر كائن افتراضي غرائبي يسكننا، ولا يمكن لنا أن نسكنه أو نستريح قربه، دوماً ما يجتاحنا دون إذن منا، يسكننا للحظات حتى نكاد نصدق أنفسنا بأننا شعراء لكننا ما نلبث أن نكتشف أننا ضحاياه وهو الجلاد الجميل، سماؤه ليست لنا، وحدها نجومه تضيء القلب لتنقلنا من فراغ الحياة لعالم الوهم الجميل، بل الحياة الفعلية التي نرتكز عليها لنحيا كما نستحق، كما نرغب علنا في ذلك نحصل على لقب "الشعر".

لا يمكنني حتى اليوم الإقتناع بأنني شاعرة كوني لست مقتنعة بتكامل تجربتي ربما يوماً ما سأصرخ ملء صوتي ها أنا بت شاعرة لكن حتى ذاك الوقت أنا أعيش ما أسميه "الوهم"، وما يزيدني اقتناعاً أنني كلما كتبت نصاً جديداً قلت هذا أنا، ومن ثم عدت لأقول لا هذا أجمل وهذا أنا، هنا اكتملت تجربتي، إذاً، أنا في حالة تجربة مستمرة ولأصل إلى هذا اللقب الجميل الذي آمل أن أستحقه وأحصل عليه يتوجب عليّ الإكثارمنه، أن أرسم خطاً واقعياً لما أريده من الشعر نفسه ليعطيني نفسه برباط مقدس كما الزواج.

الشعر هو حالة تعلق بنجمة، بحرف، بضحكة، وربما بالحق في الحياة الفرحة بعيداً عن الأسر والتقيد بمسمى ما، مع احترامي لكافة الشعراء، لكن الشعر هو التحرر من كل قيد أو ضيق أو مسمى هو الإحساس بحالة ما وعيشها لآخر لحظة دون التفكير والوقوف عندها أو حتى الرجوع لتغييرها، أنا أؤمن بالنص لحظة ولادته، ولم أتجرأ يوماً على العودة ومحاولة تغيير كلمة منه، فالنص بالنسبة لي كمولودي أتقبله وأقلبه ولن أغيره، هكذا هو هدية من الله لنا.

الشعر باختصار هو الحياة، هو الكتاب المقدس الذي ما إن تبعناه وتتبعناه حتى حط بنا في مرسى السلام والحب حتى في أقسى كلماته فالشعر يحكي كل الجمال وإن حكى حالة حزن أو بكاء كنا نعيشها إنما هو ألم على ما فاتنا من لحظات فرحة عشناها وعايشناها، الشعر غيمة فكت مفاصل السماء ليسقط قطنها كما العسل ليغسل قلوبنا بالفرح والنقاء والصفاء، الشعر هو الشغف والشغب باللون والماء.

مقتطفات من قصيدة لأنك طفلي :

لأنك طفلي
العمر الهارب مني
أكثف عمراً من الكلمات
والرغبات الندية

***
لأنك طفلي
ستلقي بجسدك على راحة كفي
ستنام جائعاً
ممتلئاً بي
صوت امرأة
صوت رجل
صوت طفل
وما حركك سوى صوت الشاعر
فأبصرت الأسرار

***
لأنك مني
أنا إلهة العشق الغابر
صلّى الحرير عند ركبتي
وما اكتفيت

***
لأنك طفلي
نظرتك ستعري البيت برقة
حتى يصير امتداداً للبحر

***
إطار سريرك
سيخفي ضجة اللسان
كي لا تنسى يد الشاعر

***
لأنك طفلي
نبيذ متواضع
طفل بحجم الشاعر
فوق رأسك غيمة ماطرة
تستكشف رؤاها الجديدة ولا تجد رواءها

***
من قصيدة عشق:

الهوى ليس باحتراف
حين الليالي تسامر النجوم كالماس
تسألك القبول للعشق
على أضوائها المتلألئة

و تصبح السماء سرير العاشقين
تهمس في أذن العاشق
أضيق بالعشاق كلما انتشوا
فخربشاتهم تصعقني كما برق الشتاء

وحرارة أجسادهم تمزجني بعرق دموي
وهما كما لصان يقتطعان عنباً
أسود يرتكبان فعل اللا مبالاة
وقلباهما يخفقان كفارين من الناطور

ويمسحان دموع الشوق
الخائف فالصبح في
طريقه يندي باغتساله عليهما
ويضيع كلامهما
وينسحبان ببطء
دون كلمة

اليوم أنت أمامي كمسافة خيال
أصلك وقلبي لا يمتلك شجاعة القطط
لتمد يدها حرصاً على دمعة من عينيك تنسيها حتى
أرواحها المستبقية

ألومني وجسدي مرتجف يناديك
وكلانا نسمات ربيعية
لا تعرف إلا الورد والحب
الحنين جسرهما الملائكي
يصلي مع كل بزوغ فجر
لنمحو بعده ذاكرتنا بما خطه شبقنا يوماً
ونتلاقى كمائك واللون.