مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مَن يقود مَن في المغرب اليوم: سؤال الثقافة أم ثقافة السؤال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

مَن يقود مَن في المغرب اليوم: سؤال الثقافة أم ثقافة السؤال Empty
مُساهمةموضوع: مَن يقود مَن في المغرب اليوم: سؤال الثقافة أم ثقافة السؤال   مَن يقود مَن في المغرب اليوم: سؤال الثقافة أم ثقافة السؤال I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 05, 2012 12:40 am



العرب اونلاين- محمد أديب السلاوي


الثقافة، كلمة واسعة وشاسعة، لا يحدها زمان ولا مكان، ولا تحدها معرفة ولا علم، فهي كل أدوات الحضارة الإنسانية، وهي التراث الإنساني في كلياته، وهي الفكر في شمولياته، وأبعد من ذلك هي كل العقائد والديانات، الشرائع والقوانين، وكل ما ينتج عنها.

الثقافة في اتساعها، تحوّلت إلى ثقافات سياسية واقتصادية ومعلوماتية وأدبية وفنية. واللائحة بعدد العلوم والاختصاصات التي تنتمي إلى الثقافة طويلة وعريضة. فإلى أي حد يمكننا قياس هذه "الثقافة" على أجهزتها في المغرب؟

طبعا، مثل هذا السؤال يستدعي على الأقل استحضار الوضع الثقافي العام خلال القرن الذي ودعناه دون أسف، في سياقاته ومراحله وأزمانه، وهو ما يحتاج إلى كتب ومؤلفات وإلى جيش عرمرم من المؤرخين المختصين. فالوضع الثقافي المغربي، خلال المئة سنة الماضية، بالقياس إلى الأوضاع الثقافية في البلدان المتوسطية التي تتقاسم معنا المتوسط، كان وضعنا في قيمه وإنتاجيته وسلوكياته، بين الرجاء والترنح، بين الوعي والتحديث والمثاقفة والتجاوز والانجذاب نحو التراث الماضي، بين الهوية والاختراقات الحضارية.

خلال القرن الماضي، وفي خضم الغزو الثقافي- العسكري- السياسي، المتعدد الأهداف والصفات، انتقل المغرب من نظم ثقافية ميتولوجية- شفاهية- ومقدسة، إلى النظام المعرفي الحديث القائم على المعرفة التجريبية والكلمة المطبوعة، ليبدأ نقلة ثقافية جديدة إلى عالم ما بعد الأبجدية- عالم المعلوماتية ووسائل الاتصال الإلكترونية.

هكذا عندما انتقل المغرب إلى الألفية الثالثة، وجد نفسه محاطا بأنماط ثقافية، عربية، فرنسية، أمازيغية، متداخلة ومتشابكة ومتناقضة، متعددة متصادمة ومتراكمة، يسعى بعضها إلى إلغاء البعض الآخر، إلا أنها في المحصلة النهائية أصبحت تشكل نظاما معرفيا يشتمل على إنتاج المعاني- منتجات العقل، وهو نظام رغم ما يعانيه من صراعات يتوخى تحديد موقع المغرب في الزمان والمكان وخدمة القضايا الأساسية المتصلة بالتغيير الديمقراطي، وفي ذات الوقت يربط الرهان الثقافي بالرهان السياسي.

فالثقافة في عالم اليوم، لم تعد فقط فضاء للابتكار والإبداع، ولكنها تحولت إلى وعي نقدي تسنده قيم الحرية والمساءلة في المجتمع السياسي والمجتمع المدني. تحولت إلى فعل يومي لتحصيل المعرفة وتربية الذوق وتنمية الملكة النقدية. وهي بذلك وضعت نفسها في مواجهة القيم السلبية والرجعية التي تسعى إلى تحويل الثقافة والمثقف إلى "أعوان" للسلطة وخدامها. لذلك تظل الثقافة في عرف الأنتربولوجيين وعلماء علم الاجتماع الثقافي، بنية متحولة باستمرار وخاضعة لتأويلات التجارب الجديدة التي تصادف التاريخ في سيرورته.

خلال العقود الخمسة الماضية، حيث تغير العالم بشكل كبير، وفق مستجدات التكنولوجيا الجديدة وجد المغرب نفسه أمام مشهد ثقافي يهيمن عليه تصور محكوم بآلية الاعتماد على الغير- الآخر، إذ كنا منذ بداية القرن المنصرم نستكين إلى وعي ناقص، لا يستقيم دون وجود الآخر.

إن الانطباع الذي يخرج به المتأمل في الوضعية الثقافية بالمغرب الراهن، يؤكد أن الأسئلة الحائرة التي تحيط بهذه الوضعية تستمد ذاتها من وضعية السياسة الثقافية لمغرب الألفية الثالثة، من وضعية ومفاهيم وبرامج سياسات وزارة الشؤون الثقافية، من مفاهيم المشهد الحكومي- الحزبي العام بالبلاد، من وضعية المثقف المغربي.

في عمق هذه الوضعية، تسود الفرقة والانفصال، ويحتمي العديد من الفاعلين الثقافيين بالعزلة القصوى، مثلما يحتد منطق الإقصاء، ويتنامى المنطق الذرائعي البراغماتي المؤسس على "الفرضية" وعلى تشكيل صورة افتراضية بعيدة عن الواقع المضحك- المبكي للمثقف ولمواقفه وخطاباته.

في عقود القرن الماضي جرت العادة، أن يطرح السؤال نفسه، عن دور المثقفين في أزمنة الأزمات الكولونيالية، وفي لحظات التحول التاريخي داخل المجتمع المغربي.

وفي هذا السياق لابد من الإقرار، أن أدوار المثقفين المغاربة في عقود القرن الماضي حتى وإن كانت جزءا من وضعية التراجع العامة الحاصلة في الواقع المغربي، إلا أنها فاقت أدوار باقي الفاعلين في المشهد التاريخي، في تنوعاته وتعقيداته، ليس بسبب وعي النخبة الثقافية المبكر، ولكن أيضا، بسبب إيمانها وإصرارها على التغيير.

من داخل هذه الانشطارية، التي فرضتها علينا ظروفنا الخاصة، ظهرت تفجرات ثقافية، تبشر بالتجديد المعرفي- التكنولوجي، تسعى إلى نقل الثقافة المغربية، إلى مستوى تطلعاتها، نحو عصرها الجديد دون أن تقطع مع "التراث" في مراتبه وتصنيفاته.

ومن داخل هذه التقاطعات، المتحكمة في مشهدنا الثقافي، تصر الثقافة المغربية في شمولياتها، على إعادة إنتاج هويتها التي هددها ويهددها الغزو من كل جانب، لتظل بعيدة عن سلطة التقرير متشبثة باستقلاليتها حتى وإن لم تستطع التخلص من الماضي ولا من قيوده. ولم تعمق تواصلها مع الحداثة بشكل منهجي- عملي.

ويجب الاعتراف هنا، أن الاتجاهات الحداثية التي ظهرت متوسلة، قد أحدثت تحولات عميقة في اهتمامات النخبة المثقفة بعيدا عن أي سياسية أو توجيه أو استراتيجية، حيث أصبح التفكير منصبا حول دور الثقافة في الانتقال الحضاري، الإنساني، بعدما أصبح "الإنسان" في حاجة إلى حضارة بديلة نابعة من صميم المكونات الإنسانية، وثقافتها المتقابلة والمتعارضة.

السؤال الذي تطرحه مثل هذه الوضعية: هل يعكس إدراك النخبة المغربية، واهتماماتها بالشأن الثقافي إحساسها الزمني بالاستحقاق الراهن، موضوع السؤال؟

الأكيد أن الوعي الحاصل لدى النخبة الثقافية- المفكرة والمبدعة تجاه هذا الاستحقاق، هو الذي يبيح لها وضع نفسها في علاقة مباشرة مع تراثها الثقافي، مع تطلعاتها المستقبلية في نفس الآن، فهي تواجه الثقافة الإمبريالية، والثقافة الصهيونية، والثقافة الغازية المتعددة الأهداف، بثقافة تواجه موضوعيا تحديات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، تنطق بلغة الممارسة النضالية الحية، أو بلغة التراث العريق والمتجذر في الهوية والتاريخ.

إن النخبة الثقافية المغربية، تعتبر الثقافة من المحفزات والدعامات الأساسية لهذا الاستحقاق، فهي رهان تفرضه وتحتمه العولمة وتتطلبه التنمية الشاملة، وحتى يتحقق الفعل الثقافي بنضالاته وتطلعاته ورهاناته، لا بد من تحقيق شروطه الموضوعية، أولها أن تكون للثقافة مؤسسة راعية قادرة على حماية الثقافة والمثقفين من التلف والاندثار، قادرة على تحفيز المجتمع على دخول رهانات المستقبل، ولن يتأتي ذلك دون عدالة ومساواة وديمقراطية وانتقال ديمقراطي ومواطنة كاملة.

المثقف المغربي، الذي يعمل خارج أي سياسة أو إستراتيجية ثقافية، أضحى يعاني سلسلة أزمات لاحد لها، فهو يعرف دوره في المجال ولكنه ضائع بين ضغط السلطة وبين تزلفه إليها، فهو إما عميل لهذه السلطة، أو متصارع معها.

من هنا، يمكننا أن نطلق سؤالا آخر: هل تملك حكومة المغرب الجديدة- القديمة، تصورا استراتيجيا متكاملا للتغيير الثقافي، يأخذ بعين الاعتبار التبدلات السريعة التي حدثت في القيم الثقافية بمغرب الألفية الثالثة؟

إن الحكومة الراهنة، كالحكومات السابقة، وربما حتى اللاحقة، لا يمكنها في منظورنا أن تتعامل مع الثقافة سياسيا أو استراتيجيا، إذا لم تجعل منها فضاء للابتكار والإبداع وتأسيس وعي نقدي تسنده قيم الحرية والمساءلة في المجتمعين السياسي والمدني.

لذلك اعتبر العديد من المحللين والسياسيين، وحتى بعض المثقفين، أن وصول شخصية تقدمية إلى موقع المؤسسة الرسمية للثقافة في هذا الظرف التاريخي المتميز، فرصة جديدة لوضع السؤال الثقافي المغربي في موقعه الصحيح.

إن العديد من الفعاليات الثقافية، اعتبرت أن الفرصة أصبحت مواتية من أجل التداول والحوار مع الحكومة الجديدة القديمة، من أجل تشخيص الوضعية الثقافية الراهنة بالبلاد، ووضع الأسئلة المختلفة العميقة من أجل تحديد أسباب أزماتها المتراكمة، وإيجاد الحلول المناسبة والممكنة لها. ومن أجل إعادة النظر في منظومتنا الثقافية، ليس فقط بسبب الدعوات المتزايدة للإصلاح في كافة القطاعات، ولكن أيضا بسبب التحديات التي أضحت تملي إرادة التغيير على مغرب الألفية الثالثة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
مَن يقود مَن في المغرب اليوم: سؤال الثقافة أم ثقافة السؤال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السؤال الديني والممارسة السياسية في المغرب الحديث ( 1/1 )
» السؤال الديني والممارسة السياسية في المغرب الحديث ( 1/2 )
» مستقبل الثقافة في المغرب
» إرهاب وهمي يقود إماماً للسجن بتاونات
» عقيد مغربي يقود وفد مراقبين أُمميّين إلى دمشق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ثقافــــة وفنـــــون-
انتقل الى: