مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأدب الجزائري الجديد: محاولة القبض على الزئبق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

الأدب الجزائري الجديد: محاولة القبض على الزئبق Empty
مُساهمةموضوع: الأدب الجزائري الجديد: محاولة القبض على الزئبق   الأدب الجزائري الجديد: محاولة القبض على الزئبق I_icon_minitimeالجمعة أكتوبر 05, 2012 12:36 am



العرب أونلاين- الخير شوار

لا يمكن الحديث عن أدب جزائري جديد مكتوب باللغة العربية، دون العودة إلى جذور التجربة التي تبدو فضفاضة وزئبقية.

من المفارقات أن يكون الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية أقدم تاريخيا للنضج من نظيره المكتوب بالعربية، لأسباب تاريخية معقدّة، ولئن كانت نصوص مولود فرعون ومولود معمري ومحمد ديب قد عرفت هذا النضج في بداية خمسينيات القرن الماضي، فإن الأمر سيتأخر إلى السبعينيات من القرن نفسه عندما أصبحنا نتحدث عن رواية بمعنى الكلمة مكتوبة بالعربية، وكان ذلك مع "ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة و"اللاز" للطاهر وطار.

وإن تأخر بروز الرواية المكتوبة بالعربية إلى عهد قريب جدا، فإن القصة القصيرة كانت أسبق للوجود، وقد كتب المؤلفان نفسيهما أولى نصوصهما في خمسينات القرن الماضي، انطلاقا من "التجربة التونسية" التي استفاد منها كل واحد مثلما استفاد منها كتّاب آخرون، وفي بداية الستينات من القرن الماضي كان الطاهر وطار قد أصدر مجموعته القصصية الأولى "دخان من قلبي" عن إحدى دور النشر التونسية وتضم قصة "نوة" المعروفة أكثر كفيلم سينمائي أخرجه عبد العزيز طولبي سنة 1969، كما أصدر مسرحية "الهارب" ثم مجموعته القصصية "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" التي تحولت حكايتها المحورية إلى واحدة من أشهر المسرحيات الجزائرية لحد الآن.

وقبل أن تنضج تجربته الروائية، عُرف عبد الحميد بن هدوقة قاصا وشاعرا حيث صدرت له "ظلال جزائرية" سنة 1960، ثم "الأشعة السبعة" سنة 1962، وهما مجموعتان قصصيتان، ثم "الأرواح الشاغرة" سنة 1967 وهي مجموعة شعرية.

ولم ينطلق الرائدان الروائيان عبد الحميد بن هدوقة والطاهر وطار من فراغ، بل استندت تجربة كل منهما، إلى كتابات سابقة، هي أقرب إلى الإرهاصات منها إلى التجارب الناضجة على غرار كتابات الراحلين أحمد رضا حوحو، ومحمد سعيد الزاهري وغيرهما كثير، وقد كانت نصوص هؤلاء أقرب إلى مدرسة الإصلاح التربوية منها إلى نصوص أدبية حقيقية وتأثرت بكتابات مشرقية دون أن تتمكن من صنع شخصيتها المستقلة.

وإن تأخر نضج تجارب الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة إلى غاية السبعينات من القرن الماضي، فإن هذه المرحلة من تاريخ الجزائر التي شهدت تحولات سياسية واجتماعية عميقة، أنجبت جيلا من الكتّاب سمي "جيل السبعينيات" الذي اُتهم رموزه في كثير من حالاتهم بتغليب الإيديولوجيا على الأدب ومعظمهم استند على "الواقعية الاشتراكية" كموضة أدبية في ذلك الوقت.

ولئن كانت الرواية والسرد عموما عرف الطريق إلى النضج فإن الأمر كان مختلفا مع الشعر الذي لم تكن الذاكرة قبل تلك الفترة تحتفظ إلا برمزين كبيرين هما محمد العيد آل خليفة أحد أعضاء جمعية العلماء المسلمين ومفدي زكريا الذي سمى "شاعر الثورة"، لكن الشاعرين اشتركا في النزعة الكلاسيكية بحفاظهما على عمود الشعر الذي لم يحاول تكسيره إلا ثلة من الشعراء من أمثال أبو القاسم سعد الله الذي كتب قصيدته الحرة الأولى سنة 1954 ونشرها في جريدة "البصائر" قبل أن يتوقف عن كتابة الشعر ويتجه إلى الدراسة التاريخية الأكاديمية.

وبالإضافة إلى الاتجاه الكلاسيكي الذي برز فيه في سبعينات القرن الماضي الشاعر مصطفى محمد الغماري فإن المرحلة نفسها تشهد ميلاد أسماء شعرية أخرى على غرار أزراج عمر وعبد العالي زراقي وحمري بحري وأحلام مستغانمي التي ستتحول لاحقا إلى الكتابة الروائية، كما برز في السرد أسماء مثل محمد الصالح حرزالله والحبيب السائح ومصطفى فاسي وعمار بلحسن وواسيني الأعرج وجيلالي خلاص وأمين الزواي وغيرهم كثير لم يستمر منهم في الكتابة إلى الآن إلا بعض الأسماء على غرار واسيني الأعرج وأمين الزاوي والحبيب السايح، إنها المرحلة الأكثر إثارة.

ففي سنة 1982، يفاجئ الجميع الروائي رشيد بوجدرة الذي اشتهر قبل ذلك بالكتابة باللغة الفرنسية، عندما تحول إلى الكتابة باللغة العربية ويصدر روايته "التفكك" التي تبعتها روايات أخرى على غرار "يوميات امرأة آرق" و"معركة الزقاق" ويترجم بنفسه بعض رواياته التي كتبها بالفرنسية.

وشهدت مرحلة الثمانينات تحولات عميقة في المشهد الأدبي الجزائري المكتوب بالعربية، وبالإضافة إلى استمرار الرائدين الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة في الكتابة وانضمام رشيد بوجدرة كصوت مختلف وجديد في الكتابة الأدبية المعربة، فإن بعض كتّاب السبعينيات استمروا في الكتابة وبرزت أسماء أخرى ابتعدت عن الإيديولوجيا على غرار احميدة عياشي وعبد العزيز غرمول والسعيد بوطاجين، كما نضجت التجربة الشعرية أكثر ببروز أسماء غير مؤدلجة مثل عاشور فني ولخضر فلوس وغيرهما، لكن المرحلة نفسها عرفت صراعات وخصومات عنيفة مثل تلك التي حدثت بين بوجدرة ووطار واستمرت إلى غاية رحيل الأخير سنة 2010.

وشهدت البلاد تحولا عميقا مع أحداث الخامس أكتوبر 1988 التي أدت إلى ميلاد حساسية أدبية مختلفة جدا، إنه جيل "اليتم" الأدبي كما سمي نقديا بعد ذلك والذي برز أكثر في تسعينيات القرن الماضي واستمر بأشكال مختلفة بعد ذلك، إنه جيل الغربة ومن غربته أن يتمه جاء مضاعفا، فأبناؤه يتامى الأب- الوصي وأبناء لحظة كونية أفرزتها التحولات العميقة في المشهد الدولي مع سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي وتوابعه، وبروز نظريات من قبيل "نهاية التاريخ" وكل النهايات الأخرى.

هذا إضافة إلى التحولات الداخلية مع انهيار مشروع الدولة الوطنية بصيغتها التي بشّر بها أصحاب الخطاب الذي راج في سبعينيات القرن العشرين واصطدم مع ما عرف بأزمة منتصف الثمانيات، لقد كانت معاناة أبناء تلك الحساسية من نوع خاص، ففي التسعينيات غابت دور النشر العمومية ولم تظهر دور نشر خاصة إلا بطريقة محتشمة واختفت منابر النشر من مجلات وملاحق أدبية ذات قيمة، ولم تبق إلا صفحات هزيلة في بعض الجرائد اليومية تظهر وتختفي حسب ظروف كل عنوان مثلما كانت الجرائد تظهر وتختفي، ووجد الكتّاب الجدد أنفسهم يتامى الأبوة الإبداعية مثلما وجدوا أنفسهم يتامى الأبوة النقدية.

فالقلة من الذين نشروا بقيت نصوصهم خارج اهتمام المؤسسة النقدية الرسمية التي واصلت اهتمامها بالأسماء القديمة والمكرسة إعلاميا على حساب علامات روائية جديدة لم تجد من يقرأها، وظهرت الكثير من الروايات المختلفة في الجزائر وكان على كتّاب جيل- حساسية أكتوبر 1988 أن ينتظروا طويلا حتى يتحول بعضهم أو بعض زملائهم إلى أساتذة جامعيين ونقاد ليتناولوا تلك النصوص بالدراسة والنقد، لكن ذلك الشرف لم تنله كل النصوص المهمة التي نشرت منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين إلى منتصف هذه العشرية من القرن الجديد، ومع ظهور أصوات جديدة، يمكن أن نسميها جيل الرقمية الذي نشأ في حضن شبكة الأنترنيت التي شهدت ميلاد أسماء جديدة كثير منها غير معروف، تضاف إلى الأسماء القديمة التي بقيت تكتب من مختلف الاجيال السابقة، لتشكل في الأخير فسيفساء الأدب الجزائري المكتوب بالعربية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
الأدب الجزائري الجديد: محاولة القبض على الزئبق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة ادب وشــــــــــــعر-
انتقل الى: