مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19 (3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19 (3) Empty
مُساهمةموضوع: جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19 (3)   جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19 (3) I_icon_minitimeالجمعة يناير 06, 2012 10:59 pm



المعاهدات التجارية:

إضافة إلى الضغط العسكري، بدأ مسلسل الضغط الاقتصادي الأوربي بإرغام المخزن على التوقيع على اتفاقيات غير متكافئة تستهدف إرساء الدعائم الثابتة للتسرب الأوربي. وإلى حدود بداية القرن التاسع عشر كانت جميع معاهدات السلم والصداقة المبرمة من طرف المغرب مع قوى مختلفة تقضي التعامل بالمثل بين دول متساوية ذات سيادة. ولم يكن بها أي مساس بحرية تصرف المخزن في الشؤون الاقتصادية، بل كان المخزن حريصا على أن لا يضيع من قبضته زمام المبادرة في شؤون التجارة مع الأوربيين وذلك بالزيادة والنقصان في الرسوم الجمركية حسبما تقضيه مصلحة البلاد، إلا أنه مع بداية النصف الثاني من القرن التاسع عشر سيتغير مضمون هذه الاتفاقيات، وهي الحقبةالتي تميزت بظهور النظريات التوسعية في أوربا، والدعوة إلى السيطرة والاستيلاء تلبية للضرورات الاقتصادية والاجتماعية التي كانت ملحة في عدة دول أوربية.

إن هذه الاتفاقيات بما نصت عليه من امتيازات باهضة للتجار الأجانب قد وجهت ضربة عنيفة لاختصاصات السلطان وأضعفت قدرة المخزن على الصمود أمام الغزو الامبريالي بأن حرمته من حرية التشريع الجمركي. ولقد سمح بند" الأمة ذات الأفضلية" لجميع الدول التي عقدت معاهدات مع المغرب بالتمتع بما نصت عليه الاتفاقية الإنجليزية المغربية بتاريخ 9 ديسمبر 1856.

*اتفاقية 1856

منذ سنة 1846 اجتهدت بريطانيا للحصول على تغيير في الاتفاقيات الموجودة فقد كان يهمها أن تزيد من مبادلاتها مع المغرب، لكن مع التأكيد على نفوذها في البلاد، فحجم المبادلات وعدد أفراد الجالية عاملان مهمان في اللعبة الدبلوماسية للقوى الاستعمارية، وكان يهم انجلترا كذلك أن تعوض بالزيادة في المبادلات البحرية تصاعد النفوذ الذي يمكن أن تحصل عليه فرنسا باحتلالها للجزائر، وبالفعل فالمغرب في هذه الفترة كان موضوع مجهودين متعارضين يهدفان إدخاله في تيار أوسع للمبادلات، والمجهود البريطاني يعارضه مجهود تجار منطقة وهران الذين يريدون جعل الجزائر مستودعا للمنتوجات الفرنسية الموجهة إلى المغرب، ويطالبون بإزالة الحواجز على التجارة البرية.

والمخزن الذي كان واعيا بأخطار إطلاق حرية التجارة الخارجية وبالمشاكل التي يمكن أن تنجم عن ذلك في داخل البلاد، والتعقيدات التي قد تنشأ مع القوى الأجنبية إذا منح امتيازا لأحدهما، قد صمد لمدة طويلة، لكن لم يكن المخزن بمقدوره سوى الاعتماد على الحنكة الدبلوماسية. وذلك بمحاولة اللعب على الصراعات بين القوى المختلفة، وطالما بقيت هذه القوى متنافسة فإن مولاي عبد الرحمان استطاع التملص من المفاوضات. لكن ابتداء من سنة 1853 وعندما فتحت إسبانيا وفرنسا دعمها لإنجلترا وجد السلطان عبد الرحمان نفسه أمام حلف يضم كل أوربا، وأصبحت كل إمكانيات الصمود مستحيلة، والمفاوضات التي بدأت في مارس 1853 انتهت بتوقيع السلطان في دجنبر 1856 على اتفاقية عامة من 38 فصل ألحقت بها اتفاقية للتجارة والملاحة، وقد حصلت إنجلترا على عدة امتيازات. ذلك أن الاتفاقية الملحقة تقيم الحرية المطلقة للمبادلات، وتلغي معظم الاحتكارات. كما تم إخضاع حق إقامة الحواجز على صادرات الحبوب لإعلام مسبق، وتقيم حقوقا رسوما جمركية بنسبة 10% من قيمة المنتوج عند الاستيراد. كما اعترفت للرعايا البريطانيين بحق الملكية وأعفتهم من جميع الضرائب والرسوم الجمركية، وفي ميدان القضاء تم الاتفاق على خضوعهم لقوانيين بلادهم. فالحالات التي تهم فقط رعايا بريطانيين تكون من اختصاص قتصلهم، مما يعني أن القضايا أصبحت تسحب من القضاء المحلي لفائدة القضاء القنصلي.

لقد شكل توقيع هذه المعاهدة مسا خطيرا بالبلاد، ذلك أن مراقبة التدخل الأوربي أفلتت من يد المخزن، ففي صراعه ضد الإمبريالية الأوربية فقد المغرب واحدا من أهم أسلحته ألا وهو التشريع الجمركي، كما تخلى عن حقوقه القضائية تجاه الأوربيين وعن جزء من رعاياه.

والامتيازات التي حصل عليها الأوربيون مقترنة بتفوق تقنياتهم وأهمية رؤوس الأموال التي يتوفرون عليها ستسمح لهم بالاستحواذ على معظم التجارة البحرية وجعل المغاربة وسطاء فقط، كما أن الاتفاقية تكرس أولوية النفوذ البريطاني بالمغرب، وتشير إلى نجاح التدخل الأجنبي في المغرب، وانضمام بلجيكا وسردينيا والبرتغال والبلدان المنخفضة إليها يجعل منها ميثاقا يحدد العلاقات بين المغرب وأوربا. بيد أن إسبانيا وفرنسا قد اعتبرتا المعاهدة غير كافية لأنها تتضمن رسوما مرتفعة على الصادرات، ولا تعطي أية ضمانات للمحميين، لذلك أعلنتا تشبتهما باتفاقياتهما مع المغرب مع الاستفادة مما ورد في المعاهدة الجديدة.

لقد أخلت معاهدة 1856 بالتوازن لصالح بريطانيا وبالتالي ساهمت في إذكاء النزاعات بين القوى الثلاث المهتمة بالمغرب ودفعت إسبانيا وفرنسا للمطالبة بامتيازات جديدة تفرز الوضع لصالحهما.

*اتفاقية 1861 مع إسبانيا

لقد كان من شروط الصلح مع إسبانيا إثر حرب تطوان إلزام المغرب بتوقيع معاهدة تجارية مع إسبانيا، وفعلا أمضيت هذه المعاهدة في 20 نونبر 1861 متضمنة 60 فصلا، وتتيح هذه المعاهدة حق الملكية العقارية للرعايا الإسبان، وتفتح أمامهم موانئ المغرب ومصايده الساحلية وتحدد حقوق التصدير، وتؤكد حق الحماية الإسبانية للرعايا المغاربة.

*اتفاقية 1863 مع فرنسا

إن التحفظات التي أبدتها فرنسا تجاه معاهدة 1856 وخصوصا فيما يتعلق بمشكلة الحماية القنصلية تفسر جزئيا طلبها بإبرام اتفاقية جديدة، لكن يدخل في الاعتبار أيضا حاجة رجال الصناعة للتزود بطريقة أكثر سهولة بالصوف من المغرب في وقت ندرت فيه هذه المدة وارتفع أثمان ألياف النسيج الأخرى، وفي الوقت كذلك الذي منع فيه السلطان الوسطاء الأوربيين من شراء الصوف من الأسواق بالداخل. إرضاءًَ للرأي العام الذي حمل مسؤولية ارتفاع أثمان الصوف للاستحواذ الأوربي. فاحتياجات السلطان محمد الرابع المالية، وروحه الإصلاحية، ورغبته في تسوية مشكلة الحماية القنصلية والصعوبات السياسية، كلها عوامل تفسر السرعة التي تمت بها المفاوضات حول اتفاقية يبدو أن أبعادها الحقيقية غابت عن المخزن. لقد كانت من أخطر المعاهدات التي وقعها المغرب مع أوربا في القرن الماضي. ويكفي أن نورد ما كتبه المؤرخ جون لوي مييج في كتابه "المغرب وأوربا" عنها للنتأكد من خطورتها " لم يسبق للمخزن أن أبرم وفقا ذا عواقب خطيرة كهذا، والسبب في ذلك يعود إلى غلط في تقدير الوقت ووزنه أكثر مما يرجع إلى خطورة الوضع السياسي...".

لقد حققت هذه الاتفاقية التي وقعها محمد بركاش مع الممثل الفرنسي بكلارد في غشت 1863، عدد المحميين في اثنين لكل تاجر وبكل ميناء. ويعفون من جميع الضرائب ولا يخضعون مطلقا للقضاء المغربي. كما تنص على منع توقيف المغاربة الذين يعملون في الاستغلاليات القروية بدون سبق إعلام القناصل. لقد كان الهدف من الاتفاقية هو وقف مساوئ الحماية والحد من التدخل الأوربي لكنها في الواقع حولت عن هدفها الأصلي لتصبح إحدى أسس هذا التدخل. وبإضافتها إلى الاتفاقيات الموقعة سابقا مع القوى الأخرى تكون قد فتحت أبواب المغرب على مصراعيها للانتشار الأوربي والاحتكارات الأوربية وامتيازاتها على حساب أهل البلاد، وظهير (4 يونيو 1864) الذي يعلن حرية التجارة داخل كل الدولة الشريفة لم يعمل إلا على إضفاء الشرعية على وضعية أصبح لا مفر منها بسبب أربعيين سنة من الضغوطات الأوربية.

لقد وضعت هذه الاتفاقيات الأسس القانونية لعلاقات المغرب مع أوربا، ومنذئذ أخذ نفوذ أوربا يتصاعد دون أن يستطيع المخزن إيقافه، وازدادت تبعية المغرب لأوربا أكثر فأكثر.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19 (3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19
» جوانب من مسلسل التوسع الأجنبي في مغرب القرن 19 (2)
» حول الإصلاح في مغرب القرن 19 - مقدمات أولية -
» محاكمة القرن في مصر: المؤبد لمبارك
» نقمة زواج الأجنبي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة تـــاريخ وحـضارة-
انتقل الى: