هسبريس ـ حسن الأشرف
قال الحسين بن سعيد، الأستاذ الباحث في جامعة القاضي عياض بمراكش، إن نقص السيولة يؤدي إلى إضعاف الدينامكية الاقتصادية، حيث إن معدلات تمويل الاقتصاد الوطني سوف تتراجع بشكل كبير؛ كون القطاع البنكي هو أهم ممول للاقتصاد الوطني؛ وذلك من جانبين اثنين رئيسين.
ويشرح بن سعيد، في تصريحات لهسبريس، بأن الجانب الأول يتمثل في تمويل استثمارات الشركات والمؤسسات الإنتاجية، أما الثاني فهو تمويل القروض الاستهلاكية، معزيا ذلك إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بشكل عام؛ وهي نفس الوضعية التي تعيشها عدة دول أوروبية، مما دفع العديد من الحكومات إلى ضخ كميات كبيرة من السيولة في أسواقها المالية، أما في ما يخص المغرب فيمكن إضافة عامل تراجع مستوى تحويلات الجالية المغربية في الخارج.
واسترسل المحلل بأن ضعف السيولة وقلة الودائع لدى الأبناك وارتفاع مستوى المخاطر منطقيا يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة على كل المنتجات البنكية رغم تدخل سلطة الوصاية "بنك المغرب" بخفض سعر الفائدة المرجعي.
وتابع بن سعيد: " لا يمكن إغفال أيضا الأثر الكبير الذي خلفته إجراءات الحجز على الحسابات البنكية للأشخاص والمقاولات الذي قامت به إدارة الضرائب قصد استخلاص الديون العمومية المترتبة على هؤلاء، حيث قام العديد من رجال الأعمال بسحب مبالغ مالية مهمة من الأبناك خوفا من أن يطالهم الإجراء".
ولفت المتحدث بأن الإجراء هو جد عاد، وقد يصل إلى درجة استخلاص مباشر لمبالغ مالية من طرف القباض من الحسابات البنكية للأشخاص المدنيين لخزينة الدولة، مشيرا إلى أنه إجراء قانوني تنص عليه مقتضيات مدونة تحصيل الديون العمومية.
وزاد بن سعيد بأن هذه الإجراءات قد بدأت في التفعيل حتى قبل وصول الحكومة الحالية، لكن الجديد ـ يضيف الباحث ـ هو الطريقة التي تناولت بها العديد من المنابر الإعلامية هذا الاجراء، الشيء الذي أدى إلى زرع الخوف في المتعاملين مع المؤسسات البنكية من أشخاص ذاتيين ومعنويين.
وأردف المحلل بأن هذا الأمر، فضلا عن كونه إجراء قانوني وجد طبيعي في الكثير من الدول، فإنه خلق أزمة ثقة بين الأبناك وأصحاب الحسابات المستهدفة، ويمكن إرجاع تفعيل هذا الإجراء في الآونة الأخيرة إلى عدة عوامل، أبرزها شح مداخيل الخزينة العامة للدولة، باعتبار أن هذه الأخيرة ـ خلال ولاية الحكومتين السابقتين ـ كانت تعتمد بشكل كبير على الأموال المحصلة من عمليات الخوصصة للمؤسسات والمقاولات العمومية.
واسترسل بن سعيد أنه فيما يخص التصريح الأخير لرئيس الحكومة، والذي أكد من خلاله إعادة النظر في عمليات الاقتطاعات المباشرة من الحسابات البنكية، فيمكن إدراجه ضمن خانة الإجراءات العادية للحد من الأثر السلبي لهذه الظاهرة، ومحاولة فعالة لإعادة الثقة بين الأبناك والزبناء، مضيفا أنه لا علاقة لذلك مع فرضية تراجع الحكومة عن نيتها محاربة الفساد والمفسدين، أو التغاضي عن الأموال العامة التي سبق أن نهبت واستنزفت بدون وجه حق"، يؤكد بن سعيد.