واشنطن تتجه لخنق إيران عبر إغلاق النافذة العراقية
سلام سرحان: قالت مصادر دبلوماسية إن الولايات المتحدة بدأت تغير لهجتها مع بغداد بشأن تعاملاتها مع إيران، بعد تمادي الحكومة العراقية في مساعدة طهران على الافلات من ضغط العقوبات الدولية.
ويتزامن هذا التحول، الذي يتم معظمه عبر القنوات الدبلوماسية، مع اقتراب الأزمة السورية من نهايتها، حيث تستعد المنطقة لتغييرات كبيرة بعد رحيل نظام الأسد.
ويرى محللون أن واشنطن ستصعد ضغوطها على بغداد، بعد نشر تقارير تؤكد أن الحكومة العراقية لم تدخر جهدا في مساعدة طهران. وبدا ذلك واضحا من تسارع الاتصالات بين واشنطن وبغداد.
فقد أجرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الخميس محادثات هاتفية مع وزير الخارجية العرقي هوشيار زيباري. وقبلها بيومين قام رئيس أركان الجيش الأميركي بزيارة مفاجئة الى بغداد. وتحدثت الخارجية العراقية عن زيارة مرتقبة مهمة لوفد أميركي رفيع الى بغداد "لم تفصح عن المشاركين فيه".
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز بداية الاسبوع، أن العراق قدم مساعدات كبيرة لإيران عبر تهريب النفط والسماح لها باستخدام النظام المصرفي العراقي، بعد أن خنقت العقوبات النظام المصرفي الإيراني.
وحسب محللين، فإن الضغط الأمريكي على بغداد سيتضاعف إذا ما انتهت الأزمة السورية برحيل نظام الأسد، وأن واشنطن ستبذل كل ما بوسعها لعزل العراق عن إيران.
ويبدو أن بغداد بدأت تستشعر الضغوط الأمريكية، وتهيئ نفسها لواقع ما بعد الأزمة السورية. فبدأت بالابتعاد عن نظام الأسد، ونفت بشدة ما ذكره تقرير نيويورك تايمز عن تعاونها مع طهران، بعد أن كانت أطراف في الحكومة العراقية تتباهى بعلاقاتها الوثيقة مع إيران.
ويرجح مراقبون أن يؤدي قطع روابط الحكومة العراقية بإيران الى تغيير الخارطة السياسية في بغداد وطهران. ويضيفون أن الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق، أصبح مصيرها مرتبطا باستمرار روابطها مع طهران، وذلك بعد تراجع شعبيتها في الشارع العراقي.
وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما قد ذكر الشهر الماضي أن مصرف إيلاف الاسلامي في العراق رتب صفقات مالية كبيرة مع مصارف إيرانية فُرضت عليها عقوبات بسبب ارتباطها بالملف النووي الإيراني.
لكن نيويورك تايمز قالت إن بنك إيلاف ليس سوى جزء من شبكة من المؤسسات المالية العراقية، التي ساعدت في تأمين سيولة نقدية للجمهورية الإسلامية، وخففت وطأة العقوبات.
وقال ديفيد كوهين مساعد وزير الخزانة الاميركية إن واشنطن "تواصل جهودها بنشاط لمنع إيران من الافلات من العقوبات المالية الأميركية والدولية، في العراق أو أي بلد آخر".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين حاليين وعراقيين سابقين، إن الحكومة العراقية تغض النظر عن نشاطات مصرفية كبيرة وعن بيع النفط الإيراني عبر الموانئ العراقية وأشكال أخرى من التجارة مع إيران. وأكدت أن بعض المسؤولين العراقيين يحققون أرباحا من تلك النشاطات.
وقال مسؤول أميركي سابق في الاستخبارات، إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يشرف على البنك المركزي العراقي وهو بذلك "في قلب" كل هذه العمليات.
وتابعت الصحيفة ان الحكومة الإيرانية تسيطر على أربعة مصارف تجارية عراقية على الاقل عبر وسطاء عراقيين، وهي تؤمن لطهران دخولا مباشرا الى النظام المالي الدولي الذي يفترض أنها حرمت منه بالعقوبات.
يُذكر أن حجم التجارة بين إيران والعراق ارتفع بسرعة منذ الغزو الاميركي للعراق في 2003 وأنه يبلغ حاليا نحو 11 مليار دولار سنويا.
وردت بغداد على تقرير نيويورك تايمز قائلة إن تجارتها مع إيران المجاورة واضحة وعلنية. ونفت مساعدة طهران على الالتفاف على العقوبات الدولية.