حاول النظام السوري أن يظهر تماسكه بعد تلقيه ضربة انشقاق رئيس الحكومة رياض حجاب، بينما تواصل نزف الانشقاقات في صفوف قواته المسلحة.
وميدانيا تواصل الوضع الأمني متأزما وملقيا بتأثيراته الخطرة على الوضع الإنساني في ظل تحذيرات من مجازر بحق المدنيين.
وفي محاولة لإظهار التماسك والسيطرة، حرص التلفزيون السوري على إظهار الرئيس بشار الأسد مستقبلا سعيد جليلي ممثل المرشد الإيراني الأعلى.
وللمرة الاولى منذ 22 تموز-يوليو الماضي بث التلفزيون السوري صورا للأسد وهو يستقبل جليلي.
وبينت الصور الأسد وهو يقبّل الامين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اثناء استقباله مع الوفد المرافق له عند باب قاعة الاجتماع قبل ان يرافقهم الى مكان اللقاء.
وقرأ ملاحظون في زيارة جليلي لدمشق محاولة إظهار التضامن الإيراني مع نظام الأسد، غير أنهم قالوا إن أزمة الرهائن الإيرانيين لدى الجيش الحر لم تغب عن خلفية الزيارة.
وأحرج خطف 48 إيرانيا في سوريا كلا من دمشق وطهران، ودفع الأخيرة إلى طلب العون من قطر وتركيا لحل المشكلة.
وأعلنت طهران الثلاثاء ان الولايات المتحدة مسؤولة عن حياة الايرانيين الـ48 الذين خطفوا السبت في دمشق، بعدما اعلن المقاتلون المعارضون مقتل ثلاثة منهم في عملية قصف من قوات النظام في ريف دمشق.
وتخشى طهران ثبوت تورطها في القتال ميدانيا إلى جانب قوات الأسد. وبينما يؤكد خاطفو الرهائن أنهم عناصر من الحرس الثوري الإيراني، تتمسك طهران بأنهم مجرد زوار لأماكن شيعية مقدسة في سوريا.
ميدانيا تواصل نزف اللاجئين الفارين من القتال في سوريا. كما تواصلت بالتوازي عمليات الانشقاق عن الجيش السوري.
وأعلنت السلطات التركية الثلاثاء، أن 1137 سوريا بينهم ضباط أحدهم برتبة عميد، عبروا الحدود نحو تركيا.
وذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية "تي أر تي" أنه وصل إلى تركيا هربا من الاشتباكات 1137 سوريا بينهم ضابط برتبة عميد وعقيدان ومقدم واحد، وعبر هؤلاء الحدود إلى تركيا عبر قضاء ريهانلي في محافظة هاتاي.
وفي الأثناء شهدت أحياء في وسط مدينة حلب اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين منذ صباح الثلاثاء، في وقت يقصف الجيش السوري خصوصا احياء في شرق المدينة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان الجيش السوري الحر هاجم ما بين الخامسة والنصف والتاسعة صباحا مقر الجيش الشعبي الذي يقع على الطرف الجنوبي من حي الاشرفية، والذي يوجد فيه "ما بين 300 الى 400 من عناصر الجيش الشعبي والأمن والشبيحة"، بحسب قوله.
على الاثر، حصل قصف مروحي على المنطقة، دفع المقاتلين المعارضين الى التراجع. وعمدوا الى "شن هجوم آخر على مقر الامن الجنائي بالقرب من مستشفى ابن رشد، فقامت مروحيات النظام بقصف محيط المقر ايضا لمنع الجيش الحر من التقدم".
وترافق ذلك مع اشتباكات عنيفة. وانسحب المقاتلون المعارضون مجددا نحو حي الاشرفية الذي يسيطر عليه مقاتلو "وحدات الحماية الشعبية الكردية" التابعون لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي.
وقال عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "المقاتلين الاكراد امنوا الحماية لعناصر الجيش الحر وعبورا الى مناطق آمنة من دون ان يدخلوهم الى المناطق السكنية في حيهم خوفا من استهداف الحي بالقصف".
وقتل ثلاثة مقاتلين معارضين في الاشتباكات.
وذكر المرصد السوري ان هناك قصفا "مركزا وشديدا بالمروحيات والمدفعية من القوات النظامية على احياء صلاح الدين وسيف الدولة "جنوب غرب" والصاخور والشعار "شرق" والسكري "جنوب" وباب الحديد وباب النصر "وسط"".
وراى عبد الرحمن ان هذا "القصف العنيف مقترنا بالحشود المتواصلة يمهد على ما يبدو لعملية اقتحام تنفذها القوات النظامية".
واوضح ان القصف "يجبر عناصر الجيش الحر على الانكفاء الى مناطق اكثر امنا وبالتالي الانسحاب من الشوارع".
وشملت الاشتباكات الثلاثاء منطقة باب انطاكية واحياء باب جنين والعزيزية والسبع بحرات في وسط حلب، بالاضافة الى القصر العدلي في حي جمعية الزهراء "غرب".
وبين القتلى الذين سقطوا الثلاثاء في مدينة حلب سبعة مدنيين.
وحذّرت منظمة العفو الدولية، جانبي القتال في حلب شمال سوريا، من التعرض للمساءلة الجنائية لفشلهما في حماية المدنيين، بعد حصولها على صور جديدة بالأقمار الإصطناعية قالت إنها تُظهر مدى استخدام الأسلحة الثقيلة هناك.
وقالت المنظمة الثلاثاء، إن الصور من حلب والمنطقة المحيطة بها، تثير مخاوف ملحة لمضاعفات الهجوم على المدينة المحاصرة، ويكشف بعضها أكثر من 600 حفرة أحدثتها قذائف المدفعية الثقيلة في القتال الدائر بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المسلحة بجوار ما يبدو أنه مجمع سكني في بلدة عندان القريبة من حلب.
واعربت العفو الدولية عن قلقها من احتمال أن يؤدي نشر الأسلحة الثقيلة في المناطق السكنية داخل وحول مدينة حلب إلى وقوع المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي.
واضافت أن القوات المسلحة السورية وجماعات المعارضة المسلحة مثل "الجيش السوري الحر" يمكن أن تواجه المساءلة الجنائية إذا ما فشلت في حماية السكان المدنيين المحاصرين، مع تصاعد حدة القتال في المناطق الحضرية في حلب.
وقال كريستوف كوتي مدير الاستجابة لحالات الطوارئ في منظمة العفو الدولية إن الأخيرة "ترسل رسالة واضحة لكلا طرفي القتال أن أية هجمات ضد المدنيين سيتم توثيقها بصورة واضحة بحيث يمكن محاسبة المسؤولين عنها لأن تحويل حلب، أكثر المدن السورية كثافة من حيث عدد السكان، إلى ساحة معركة سيؤدي إلى وقوع آثار مدمرة بالنسبة للمدنيين".
واضاف كوتي أنه "يجب على الجيش السوري ومقاتلي المعارضة على حد سواء الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، الذي يحظر تماما استخدام التكتيكات والأسلحة التي لا تميّز بين الأهداف العسكرية والمدنية".
وقالت المنظمة إنها ستستمر في رصد أعمال العنف في مدينة حلب، بما في ذلك من خلال استخدام صور الأقمار الإصطناعية، لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
وجددت دعوة مجلس الأمن الدولي إلى "احالة الوضع المتدهور في سوريا للمحكمة الجنائية الدولية، والتأكيد على أن الجرائم الخطيرة المرتكبة في البلاد تخضع للولاية القضائية العالمية".