مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مولاي إدريس زرهون .. معلمة تاريخية تقاوم الإهمال والنسيان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفجر

الفجر


عدد المساهمات : 295
تاريخ التسجيل : 26/01/2012

مولاي إدريس زرهون .. معلمة تاريخية تقاوم الإهمال والنسيان Empty
مُساهمةموضوع: مولاي إدريس زرهون .. معلمة تاريخية تقاوم الإهمال والنسيان   مولاي إدريس زرهون .. معلمة تاريخية تقاوم الإهمال والنسيان I_icon_minitimeالسبت يوليو 21, 2012 1:31 am

هسبريس ـ إسماعيل عزام

هوية المغرب الإسلامي

كانت أول عاصمة لدولة إسلامية في المغرب، قبل أن تصير مدينة منسية لا يتذكرها الناس إلا عندما يريدون زيارة ضريح المولي إدريس الأول مؤسس الدولة الإدريسية. وبساكنة لا تتجاوز 12 ألف نسمة، تحاول مدينة مولاي ادريس زرهون أن تلحق بالركب الحضاري لعدد من مدن المغرب، وأن لا تكون تابعة بشكل تام لمدينة مكناس القريبة منها، وهي المدينة التي منها عرف المغرب أول دولة إسلامية على الإطلاق.

وبحكم وجودها على جبل زرهون الذي أخذت اسمه إضافة لاسم بانيها، فإن تضاريس هذه المدينة ليست بالسهلة، وتتطلب من المتجول فيها إما أن يكون من أبناء المنطقة الذين تعودوا على قساوة التضاريس، وإما أن يكون ذا بنية جسدية قوية تسمح له بالصعود في سلالم الشوارع والأزقة كما لو أنه يصعد في جبل ما..

ويلعب الحمار دورا محوريا في حياة ساكنة مولاي إدريس زرهون، فصعوبة تضاريس الأزقة الصغيرة جعلت من المستحيل أن تدخل سيارة أو دراجة نارية ما إليها، وبالتالي فالحمار يظل وسيلة التنقل الأكثر شيوعا في هذه المدينة، فدوره لا يتوقف فقط على نقل الناس، بل أيضا في نقل البضائع وحمل الأثقال والمشاركة في التجارة والفلاحة، لدرجة أن هناك عائلات بأكملها في هذه المدينة تدين للحمار بكسرة الخبز التي تقتات منها.

سكان مدينة مولاي إدريس زرهون بسطاء لغاية الحدود، التواضع يغزو ملامحهم، والعفوية هي الغالبة في أحاديثهم، وتشكل الفلاحة أهم مصدر للرزق لديهم، حيث تنتشر أشجار الزيتون والتين والخروب حول المدينة، إضافة للتجارة البسيطة التي تركز بشكل كبير على زوار هذه المدينة من القادمين لضريح المولى إدريس..

ويتراجع ساكنة هذه المدينة عاما بعد عام، فمن 20 ألف نسمة في سنوات الثمانينات إلى حوالي 12 ألف نسمة، والسبب يكمن في قلة الموارد الاقتصادية، والتهميش الذي يقع لهذه المدينة من جهة مكناس تافيلالت، وكذلك مشكل تحفيظ الأراضي حول المدينة وهو الذي منعها من التوسع ومن البناء، يقول محمد بلمو، واحد من أبناء المنطقة ومدير مهرجان بني عمار زرهون، فباستثناء إقامة سكنية يتم بناؤها خلفها، فمدينة مولاي إدريس زرهون ممنوعة من تشييد مساكن جديدة، وبالتالي ممنوعة من الاستمرار في التوسع عكس مدن أخرى تتضخم يوما بعد يوم..

ويلاحظ المتأمل لهذه المدينة أن مبانيها تتدرج بشكل جذاب من فوق الجبل إلى أسفله في شكل هندسي جميل، وهذا التدرج لا علاقة له بأمور طبقية أو اجتماعية، يؤكد بلمو، وإنما هو يعكس عراقة العائلات التي تسكن في هذه المدينة، والتي تترك منازلها لأبنائها في توارث مستمر، حيث إن بيع المنازل أمر جد نادر عند ساكنة هذه المدينة التي يفضل أبناؤها الهجرة للعمل في مدن أخرى، والإبقاء على منزل العائلة قصد العودة إليه أيام العطل..

وتتزين مدينة مولاي إدريس زرهون كل سنة لتحتضن موسمها السنوي الصيفي الذي يدوم أربعة أسابيع، ويبدأ الموسم بحضور أصحاب الزاوية العلمية أو العلميين، حيث يدوم حضور هذه الزاوية يومين تقريبا.

وبعد ذلك يصل المهرجان إلى حفل "لكبير"، وهو حفل يدوم يومين، ويجمع عدة طوائف من بينها عيساوة وحمادشة وغيرهم من أهل التراث المحلي بالمنطقة، وبعد انتهاء حفل "لكبير" يأتي دور القبائل المجاورة كبني حسان وعدد من القبائل الأمازيغية التي تعرض لثقافتها ولتراثها وكذلك لمنتجاتها الفلاحية والتجارية، بحيث يشكل هذا الموسم مناسبة رائعة للمدينة كي تنتعش تجاريا، وهي التي تغط في سبات عميق طوال باقي أيام السنة..

وسط هذه المدينة يوجد قبر المولى إدريس الأول، الذي يعد ضريحه أهم منطقة سياحية بالمدينة، ويقع في ساحة بئر انزران الساحة الرئيسية وسط المدينة، حيث تنتشر المقاهي الشعبية التي توفر للزائر فرصة شرب كأس شاي بالنعناع، أو كأس من "الرايب" البلدي الذي تمتاز به هذه المدينة.

وتنتشر كذلك المطاعم التي تقدم للزائر المادة الغذائية الأشهر بالمدينة: الكفتة، حيث من المستحيل على زائر المدينة – إلا إذا كان نباتيا - أن لا يستمتع بمذاق الكفتة الزرهونية، والسبب في هذا المذاق هو: "حنا كنتهلاو في الخرفان والعجول ديالنا..باش حتا هي تتهلا فينا..زيدها العطرية التي كنديرو فالكفتة.." يقول صاحب مطعم بالساحة.

وفي الساحة كذلك، ينتشر أصحاب المحلات الذين يبيعون ما يسمى بـ "باروك مولاي ادريس"، والباروك هو شراء شيء يتذكر به الزائر المدينة من الحلوى، الاكسسورات، والعطور، والبخور وما إلى ذلك، إضافة للشموع التي يشتريها الزائر من أجل وضعها قرب ضريح المولى إدريس كنوع من الطقوس التي دأب عليها المغاربة..

"هاد التجار غاديا لور لور..بنادم ولا يجي غير يتفرج ما بقا كيشري والو"..يقول عبد السلام، 21 سنة، الذي يعمل أيام العطل في محل والده، باعتبار أنه قد حصل هذه السنة على شهادة الباكالوريا. ونظرا لعدم وجود أية مؤسسة للتعليم العالي بالمدينة، سيتحتم عليه الانتقال إلى مدينة مكناس لاستكمال دراسته.

بوابة كبيرة تلك التي تدعوك لزيارة ضريح مولاي إدريس الأول، حيث يستقبلك شرطي بنظرات ثاقبة ليتأكد من طريقة لباسك، فممنوع الدخول بلباس قصير سواء من طرف النساء أو الرجال، ويتأكد كذلك من سحنة بشرتك ليعرف هل أنت مسلم أم لا، بحكم منع الدخول بالنسبة لغير المسلمين، لتلج بعد ذلك المسجد الذي يتواجد فيه الضريح، حيث يجلس عدد من الفقهاء يتلون آيات من القرآن الكريم، فيما بعض الزوار ـ غالبيتهم من النساء ـ يجلسون على الحصير في جنبات المسجد، يطلبون بركات المولى إدريس..

مدينة مولاي إدريس زرهون تجمع بين بياض المدن الساحلية المغربية، وعراقة عمارة المدن القديمة المغربية، عبق تاريخي أصيل بين أزقتها، ومنظر ساحر ذلك الذي تشاهده بعد أن تصعد عددا من سلالم أحيائها.

وهناك تتجلى أمامك المدينة بشكل كامل، وتشاهد أيضا جبلا يتخذ شكلا قريبا من شكل خارطة المغرب، وتتراءى لك الحامة الشهيرة بالمدينة التي تداوي الكثير من الأمراض ـ والتي للأسف تصادف وجودنا مع انطلاق أشغال منعتنا من زيارتهاـ ، فمشقة الوصول إلى هذا المنظر الجميل لا يمكن أن تنسى سوى بصورة تبقى شاهدة على زيارة للعاصمة الإسلامية الأولى للمغرب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
مولاي إدريس زرهون .. معلمة تاريخية تقاوم الإهمال والنسيان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة تـــاريخ وحـضارة-
انتقل الى: