مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الترمل بواحة تافيلالت (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

الترمل بواحة تافيلالت (1) Empty
مُساهمةموضوع: الترمل بواحة تافيلالت (1)   الترمل بواحة تافيلالت (1) I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 27, 2011 8:18 am


مَحمد المولودي.
باحث جغرافي


تعرف الواحات الواقعة في الجنوب الشرقي المغربي اختلالا في توازن المنظومة البيئية. فإلى جانب انخفاض السدم المائية وتدهور الغطاء النباتي، وارتفاع ملوحة التربة...، فإنها تعاني اليوم من ظاهرة الترمل التي ما فتئت تهدد السكان في مصدر تعيشهم، مما يجعل هذه المناطق مسرحا لأنماط تدهور يصعب التغلب عليها.

وأمام تزايد حدة الترمل، بات من الضروري تقصي الحقائق لتحديد أنجع أساليب التدخل في الوسط الواحي وإعادة تأهيله وحماية موارده. ومن هنا فهو في أمس الحاجة إلى مناهج بحث تسمح بضبط الظاهرة وتحديد آلياتها؛ وذلك بالتمييز بين ما هو مرتبط بالعوامل الطبيعية من جهة، والديناميات التي تنشطها الظروف البشرية من جهة أخرى.

هذه المقاربة تنطلق من رصد "ممارسات الفلاحين" باعتبار الفلاح "مقررا وفاعلا"، وتهتم بطريقة تبني تقنيات مكافحة الترمل إن على مستوى الاستغلاليات أو على مستوى المحيط العام. ففي هذه المناطق التي تعيش صعوبات طبيعية جمة(ندرة الماء، الترمل، الملوحة، ...)، عمل الإنسان على تطوير معارف ومهارات محلية مكنته إلى اليوم من الاستمرار في التعيش، وذلك بحماية النسق البيئي وتدبير الموارد بطريقة عقلانية ومستديمة (ماء، رعي، حيازات زراعية...). ومقابل ذلك، عملت الدولة في إطار المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي وإدارة المياه والغابات على تبني عدة برامج لتهيئة وصيانة الأنساق الزراعية (مكافحة الترمل، إعادة التشجير، تحسين المراعي...). ومن هنا ضرورة رصد حدود تدخل كل من الدولة والسكان من منظور الحفاظ على توازن النسق البيئي الواحي وإرساء قواعد التنمية المستديمة.


I- الإطار الجغرافي العام لواحة تافيلالت.

تقع واحة تافيلالت في الجنوب الشرقي للمغرب، تحدها حمادة ﮔير شرقا والأطلس الصغير غربا وحمادة ﮔمﮔم جنوبا والأطلس الكبير الشرقي شمالا. وتتميز المنطقة بسيادة مناخ قاحل وجاف، وبتساقطات مطرية نادرا ما تتجاوز متوسط 200 ملم/السنة. ويمكن أن تحدث الأمطار العاصفية فيضانات هامة في الأودية قد تترتب عنها خسائر مادية وبشرية. أما الغطاء النباتي السائد فيتمثل في الجفافيات Xérophytes وchamophytes وGéophytes التي تنتشر بشكل متفرق. تضم المنطقة وحدات جيومرفلوجية جد متميزة وهي:
"سهل تافيلالت": يشكل منخفضا رسوبيا ناتج عن عوامل التعرية التي تنقلها أودية زيز، غريس. تتراوح نقط الارتفاع به ما بين 700 و 800م.
الحمادات (الهضاب) الكلسية للكريطاسي بمسكي في الشمال بعلو يتراوح ما بين 1000-1100م.
الزمن الثالث لكَير في الشرق (900-1150م).
الكتل والأعراف الكوارتزية المنتمية للزمن الأول (جبل أوكَنات غربا، جبل بومعيز جنوبا: 900-1000م).

وتمتد الواحات على شكل أشرطة خضراء على طول الأودية (زيز، غريس، كَير) المنحدرة من الأطلس الكبير (3000-3500م)، حيث تغدي الواحات بالماء والإطماءات (بسعة 15-30م) التي تتراكم بعد الفيض الذي يغطي سافلة أحواض الصرف.

ترتبط ظاهرة التصحر والترمل بالظروف المناخية القاسية( ). وبتزايد الضغط البشري. ويتجلى مسلسل التصحر في الجنوب الشرقي عامة وواحة تافيلالت خاصة في عدة مظاهر منها: تملح التربة، اجتثاث الغطاء النباتي، تراجع السدم المائية، التعرية المائية والريحية( ). وسنقتصر في هذا المقال فقط على رصد مظاهر وآليات الترمل بسهل تافيلالت وبعض هوامشه باعتباره يقدم مثالا حيا وواقعيا لزحف الرمال وتراكمها.


II- مفهوم التصحر.

التصحر( ) مفهوم واسع أخذ يستأثر الاهتمام الدولي منذ السبعينات. وهو يعبر عن درجة اختلال توازن الأنظمة البيئية (تدهور البيوحيوي، انخفاض الإنتاجية...) بحيث تصبح هذه الأخيرة عاجزة على توفير المتطلبات الضرورية للإنسان والحيوان. وهكذا، وعلى مستويات مختلفة تحولت عدة مجالات كانت متوازنة في السابق إلى مناطق جدباء عن طريق التذرية. وقد قدر برنامج الأمم المتحدة حول البيئة أن التصحر يهدد حوالي 3/1 القارات، أي 48 مليون كلم2، ويهدد حياة حوالي 850 مليون نسمة. وقدرت اليونسكو أن حوالي 100000 هـ بشمال إفريقيا ستتعرض لخطر زحف التصحر كل سنة. عرف عدد من الباحثين التصحر كما حددوا أسبابه. وهنا نشير إلى بعض هذه التعاريف: - مجموعة من الأفعال التي تتجسد في تقلص الغطاء النباتي مما يؤدي إلى توسع جيوب صحراوية جديدة. هذه الأخيرة تتميز بوجود الرقوق والحمادات و الكثبان الرملية. - التصحر مشكل مركب تتداخل في تحديده العوامل الطبيعية والأنماط البشرية (الديموغرافيا، التطورات العلمية والتيكنلوجية، الإرث الاجتماعي والاقتصادي، المناخ الدولي). - التصحر هو انعكاس للجفاف الناتج عن الأنشطة البشرية بحيث تصبح قدرة حمولة الأرض متجاوزة.

وقد عرف برنامج الأمم المتحدة التصحر ( يونيوه 1992) بأنه:" تدهور الأراضي في المنظومات القاحلة وشبه القاحلة وشبه الرطبة الجافة نتيجة تأثير التدخلات البشرية المختلفة".

على المستوى الوطني بالأراضي القاحلة وشبه القاحلة يهدد خطر التصحر 90% من مجموع التراب الوطني( ) انطلاقا من جنوب خط أكَادير - ورززات - الرشيدية. ويبين الرسم الموالي مسلسل ظاهرة الترمل.

الترمل في مسلسل التصحر

يظهر جليا أن تشكل الكثبان هي المرحلة النهائية للتصحر، وهي نتيجة مزدوجة للعوامل الطبيعية والبشرية.


1- توزيع الكثبان الرملية بالواحة:

تتكون الكثبان تحت تأثير كثافة التعرية الريحية. وترتبط آلياتها بنقل جزيئات التربة وترسيبها. ولذلك احتمل بعض الباحثين أن تكون حركات الهواء الأفقية تؤدي إلى نقل الجزيئات. بينما أكد آخرون على كون تحرك الجزيئات رهين بحجم هذه الأخيرة وبالطبوغرافيا وخصائص التربة. وفي ما يخص نقل الحبات، فتتم عبر خمس حركات وهي: الاقتلاع Arrachement، الدحو Roulage، النقوز Saltation (0.05 إلى 0.5 ملم)، الدحرجة Reptation (0.5 إلى 1 ملم) والنقل Suspensionالعلائقي (0.03 إلى 0.1 ملم). ويتم الترسب بواسطة عمليتي الرثق Accrétion والحواجز. وهكذا تتراكم الكثبان حول حاجز ما كان طبيعيا أو غير ذلك، حيث أن مقاومته للرياح تؤدي إلى ترسب الجزيئات. ويتمثل مسلسل الرياح في ثلاث مستويات:

التعرية الريحية: عن طريق التآكل Ablation، التذرية Déflation، والسفي Vannage.
نقل الجزيئات وظهور الكثبان المتحركة (البرخان، وكثبان خطية من نوع سيف Sif).


2- مصادر الرمال:

رغم صعوبة تحديدها هناك فرضيتان: الأولى من مصدر محلي، والثانية من مصدر بعيد، وخاصة من صحاري الجنوب والجنوب الغربي.

لقد أكدت التجارب التي أنجزت في إطار مشروع الفاو (F.A.O) الهادف إلى "حماية الواحات من الترمل" على هيمنة الرمال من أصل غريني. فالتوزيع والشكل والأبعاد الحالية للكثبان كما دأبت التحليلات الرسوبية والحبيبية بينت هيمنة الرمال من مصدر نهري. وهنا يلعب الماء دورا أساسيا في مسلسل تراكم الكثبان الرملية وخاصة بعد نقل الاطماءات المقتلعة من مختلف أحواض الصرف (مثل الحث، الشيست، الصخور المفككة..)، حيث يعمل على ترسبها في درجات بمناطق الفيض. ولذلك يمكن الحديث عن الأصل المحلي للترمل. ومقابل ذلك، يعتبر ما تنقله الرياح البعيدة ضعيفا، ولا يكون سوى جزيئا صغيرا من ذرات الغبار التي ترسبها الرياح بهذه المناطق.

وهكذا يكون المصدر الرئيسي للرمال هو التعرية التي تخضع لها أحواض صرف الأودية الأربعة وهي درعة، زيز، غريس وكَير والتي تهم أقاليم ورززات، الرشيدية وفكَيكَ. هذه الأودية بسبب خاصيتها العاصفية وتشابكها أحيانا كانت تنقل لمدة جيولوجية طويلة رواسب ضخمة من مواد الغرين( )، وتعمل على ترسيبها بالمناطق الفيضية.

وبخضوعها للتذرية وللسفي المتكرر وللنقل الريحي، تشكل هذه الرواسب الغرينية قلاع رملية voiles sableux تتخذ أشكالا متعددة في المجال تبعا لاتجاه الرياح وسرعتها. (خريطة رقم 1). تغطي الكثبان الرملية عدة واحات بتافيلالت. وتهدد اليوم قنوات السقي والخطارات والطرق والسكن (القصور). وتختلف درجة الترمل من قطاع إلى آخر. وتبقى الواحات الموجودة على طول ضفتي وادي غريس أكثر عرضة للترمل. لكن الرمال لم تمس بعد وسط هذه الواحات(تيزيمي، فزنا). وحسب تقرير برنامج الفاو (1986) FAO/TCP/MOR/4506 فإن حوالي 5000 هـ من الأراضي فقدت. وقد ترتب عن تراكم الكثبان تكون البرحان والغورد والنبكات. وهي كثبان قد يصل متوسط علوها 4م، وخاصة على الهوامش.


III- تضخم ظاهر الترمل.

إلى حدود الساعة، ركزت جميع الدراسات التي عالجت ظاهرة الترمل بالجنوب الشرقي المغربي اهتمامها على تقدم جبهة الرمال بدون أن تصل إلى تحديد وتيرة هذا التطور في الزمن. وما يؤكد ذلك أن الذاكرة الجماعية بهذه المناطق لم تشر إلى وجود ترمل بهذه الضخامة إلا مع نهاية الستينات، خاصة بعد أن أصبحت الظاهرة تشكل تهديدا حقيقيا لمنطقة تافيلالت. وقد حاولت بعض الدراسات( ) تكميم الظاهرة وتحديد تطورها عبر الزمن كما يلي:

عرفت منطقة تافيلالت عاصفة رملية سنة 1977، إذ اكتسحت الرمال حوالي 16 هكتار من الأراضي الزراعية بواحة الجرف، وثلث قصر حنابو، أي حوالي 78 مسكنا( ).

وأوضحت دراسة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بتافيلالت، أن الأراضي الزراعية التي غطتها الرمال بكل من واحة حنابو والكراير وأولاد غانم للفترة ما بين 1958 و1987 تقدر بـ 208 هكـ، وبتحليل المعلومات المكتشفة على الصورة الجوية يظهر ما يلي:
ففي الفترة ما بين 1979 - 1987، انتقلت المساحات المرملة من 78 هكـ إلى 98 هكَـ، أي بزيادة 20 هكـ في ظرف 8 سنوات. وتمثل هذه المساحة 4% من مجموع مساحة الواحة، بينما يقدر الفقدان السنوي من الأراضي الزراعية بـ 2,5 هكـ. وهذه النسبة مهمة جدا عند مقارنتها بمتوسط حجم الاستغلاليات الزراعية (0,93هـ)، حيث تمثل تلك التي تقل عن هكتار واحد أكثر من 70% ( ).
وبواحة أولاد غانم قدرت المساحة المرملة بـ110 هكـ، أي ما يمثل 57,5% من مجموع مساحة الواحة، وهو ما يعادل في المتوسط 118 استغلالية.

تبين هذه الأرقام تضخم ظاهرة الترمل التي أفقدت 223 أسرة من حيازتها الزراعية خلال هذه الفترة. فالترمل أضحى يمس مصدر عيش السكان الذين يعتمدون على اقتصاد الكفاف، الشيء الذي ترتب عنه هجرة السكان( )

بعض الأمثلة بواحة تافلالت

حنابو غطت الرمال حوالي 3/1 الأراضي. وقد حاول الفلاحون الحد من الظاهرة ببناء أسوار من التراب. هذه التجارب لم تستطع بلوغ نتائج معينة. فالكثبان تتقدم بمتوسط 10 إلى 20م/السنة.

الكراير غطت الرمال حوالي 60 هـ، وتتقدم بطريقة غير منتظمة. وحسب تقدير الساكنة فإن التراكمات الرملية الأولى كانت مع الأربعينات، حيث تتطور بمتوسط 10 إلى 15م/السنة. البويا لقد اجتاحت الرمال نصف مساحة الواحة حاليا. ومنذ 70 سنة كانت ضعيفة الترمل.

تنغراس تغطي الرمال حاليا 12 هـ، وقد تقدمت الرمال بمتوسط 100م في ظرف 27 سنة.

الدوار ترملت 60% من الخطارات، وترمل 4/1 إلى 3/1 الأراضي المسقية.

أولاد جميع ترملت 50% من الأراضي. وتتقدم الرمال بمتوسط 400م منذ 1950.

فزنا منذ 1984 ترملت جل مصادر عيون الخطارات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
الترمل بواحة تافيلالت (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الترمل بواحة تافيلالت (2)
»  جوانب من طقوس عاشوراء بواحة فركلة
» تافيلالت، من التجمع الحضري إلى التشتت القروي (2)
» تافيلالت، من التجمع الحضري إلى التشتت القروي (1)
»  الحكاية الخرافية بواحة فركلة (نموذج الذئب والقنفد)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة واحـــة وسياحـــة-
انتقل الى: