مغاربة ونفتخر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإنسان كائن متحضر بطبعه - 1 -

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ادارة المنتـدى
Admin
ادارة المنتـدى


عدد المساهمات : 1842
تاريخ التسجيل : 01/11/2011

الإنسان كائن متحضر بطبعه - 1 -  Empty
مُساهمةموضوع: الإنسان كائن متحضر بطبعه - 1 -    الإنسان كائن متحضر بطبعه - 1 -  I_icon_minitimeالسبت أبريل 07, 2012 1:24 am


زهير قاسيمي

إن المقارنة بين نمط العيش الحضري ونمط العيش القروي، كانت ومازالت من بين أهم القضايا الفكرية التي شغلت علماء الاجتماع خصوصا علماء الاجتماع الحضريين ، ويعتبرا إبن خلدون من علماء الاجتماع الأوائل الذين اهتموا بالبحث في أصل العمران البشري ووضع أسسه كعلم ، فقد درس هذه العلاقة بين القرية والمدنية وأعطاها بعدا محوريا في فهم ميكانيزمات تطور الجنس البشري/

لكن بعد الثورة الصناعية وأمام انكسار سلاسل الإقطاع ودخول القطار القرى النائية في أوروبا ستتبلور أفكار جديدة ستضفي على الاجتماع الحضري طابعا أكثر عمقا في دراسة ظاهرة التمدن ، سيتبناها مجموعة من علماء الاجتماع ، نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر ، كارل ماركس ، ماكس فيبر ، جورج سيمل ، وغيرهم من علماء الاجتماع . فماهو الفرق بين الحياة القروية والحياة الاجتماعية الحضرية؟

يعرف عن علم الاجتماع الحضري بأنه ذلك العلم الذي يدرس الاجتماع الإنساني في المدن بما في ذلك تحليل المدينة باعتبارها ظاهرة اجتماعية في حد ذاتها ، ودراسة ظواهر اجتماعية تحدث في المدينة بالخصوص/

إن علماء الاجتماع وهم يحاولون دراسة ظاهرة التمدن ينطلقون إما جهرا أو ضمنيا من النموذج القروي باعتباره الحالة الأولى التي تسبق العيش الحضري ، لكن هذه الدراسة لم تترسخ بشكل كبير إلا في القرن الرابع عشر مع مؤسس علم العمران البشري عبد الرحمان بن خلدون من خلال كتابه التاريخي ″كتاب العبر وديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر "حيث دلته معاينته وملاحظاته للتجمعات البشرية ، إلى أن هناك مجموعة من الوقائع الاجتماعية لا تبنى بشكل عشوائي بل هناك أسباب وعوامل تساهم في حدوث هذه الوقائع وانتظامها ، أهمها أن ″الإنسان مدني واجتماعي بطبعه ... فإذن هذا الاجتماع ضروري للنوع الإنساني وإلا لم يكمل وجودهم ، وما أراد الله من اعتمار العالم بهم واستخلافه إياهم وهذا هو معنى العمران الذي جعلناه موضوعا لهذا العلم″.

توصل ابن خلدون بعد دراسته للتجمعات السكانية أن التركيبة التي خلق بها الله سبحانه وتعالى البشر جعلتهم خاضعين لنظام الطبيعة الإلهية وهي ضرورة الاجتماع والتمدن، حيث اتخذ من النموذج العربي الإسلامي والمغاربي الإطار المرجعي الذي استوحى منه أساليبه ومفاهيمه وقوانينه الأساسية التي بنى عليها فلسفته التاريخية. ومن القوانين الأساسية التي توصل إليها قانون الأطوار الثلاث التي تحكم تطور الجنس البشري:

1- النشأة والتكوين : حيث تمثل هذه المرحلة بداوة المجتمع ، التي يقتصر فيها الأفراد على الضروري من العيش ، وتتميز هذه المرحلة بشجاعة الأفراد وسيادة حكم القبيلة وقوة العصبية.
2-النضج و الاكتمال: حيث ينتقل فيها المجتمع القروي من مرحلة البداوة إلى مرحلة الحضارة ومن ضنك العيش إلى الرغيد منه ، وفيها يستقر الملك وتزداد ظروف الحياة رفاهية ورخاء ، ويتجه الناس إلى تقسيم العمل بين الأفراد وإبداع الصنائع ويتطاولون في البنيان والعمران وتضعف الخشونة والعصبية.

3- الهرم والشيخوخة : في هذه المرحلة يبلغ العمران والترف غايته، ويسود البذخ والكسل أفراد المجتمع وتسقط العصبية لتبدأ دورة جديدة تمر بنفس المراحل السابقة.
من هنا يبدو أن قطب المدينة أقوى من قطب البادية ولعل هذا ما عبر عنه ابن خلدون بقوله : ″ولهذا نجد أن التمدن غاية البدوي يجري إليها ، وينتهي بسعيه إلى مقترحه منها ، ومتى حصل على الرياش الذي يحصل له به أحوال الترف وفوائده ، عاج إلى الدعة وأمكن نفسه إلى ما بالمدينة وهذا شان القبائل المتبدية كلهم ، بينما الحضري لا يتشوق إلى أحوال البادية إلا لضرورة تدعوه إليها أو لتقصير من أحوال أهل مدينته".

إلا أنه رغم ذلك فنمط العيش القروي يعد هو الأساس الذي ينبني عليه التحضر فجميع الشعوب اليوم التي تعتبر نفسها متحضرة وتمتلك مقومات التحضر، مرت من مرحلة البداوة قبل أن تحقق هذا التقدم المدني فكل جيل من الأجيال إلا ويحمل بين ذراعيه أساليب جديدة في العيش فيطور ما تركه الآباء والأجداد فيقول ابن خلدون:″ اعلم أن اختلاف الأجيال في أحوالهم وإنما هو اختلاف نحلتهم من المعاش ، فإن اجتماعهم إنما هو تعاون على تحصيله والابتداء بما هو ضروري منه ونشيط قبل الحاجي والكمالي".

وقد أشار ابن خلدون لهذا الانتقال التدريجي من القرية إلى المدينة واعتبر ذلك حتميا " لأن أهل البداوة إّذا انتهت أحوالهم إلى غايتها من الرفه والمكسب دعاهم ذلك إلى السكون والدعة التي في طبيعة البشر فينزلون إلى المدن والأمصار ".

إذا كان الإنسان في نظر ابن خلدون بفطرته يسعى إلى تطوير نمط عيشه ، فإن هذا لم يمنعه من محاولة وضع أسباب موضوعية لهذا التطور، مثل تأثير البيئة الجغرافية على أخلاق وعادات الشعوب فالقرى غالبا ما تكون في المناطق الجبلية البعيدة وتحمل عددا قليلا من السكان أما المدن فتضج بالسكان وتكون في المدارات ففي كتابه المقدمة يقول ابن خلدون " ومن هذا العمران ما يكون بدويا وهو الذي يكون في الضواحي وفي الجبال وفي الحلل المنتجعة وفي القفار وأطراف الرمال ومنه ما يكون حضريا وهو الذي بالأمصار والقرى والمدن والمدر" فالجبال تتميز بوعورة مسالكها وبجوها البارد أما المناطق الاستوائية فهي تكون حارة وجافة لذلك يكون نمط العيش في هذه المجالات الترابية يميل إلى البداوة ، أما الحضارة فحسب ابن خلدون تكون في المناطق المستوية لأن مناخها معتدل وأكثر جاذبية للتجمعات السكانية.


,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://elkasmi.mountada.net
 
الإنسان كائن متحضر بطبعه - 1 -
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مغاربة ونفتخر :: . :: بـوابــة تـــاريخ وحـضارة-
انتقل الى: